| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

د. أكرم هواس

 

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 13/4/ 2011

 

صبيحة الثورة (5).... دعوة الى طرح مشاريع واقعية بديلة

د. اكرم هواس  *

في الحلقة الثالثة تحدثنا عن ظهور مؤشرات امبريونية لحراك سياسي في العراق كنتيجة اولية للمظاهرات. بعض هذه المؤشرات كانت ايجابية من حيث اقتناع الجميع بضرورة تحريك المواقف و اجراء تغييرات و العمل بشكل اكثر جدية في مكافحة الفساد. طبعا كل هذا الكلام مازال في طور الكلام الذي يلفه الكثير من الغموض بالاضافة الى الافتقار الشديد للرؤية و الاليات التي تحول هذا الكلام و الرغبات الى واقع سياسي و اقتصادي و اجتماعي وثقافي يمكن ان تؤسس لبناء مجتمع عراقي جديد.

في المقابل ظهرت مؤشرات سلبية من اخطرها العودة الى فراغ سياسي تام يدار البلاد فيه من خلال الامبراطوريات الحزبية و ميليشاتها العسكرية بشكل مباشر مما يؤدي الى اعادة الحشد و التجييش للناس بمستويات خطيرة اقل ما يقال عنها انها لا تخدم البلد و لا الناس, لا حاضرهم و لا مستقبلهم كما انها ستقضي على البقايا المتواضعة من القيم الانسانية المشتركة. بكلام اكثر وضوحا فان المخاطر هي تقسيم العراق ليس الى الاجزاء الثلاثة التي كثر الحديث و تعددت المشاريع عنها و حولها بل الى كانتونات صغيرة لا تملك اية مقومات للعيش بشكل طبيعي و لذلك فان الخيارات تضيق امامها و ربما تنتهي عند حد العودة الى نمط غزوات القبائل و ثقافة الغنيمة التي تستند الى شرعيةالغريزة الاولية للبقاء على الحياة !

الكلام عن عودة جيش المهدي ربما يندرج في هذا الاتجاه فهو من جهة يؤشر الى انكفاء مشروع دولة القانون والذي على اساسه اطاح نوري المالكي بطموحات القائمين على هذا الجيش و من جهة اخرى فان العودة المرتقبة تعني ايضا سقوط ادعاءات الولايات المتحدة بالخروج التام من العراق و بالتالي الاعتراف بالعجز في محاولة بناء جيش وطني يكون احد مؤسسات الوحدة الوطنية.

من المؤكد ايضا ان هذا الكلام عن عودة جيش المهدي يتماشى مع الحالة الثورية الجديدة في العراق و هو يستند الى شرعية مقاومة الاجنبي بكل الطرق الممكنة التي انتهجها الصدريون و غيرهم, كما ان توقيت هذه الدعوة يتوائم مع الموعد المتفق عليه مع الامريكان حول خروج قواتهم نهاية السنة الحالية, و لكن هناك مخاوف جدية بان تكون هذه الدعوة هي بالون اختبار و نوع من التهديد للحد من الحالة الثورية نفسها حيث سيتم اختزال الحالة الثورية الى المقاومة للوجود الاجنبي بعيدا عن مطالب الناس بالحرية و الخدمات و مكافحة الفساد .... الخ.

في المحصلة النهائية فان احتمالية العودة الى الميلشيات و الحكم المباشر لمنظومة الامبراطريات الحزبية و غيرها انما تؤشر الى حقيقة مرة لعبت دورا كبيرة الى ايصال الامور الى ما هي عليه الاوضاع في العراق و هي حقيقة خلو البلاد من وجود اية مشاريع وطنية جدية وواقعية اي قابلة للتطبيق. فالمشاريع المطروحة من قبل جميع الاحزاب السياسية منذ سقوط النظام السابق اماهي مشاريع طائفية او مناطقية او هي مشاريع مستنسخة من تجارب الشعوب الاخرى و تستند الى ظروف تاريخية و مادية مختلفة مما يجعلها غير قابلة للتطبيق و بالتالي فهي مشاريع وهمية لا تخدم الا مشروعية تواجد و عمل هذه الاحزاب كما ان المشاريع الطائفية و المناطقية لا تؤدي الا الى المزيد من التشظي و الصراع و بالتالي ايضا تخدم المصالح الحزبية دون غيرها.

بناء على هذا الاساس فان جميع القوى و المنظمات و المثقفين و الحالمين بعراق جديد مستقر مدعوون ان يطرحوا افكارهم حول كيفية بناء البلد بعيدا عن كلاسيكيات التكفير و التحقير و السب و الشتم و التجريح. الاسس المهمة التي يمكن ان تشكل اللبنات الاولية الحقيقية هي الانطلاق من الواقع المادي المتردي بما فيها من مسلمات ايديولوجية و دينية وعلمانية و اثنية و...و..و غيرها. كل شيء يجب ان يطرح للمناقشة البناءة. النظريات واللاقوال والاحاديث و كل العموميات و التاريخيات هي مدعاة لللاحترام و هي ليست مشكلة في ذاتها بل المشكلة تكمن في التوقف عندها في زمن يحتاج الى الدقة و سرعة العمل. اننا يجب ان ندرك بان الواقع يتجاوز اية افكار مسبقة واكثر النظريات امكانية للتفعيل و احتمالا للتطبيق هي تلك التي تنطلق من الواقع حتى الاحلام فهي بحاجة الى تفسير يربطها بالواقع و هذا ما فعله الاقدمون فهل نستطيع نحن ايضا ان نفعل ذلك و ان نوجد نموذجنا الخاص؟

هذا هو السؤال المطروح على الجميع و اعتقد ان الكثيرين يستطيعون ان يساهموا في وضع الاسس الواقعية لمشروع البناء و العقل.

 

صبيحة الثورة (4) .. ربيع العرب ام مبدأ الكوكا كولا ؟
صبيحة الثورة (3) .. حراك سياسي و انتصار اول
صبيحة الثورة (2).... نداء الى الثوار
صبيحة الثورة (1).... ثورة العقل و البناء
 

* اكاديمي عراقي - الدنمارك

 

free web counter