| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عزيز الحاج

 

 

 

السبت 9/8/ 2008



تداعيات العمر (8)

عزيز الحاج

ملاحظات توضيحية
هذه المقطوعات الأدبية، بعثها لي الصديق الدكتور عزيز الحاج قبل أشهر، وكان قد كتبها على فترات متباعدة ومناسبات مختلفة أثارت فيه مشاعر متباينة عبَّر عنها تارة بالنثر وأخرى بالشعر. وعند إرسالها طلب مني مراجعتها، ونشرها على حلقات في الوقت المناسب كما أرتئيه. وبما أنه لم يكن أي منا على عجلة في نشرها، فقد بقيت هذه الخواطر لديَّ مدة إلى أن شعرت أن قد حان الوقت لنشرها، خاصة وإن الدكتور عزيز الحاج قد تعدّى الثمانين من العمر، والأعمار بيد الله، وهو يعاني الآن من أوضاع صحية صعبة، حيث يتلقى العلاج في باريس، وربما توقفه حالته الصحية هذه عن مواصلة الكتابة لا سمح الله، كما أخبرني.
وأسأل هل اهتمت بأوضاع الحاج الجهات والتنظيمات، المفروض بها ذلك؟!

أتمنى للصديق الحاج الشفاء العاجل وعمراً مديداً، لمواصلة عطائه الفكري المتجدد دوماً، وبما يتمتع به من تجارب نضالية مريرة لأكثر من ستين عاماً قضاها في النضال الثوري، ودخل السجون في العهدين الملكي والجمهوري البعثي، ثم عاش فترة طويلة في الغربة وإلى الآن. ورغم انتمائه الثوري اليساري السابق، ورغم دخوله الشيخوخة، إلا إن الحاج استطاع أن يجدد فكره ويتغلب على ماضيه الأيديولوجي ويخرج من شرنقته، ويتحول من الفكر الثوري اليساري المعادي للغرب، إلى الفكر الديمقراطي الليبرالي المؤيد للغرب. وفي جميع هذه المواقف، اليسارية السابقة، والديمقراطية الليبرالية الحالية، كان هدف الحاج واحداً لم يتغير، ألا وهو تحقيق حلم الإنسان الأبدي الباحث عن العدالة الاجتماعية والتقدم.
أرجو أن تكون هذه المقاطع الأدبية، وكما تمنى لها الكاتب، ذات نفع ومتعة للقراء الكرام. كما وأتمنى للصديق الحاج الشفاء العاجل والعمر المديد لمواصلة نضاله الفكري لخدمة شعبنا العراقي والإنسانية جمعاء.

عبدالخالق حسين
في 6/6/2008


في ذكراه الثانية ..

لم أدرِ كيف ارتضت أن تحمل القدمُ
نعشا من النور كي تغتاله الظلَمُ!

يا صفوَ عمري : ألا تدري بما فعلت
بيَ الليالي وكم أضنانيَ الألمُ ؟

وكيف تفترش الأحزان عاطفتي
وتستبيح حشاشاتي وتلتهمُ؟
وللمزار الذي يؤويك ، يا ولدي،
أغذ سيري وعصف الريح محتدمُ

والبيت ،إذ كنتَ روحَ البيت، يوحشني
كأنما حل في أرجائه العدمُ..

يا من غمرت بفيض الحب من ُفجعت
أحلامه وابتلاه الفكر والقلمُ

عش يا حبيبيَ في الذكرى معطرةً
وفي رسومك ترنو لي وتبتسمُ ..

ديسمبر 1998


هل أعرفها ؟!

هل أعرفها ؟!
فتاتي لست أعرفها ..
أناديها ..أغازلها ..
ولكن لست أعرفها ..
تحدثني بعينيها ..ببسمتها ..بلفتتها ،
بفن دلالها الناعم إذ يلهب أشواقي ،
وفيضِ جمالها النابض في قلمي وأوراقي ،
وجدولِ فتنة يسقي الصبايا نشوة الغزلِ
وأوهاما وأحلاما عن العشاق والقبلِ
..ولكن لست أعرفها!
وأسأل دفتري ليلا : أحقا لست أعرفها ؟
بلى ! قد كنت اعرفها ..
سقتني في طفولتها شرابا لم يزل قدري ،
يدغدغني وينعشني ويملك سرُها عمري ..
وعادت بعد فرقتنا لتذكي الجمر في فِكَري
وأنّى سرت .. طيف من فتاتي مالئ نظري ،
وذكرى أمس في أثري ..
ولست ببالغ وطري ..
أراها في زهور الدار ..في إطلالة الشجرِ
وأغصانٍ من الشباك تنقل فرحة المطرِ ،
وفي كتب عن الغابات من خطر إلى خطرِ،
وفي حِلّي ..وفي سفري ..
فتاتي لست أعرفها ..
وتعرفني ..وأعرفها ..!

السرّ!

الباب ينغلقُ
ويظل يُفتح ثم ينغلقُ
والريح تزأر والأماني البكر تحترقُ
وأرى القبور تطل عن بعد ، وشباكي له أرقُ
وزهورنا مِزقُ..
فالريح وحش كله نزقُ .. ..
مالي متى أكتب بكى الورقُ
واستمطر الحدقُ؟
أهوى الزهور ..فحسنها ألِقُ
فكأنها سرب العذارى خانه الرمقُ
وكأنما فيهن عطر حبيبتي العبقُ
و[ ندى* ] تدللهن حين يبشّر الأفقُ .. ..

لمَ تسألين عن الحياة ولستُ إلا في ضبابِ
لا ..لست أفهم ..لم أجد حرفا ينوّر في كتابِ
حيران من قلق وفي قلقي عذابي ..
لا تسأليني ، بل سلي ، إن شئت ،بابي ..
وسلي الزهور على الترابِ ..
وسلي هيامي بالحياة وعشقَها ، رغم اكتئابي
هذي الحياة أحبها ، وأحب أحزانَ اغترابي
وقبورُ أحبابي عليّ عزيزة ، وأسى شبابي ..

هل إنها الحب ، الحياة ؟! يظل يشغلني سؤالي
كم عذبة ، يا حلوة اللفتات ، أحلامُ الليالي
وتدفقُ الذكرى بأغنية تهدهد لي خيالي ،
وحوارُ [ دالية ** ] تباركها الدوالي ،
وجفاءُ محبوب تفنن في الدلالِ
ويظل يشغل كل بالي ..
وحمامةٌ تقتات ،والعصفور ينظر باحتيالِ
ليصيد منها حبة ،ويطير عنها باختيالِ
ومواءُ قطين استثيرا لذةً عند الوصالِ
وكتابُ شعر، أو حكايةُ شهرزادٍ في " الليالي "..
وعرائسٌ في [ السين ] كالجندول يومَ [ الكرنفالِ ]
وتعيد لي أعياد دجلة في أماسينا الخوالي
وشواطئَ العشاق ..
آهٍ ! "أين هاتيك المجالي "؟!
إني أحب ولست أفهم سر من أهوى
فيا عجبا لحالي !!
والريح تعصف لا تبالي
لا دمع برعمة يهدئها، ولا حزن الجمالِ
فالريح وحش كله نزقّ
والباب ينغلقُ
ويظل يُفتح ثم ينغلقُ..
والسر حتى الموت منغلقُ .. ..

آب 2002


*
ندى ابنتي
** داليا حفيدتي الصغرى


¤ الحلقة السابعة
¤ الحلقة السادسة
¤ الحلقة الخامسة
¤ الحلقة
الرابعة
¤ الحلقة
الثالثة
¤ الحلقة الثانية
¤ الحلقة الأولى



 

free web counter