| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. أكرم هواس

 

 

                                                                                    الأحد 20/3/ 2011

 

صبيحة الثورة (4).... ربيع العرب ام مبدأ الكوكا كولا ؟

د. اكرم هواس  *

يبدو بغيضا و غير ذي رشد ان ينبري احد و ينتقد الثورة هذه الايام .... و كذا يستسلم الناقد للتناقض الصارخ ان كان يدعو للثورة من جهة و ينتقدها من جهة اخرى. لكن ربما لا تكون هذه المعضلة الكبرى بذاتها و انما المعضلة الحقيقية هي ان يقوم احد بعمل ما دون ان يعرف الى اين يؤول عمله.

في ثلاث حلقات سابقة تحدثت عن الثورة في العراق ولكن سميتها ثورة العقل و البناء و حذرت بشكل واضح من اي نوع من نبذ الاخرين و التكفير و العنف... ربما ينتقدني الكثيرون... كيف يمكن القيام بثورة دون تحديد المستهدف من الثورة ؟ سؤال منطقي بل ربما يشكل احد اهم على الاسئلة على الاطلاق.

من المؤكد انني سأعود الى هذا السؤال لاحقا و لكن في هذه الحلقة اود ان اركز على علاقة الثورة بالقوى الخارجية و خاصة القوى الغربية التي ما فتأت تحتل و تعيد احتلال الشرق الاوسط بحجج مختلفة و لكن استنادا الى عاملين مهمين و هما حاجة الناس الى الحرية و قبول القوى السياسية الفاعلة في المنطقة لهذا الاحتلال المتجدد تحت ذريعة عدم القدرة الذاتية على مواجهة السلطة.

القضية المهمة التي لا يفكر فيها الكثيرون هي دور القوى الاستعمارية في خلق هذه المعادلة الصعبة اي الرغبة وعدم القدرة على الاشباع. انها معادلة الكوكا كولا.... كلما شربت اكثر عطشت اكثر اي زادت حاجتك اكثر مما يجعلك تستسلم للمزيد من قدوم المنتجين لتزويدك بالمزيد.
في العصر الحديث و خلال اقل من قرن جاء الغربيون في ثلاث مراحل ليحتلوا بلاد المشرق استجابة لطلب العرب...هكذا.... في الحرب العالمية الاولى جاءوا لتخليص العرب من ظلم العثمانيين وفي اواسط القرن الماضي جاءوا مرة اخرى ليساعدوا في بناء دول حديثة والان يأتون ليساهموا في بناء مجتمعات ديمقراطية.... لعبة جميلة ومنطقية جدا.... الناس تواقون لهذه التغييرات و ما يفعله الغرب هو انه يستجيب فقط لرغبة هؤلاء العرب المساكين المتعطشين للحرية و الديمقراطية و التطور.....و...و...

العراقيون جربوا هذا في المراحل الثلاث و خوفي ان ثورتهم الحالية تتحول الى مرحلة رابعة. لو نظرنا حوالينا لوجدنا مشهدا غريبا, المصريون يتجهون الى صناديق الاقتراع للاستفتاء حول دستور ضحوا بالكثير من اجل اسقاطه, التوانسة يتخبطون حول ما يمكن فعله و لا يعرفون ان كانت الدكتاتورية قد سقطت فعلا ام ان رمزها فقط هو الذي غادر, اليمنيون و البحرينيون يذبحون بالمئات بمباركة اميركا التي جمعت قوى الغرب و العرب لاحتلال ليبيا..... انه مشهد مضحك مبكي.

الشيخ الكبير القرضاوي رمز الجهاد ضد الصهيونية والاستعمار يعيش معضلة هي انه افتى و بحماس شديد بقتل القذافي. الان يبدو ان القوى الغربية استخدمت هذه الفتوى ليس لحماية اللليبيين بل لاحتلال ليبيا وربما تونس وغيرها.... وعمر موسى, القومي العربي الطامح في حكم مصر يبدو انه اقتنع ان اميركا تملك 99 بالمائة من اوراق اللعبة كما قال السادات يوم سلم كل شيء و جلس هو يستمتع بتدخين الشيشة.

العراقيون لم يكونوا بعيدين عن هذه الدعوات غير العقلانية... فبعضهم تعاون مع الاحتلال الانكليزي و اغلب القوى السياسية دعمت مشروع بناء دولة حديثة بمساعدة غربية من المعسكرين المتصارعين الرأسمالي و الاشتراكي واخيرا فتحوا الابواب شرعا للاحتلال الاميركي. الان يثور العراقيون مرة اخرى و هي ثورة حقة و لكن هل حدد الثوار بدقة الاهداف و الاليات؟

هل يستطيع العراقيون ان يخلقوا معادلة جديدة قوامها الرغبة والقدرة على ايجاد البديل ذاتيا دون اللجوء الى مساعدة قوة احتلالية جديدة ؟ هذا هو التحدي الحقيقي وهذا مما يصنع النموذج غير المسبوق؟ انا اعتقد ان العراقيين قادرون كما غيرهم قادر. القضية تتعلق بالتنظيم والوضوح.

 

صبيحة الثورة (3) .. حراك سياسي و انتصار اول
صبيحة الثورة (2).... نداء الى الثوار
صبيحة الثورة (1).... ثورة العقل و البناء
 

* اكاديمي عراقي - الدنمارك

 

free web counter