| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. أكرم هواس

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 8/3/ 2011

 

صبيحة الثورة (3).... حراك سياسي و انتصار اول

د. اكرم هواس  *

الان و قد خرجت الجماهير في جمعتين متتاليتين, هل يمكننا ان نتحدث عن نوع من الحراك السياسي؟ لاشك ان هناك مؤشرات بهذا الاتجاه و ان كانت ما تزال غير ناضحة المعالم. فالجميع بدأ بركوب الموجة و الدفاع عن حق المتظاهرين غير القابل للتجاهل بينما اصدرت الحكومة مجموعة تصريحات لا يعرف احد ان كان يمكن تطبيقها عمليا و باية درجة و في اي زمن.

المهم ان هناك شيء ما بدأ يتحرك و هذا يسجل انتصارا اولا او اوليا في شوط النضال و الجهاد من اجل بناء المجتمع العراقي على اسس تنموية بدلا من الاسس الفوضوية السائدة. هذا الحراك الاولي يؤشر الى توجه قد يخرج العراق من ثقافة (... هذا قدرنا ....و شنو نكدر نسوي...) الى ثقافة البحث عن البديل التي تشكل اولى مراحل خلق ظروف و قناعات مختلفة و بالتالي ايجاد نموذج اكثر اشراقا.

طبعا يجب الانتباه الى راكبي الموجة فالبعض يبحث عن جديد او استثمار جديد لدوره محليا و عالميا كما ذكرنا في الحلقة الاولى و لكن هذه الحقيقة ينبغي ان لا تمنع التفاعل مع كل القوى باتجاه دفعها الى البحث عن بدائل. كما ان بعض اجراءات الحكومة باقفال مقرات هذا الحزب او ذاك ينبغي ان لا يفهم منها الجانب السيء فقط. نعم من المؤكد ان مثل هذه الاجراءات تتوافق تماما مع العقلانية التقليدية الطاغية بشكل مفرط, الا انها تؤكد ايضا و بشكل واضح ان الجهات اصحاب القرار قد مللوا ايضا حالة الركود و الركون الى القدرية التي اشرنا اليها.

انه من المفيد لنا ان ندرك ان الحراك السياسي بقدر ضرورته كمقدمة لتغيير اكبر و اوسع و اكثر جذرية مثله مثل كل تطور اخر لا يأخذ منحى احادي الاتجاه و التوجه. الحراك السياسي هو تغيير لميكانيزمات النظام السائد ومن المنطقي ان اي تغيير في هذه الميكانيزمات ولو كان بسيطا فانه سيؤدي الى خلل في النظام بشكل ما و هذا الخلل يأتي بنتائج قد تكون غير متوقعة او غير مرغوبة من هذه الجهة او تلك و في اسوأ الاحتمالات قد تكون النتائج وخيمة بدرجة او بأخرى..... و لكن.... هذه هي اللعبة للاسف في مجتمات لا تعرف معنى التغيير ولا  تقر مبدأ الحق الانساني في البحث عن بدائل. المجتمات المبنية على اسس القوالب الثابتة و مركزية القرار في كل ما يتعلق بحياة الفرد و الجماعة لا تتسامح مع اي نوع من الاختلاف و لا تتقبل اي درجة من التساؤل مهما كان مشروعا وايا كانت النية التي يستند اليها و الهدف الذي يسعى اليه.  في هذه المجتمعات فان صاحب القرار المركزي هو وحده الذي يمتلك القدرة على قراءة القلوب و الافكار و يستنبط نيات الاخرين و عليه فهو الذي يحتكر الحق في التغيير و بالاتجاه الذي يريده.

و لكن.... ولكن... في العراق ليست هناك جهة واحدة تمتلك هذا الحق العابر لكل شيء. هناك جهات كثيرة مختلفة و متحاربة و لكنها على اية حال متفقة على آلية معينة لادارة صراعاتها و هذه الالية هي المتحكمة في مسار الحياة اليومية للعراقيين و هنا يأتي الحراك السياسي الذي اشرنا اليه كمؤشر لتغيير بسيط في هذه الالية و هذا ما يبشر بالخير رغم بعض النتائج غير المستحبة لحد الان.

الانتصار الاول اذن هو ان الحراك السياسي الذي قد بدأ بشكل ما فعلا و هذا يؤشر الى ان التغيير اصبح  ضرورة حقيقية لا يرفضها احد وان كان هناك من لا يرغب بها كما ان هناك من اختار ركوب الموجة لانه يفتقد بديلا اخر و ان البعض يحاول الهيمنة على مساره بهذا الاجراء او ذاك او بهذه الدرجة من الخطاب السياسي المتحمس او تلك.

اذن هناك بعض السلبيات التي آلت اليها تطورات الاسبوعين الماضيين يجب عدم اغفالها كما يجب عدم الاحتفال بالنصر فالمسيرة طويلة و المعوقات ستكون كثيرة و لكن  لا بأس ان يدرك الثوار انهم قد حققوا شيئا وان كان بسيطا في الحجم ولكنه خطوة نوعية كبيرة.

من الجهة الاخرى فان الحاميين للنظام القدري يجب ان يفهموا بانه لم يعد ممكنا حكم الشعوب بتصورات ايقاف الزمن و تعويق التغيير و اعتقد ان هناك من الامثلة ما  يمكن للمرء ان يراها اينما ولى وجه تاريخيا و جغرافيا. 

 

صبيحة الثورة (2).... نداء الى الثوار
صبيحة الثورة (1).... ثورة العقل و البناء
 

* اكاديمي عراقي - الدنمارك

 

free web counter