| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عزيز الحاج

 

 

 

الأحد 29/6/ 2008



تداعيات العمر (6)

عزيز الحاج

ملاحظات توضيحية
هذه المقطوعات الأدبية، بعثها لي الصديق الدكتور عزيز الحاج قبل أشهر، وكان قد كتبها على فترات متباعدة ومناسبات مختلفة أثارت فيه مشاعر متباينة عبَّر عنها تارة بالنثر وأخرى بالشعر. وعند إرسالها طلب مني مراجعتها، ونشرها على حلقات في الوقت المناسب كما أرتئيه. وبما أنه لم يكن أي منا على عجلة في نشرها، فقد بقيت هذه الخواطر لديَّ مدة إلى أن شعرت أن قد حان الوقت لنشرها، خاصة وإن الدكتور عزيز الحاج قد تعدّى الثمانين من العمر، والأعمار بيد الله، وهو يعاني الآن من أوضاع صحية صعبة، حيث يتلقى العلاج في باريس، وربما توقفه حالته الصحية هذه عن مواصلة الكتابة لا سمح الله، كما أخبرني.
وأسأل هل اهتمت بأوضاع الحاج الجهات والتنظيمات، المفروض بها ذلك؟!

أتمنى للصديق الحاج الشفاء العاجل وعمراً مديداً، لمواصلة عطائه الفكري المتجدد دوماً، وبما يتمتع به من تجارب نضالية مريرة لأكثر من ستين عاماً قضاها في النضال الثوري، ودخل السجون في العهدين الملكي والجمهوري البعثي، ثم عاش فترة طويلة في الغربة وإلى الآن. ورغم انتمائه الثوري اليساري السابق، ورغم دخوله الشيخوخة، إلا إن الحاج استطاع أن يجدد فكره ويتغلب على ماضيه الأيديولوجي ويخرج من شرنقته، ويتحول من الفكر الثوري اليساري المعادي للغرب، إلى الفكر الديمقراطي الليبرالي المؤيد للغرب. وفي جميع هذه المواقف، اليسارية السابقة، والديمقراطية الليبرالية الحالية، كان هدف الحاج واحداً لم يتغير، ألا وهو تحقيق حلم الإنسان الأبدي الباحث عن العدالة الاجتماعية والتقدم.
أرجو أن تكون هذه المقاطع الأدبية، وكما تمنى لها الكاتب، ذات نفع ومتعة للقراء الكرام. كما وأتمنى للصديق الحاج الشفاء العاجل والعمر المديد لمواصلة نضاله الفكري لخدمة شعبنا العراقي والإنسانية جمعاء.

عبدالخالق حسين
في 6/6/2008

اللحظة ..!

.. وأظل أنتظرُ ..
والليل يطويني ..وأنتظرُ..
والنوم يجفوني ..وأنتظرُ..
والفجر ينهرني ..وأنتظرُ..
لكن قلبي ليس ينزجرُ،

والحب ، رغم العمر ، يستعرُ..
ما كنت أعلم أن عاطفتي
نار الشباب ، وكلها شررُ!
فأنا، كعهد صباي ، في ولهي ..
ذاك الجنون كأنه قدرُ!
فإذا رأت عيناي مقدمها
من ألف خطو ، يختفي الكدرُ
وأكاد أرقص ، غيرَ ملتفت
للعابرين ، ويختفي الحذرُ
وأحس أن النار صائرةً
نبعا من الأفراح ينهمرُ
وأحس أن الطير تنشد لي،
ولحبها يتألق الشجرُ
وبأنها لحن يهدهدني ،
وبأنها في رملتي مطرُ ..
فإذا مضت عني، تظل معي
شوقا ، وتبقى عنده الفِكَرُ ..
وتطلّ في الأحلام ترضعني ،
ويُبِلّ روحي ثغرُها العطِرُ
وتصب من أسرار فتنتها
ماءَ الشاب، فيختفي الكِبرُ.. !
حلم جميل كم يراودني عند المساء
.. .. وأظل أنتظرُ..!
***************


قارئ الكف..
راحت إلى القس كي تروي خطاياها
ولخوف من وطأة الأوزار أبكاها
فقال : " وا أسفا ! قد جئت حاملةً
كل الذنوب ، وما كنا عددناها
أدميت للعاشق المحروم خافقَه،
وفي الجناية قد جاوزت أقصاها
لكن إذا شئتِ غفرانا ، فعند فتى
شيخ ، تمرس بالدنيا وعرّاها
هيمان ، يقرأ يمنى كل فاتنة ،
ويجتلي كل سر من خفاياها
يهوى الحسان ، وفي أشواقه لهب ،
..بالوصل يغسل للأنثى خطاياها
دعيه ينفذْ لما في الحسن من عجب ،
وما الأنوثة تخفي في حناياها
دعيه يحرثْ لكي تخضرّ ، من وله ،
صحراءُ روحك ، بستانا تولاها
يداه ينبوع سحر في عناقهما ..
ونشوة كله إن قبّل الفاها
..فأسرعت نحو ركن القس راقصةً
وقبلت يده شكرا فخلاها
وأسندت رأسه كالطفل حانيةً
فصاح :" إنك في دنياي معناها..!"

ـ 1981 ـ

***************

رثاء ..
سلوه أين راح ، وكيف غابا
حبيب لا أقاضيه العتابا
سلوه كيف يتركني وحيدا
أكابد من تباعدنا العذابا
أطل على خريف العمر نورا
يبدد غيمَ عيشي ، والضبابا
أرى خطواته في كل ركن
وأسمعه متى أغلقت بابا
ويغمرني شذاه على فراشي
وطاولتي وإن أفتح كتابا
يحاورني يمينا أو يسارا ،
وفي صور تؤلقه شهابا
بعيني حالم يرنو بعيدا
ليكشف كل سر و الحجابا
يطل علي من جدران بيتي
ملاكا حارسا يزهو شبابا
فهل هذا الذي آواه نعش
ومن قد صار مسكنه الترابا ؟!
أراه رغم مصرعه أمامي
وأحضنه كمن نسي المصابا ..
فقل ، يا من صدقت الود صرفا ،
وفيا حين لم أجد الصحابا
أحقا قد رحلت ، وأنت باق
بقلبي وهو قد ضج اكتئابا؟!
أحقا قد ذهبت بلا إياب ؟!
أم الحب المقيم غدا إيابا ؟؟

20 تموز 1997

***************

اللغز ..!
تسلل حبها دون انتظارِ
وأضرم خافقي بشواظ نارِ
عجبتُ،وإنها عجبتْ وقالت
"أجدًّ ، أم تعاني من خمارِ ؟!
" ألم نكُ ،قبل ، إلفين التقينا
على ود الصداقة والجوارِ ؟!
" ولم تكُ عاشقا لي، مستهاما ؛
فكيف غدا مدارك من مداري ؟!"
فقلت :" الحب يسحر ،لا يبالي
بتفسير ، وإني غير داري،
" وأنت اليوم من ملكت كياني،
وأحلامَ الليالي والنهارِ
" وألحاني التي هزت خيالي ،
وعاطفتي وأنت ضياء داري
" فلا تسلي متى ، أو كيف ،أضحى
هيامي اليوم مشبوبَ الأوارِ
" ولا تسلي لماذا؟ لست أدري ..
فلم أعشق بأمر او قرارِ !!


"يباغتني الهوى في غيم عمري
كأني قد عرفتك من شبابي
" كأنك كنت حبي طول عمري ،
وعدت إلي من بعد الغيابِ
" كأنك كل من أحببت قبلا
بسعد وصالهن ّ وبالعذابِ
" وسر هواك لغز ، لست أبغي
له سبرا ، ولا فهما لما بي !
فإنك أنت ،أنت، حبيب روحي
فلا تسلي ..فعاطفتي جوابي !"
*****************


النخلة ..
لمّا شكت نخلتي للنهر باكيةً ،
أجابها : " نحن ، يا أختاه سيانِ
جففت من فرط دمعي عندما اغتصبوا
بغدادَ ، وامتدت البلوى لشطآني،
وأحرقوا الزورق الهيمانَ راكبُه،
ولم يعد نوْرسي الغالي لأحضاني،
وكسّروا كل مجداف يدغدغني
وأطفئوا الشمع إذ يطفو ليلقاني.."
لما بكت نخلتي والنهر من غصص ،
تفجرت غربتي من وجع أحزاني
تفاقمت محنتي ما بين كارثة
حلت ببغداد ، فارتاع الفراتان ،ِ
وبين وحشة روح نابها قلق
مضنٍ ، وغيبةُ أحباب وإخوانِ
وهدني ظمأ في النفس ملتهب
كأنني الطير في أهوار ميسانِ
رأيت نفسيَ مخذولا ومنسحقا
في وحدة طاردتني ، ليس تنساني
وإن طيف التي أهوى يطالعني
أنّى ذهبت ، ونصل البعد أدماني ....
لما شكا الجبل القاني ، ونخلتنا ،
والنهرُ ، والهور ، من أهوال طغيانِ ،
وشقت القبرَ أمي في جدائلها ،
وقبلتني بصدر مشفق ، حاني ،
تهاطلت ذكرياتي عن ملاعبنا ،
وعن مراجيحنا إن حل عيدانِ ..
غاب العراق الذي قد كنت أعرفه
وعدت بالغربة الحيرى و أشجاني ..!
 

حزيران 2008

¤ الحلقة الخامسة
¤ الحلقة
الرابعة
¤ الحلقة
الثالثة
¤ الحلقة الثانية
¤ الحلقة الأولى








 


 

free web counter