| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عزيز الحاج

 

 

 

الجمعة 20/6/ 2008



تداعيات العمر (5)

عزيز الحاج

ملاحظات توضيحية
هذه المقطوعات الأدبية، بعثها لي الصديق الدكتور عزيز الحاج قبل أشهر، وكان قد كتبها على فترات متباعدة ومناسبات مختلفة أثارت فيه مشاعر متباينة عبَّر عنها تارة بالنثر وأخرى بالشعر. وعند إرسالها طلب مني مراجعتها، ونشرها على حلقات في الوقت المناسب كما أرتئيه. وبما أنه لم يكن أي منا على عجلة في نشرها، فقد بقيت هذه الخواطر لديَّ مدة إلى أن شعرت أن قد حان الوقت لنشرها، خاصة وإن الدكتور عزيز الحاج قد تعدّى الثمانين من العمر، والأعمار بيد الله، وهو يعاني الآن من أوضاع صحية صعبة، حيث يتلقى العلاج في باريس، وربما توقفه حالته الصحية هذه عن مواصلة الكتابة لا سمح الله، كما أخبرني.
وأسأل هل اهتمت بأوضاع الحاج الجهات والتنظيمات، المفروض بها ذلك؟!

أتمنى للصديق الحاج الشفاء العاجل وعمراً مديداً، لمواصلة عطائه الفكري المتجدد دوماً، وبما يتمتع به من تجارب نضالية مريرة لأكثر من ستين عاماً قضاها في النضال الثوري، ودخل السجون في العهدين الملكي والجمهوري البعثي، ثم عاش فترة طويلة في الغربة وإلى الآن. ورغم انتمائه الثوري اليساري السابق، ورغم دخوله الشيخوخة، إلا إن الحاج استطاع أن يجدد فكره ويتغلب على ماضيه الأيديولوجي ويخرج من شرنقته، ويتحول من الفكر الثوري اليساري المعادي للغرب، إلى الفكر الديمقراطي الليبرالي المؤيد للغرب. وفي جميع هذه المواقف، اليسارية السابقة، والديمقراطية الليبرالية الحالية، كان هدف الحاج واحداً لم يتغير، ألا وهو تحقيق حلم الإنسان الأبدي الباحث عن العدالة الاجتماعية والتقدم.
أرجو أن تكون هذه المقاطع الأدبية، وكما تمنى لها الكاتب، ذات نفع ومتعة للقراء الكرام. كما وأتمنى للصديق الحاج الشفاء العاجل والعمر المديد لمواصلة نضاله الفكري لخدمة شعبنا العراقي والإنسانية جمعاء.

عبدالخالق حسين
في 6/6/2008

أشعار

حر باريس

غزانا الحر يشوي السائرينا **** فنمضي في الشوارع لاهثينا
وتحرق ناره شحماً، ولحماً ، **** وتخنقنا ، فنمشي دائخينا
سوى الستّاتِ زدن به انشراحا ****فعرّينا المفاتن يستبينا:
بأرداف مربرة ،وصدر ، ***** يثوّر كل من بلغ المئينا
وبطنٍ كاشف الأسرار، يغدو ****بطلعته الشيوخ مراهقينا ،
وسيقانٍ تغازل عاشقيها ***** فنهرع خلفها ..متلمّظينا ..
حسانٌ جئن من شرق وغرب*****بلا عُقَد تخاف اللائمينا ..!
ولما أطلق البابا نداءً***** يحفز كل بنت والبنينا ،
تداعت كل أسراب الصبايا *****إلى القدّاس يبغين اليقينا ..
فسبحان النقائضِ جامعاتٍ***** لدى الستّات معصيةً ودينا.. !!

المهد

أغني فيهتز مهد الرضيعِ وأمي تراقبني حانية ْ
وأسمع صوت أنين النخيل ِودجلة َ،في الليلة الغافية ْ
وأبصر طيفا وراء السحابِ ، يلوح ويغرب في ثانية ْ
وأقرأ في دفترى أسطرا تحدث عن دارنا الهاوية !

الراحل

يا حبيبي أراك في أحضاني*****رائقَ الصفو ، حالما في أمان ِ
وأرى شعرك الجميل كأمس ٍ*****يتلالا يأروع الألوانٍ
أربعون ٌ على رحيلك تمضي، *****غير أني أراك في كل آن ٍ
بين قبر متى أزرْه يناديني ، ورسم يزهو على الجدران ِ
وكتابٍ أشم عطرك فيه *****وفراش ونحن معتنقان ِ
وحوار ٍ ما بيننا كلَّ ليل*****عن أيفين حين يفترقان ِ
ووفاء ٍيضم روحين ، بعد الموت ،ِ حتى كأننا توأمانِ
أربعون وإن حزني َ يغلي**** في فؤادي ويلتظي في كياني
نهش الداء جسمك الرقيق وجرحي آكلي مثل ذلك السرطانِ
يا صديقي الحبيب، يا نور عيني : لست أنساك ، هل ترى تنساني !

مساء 24 آب 1997

اللحن

لم يبق َ لي غير ُ دمعي في ليالينا
طال الظلام ولم تذهب دياجينا
لم تبق َ لي غيرُ أحزاني ، وأغنية ٍ
تروي لأبناء أحفادي مآسينا
ما ذا أقول وبغداد قد انتهكت
بين الحصار وقهر المستبدينا
والرافدان شهيدان استباحهما
غول من الشر لم يرحم أهالينا ؟
ومصرع النخل في الوادي،قد احترقت
أسرابه بعد أن كانت بساتينا
تلك الحروب التي لم ترو ِمشعلَها
دماؤنا ، فاستباح النخل والتينا
فكيف أفرح والآفاق معتمة ،
والسوط يلهبنا ،والظلم يسبينا ؟
وكيف أصدح بالألحان باسمة ً
والحزن أصبح لي شعرا وتلحينا ؟

[ 1998 ]

الشرطية الفرنسية

شرطية حسناء ُ تمشي والسلاح ظاهرُ
وصدرها الواثب منه تقدح المجامر ُ
فانصعقت عيناي وارتجّت بي َ المشاعر ُ
ثديان قد ربّتهما الشفاه إذ تحاور ُ
فصحت : إني عاشق النهود ، لا أداور ُ
يا ليتني الراشف ، مولاتي ، فهل أبادر ُ؟"
فالتفتت بنظرة الغيظ وإني حائر ُ
وأقبلت ثائرة العينين لا تداور ُ
وعنّفت قائلة ً : " حسبت َ أني عاهر ُ
يا عجبا منكم فحتى الشيخ فيكم فاجرُ
فاحذر فإن السجن لا يرحم ، يا مهاجرُ."
فقلت :"إني عاشق الجمال ، لا مغامرُ
والسجن ما أحلاه لو كنا معا تسامرُ!"

[ أبو هريرة البغدادي في 1 نوفمبر 2000 ]

أغنية الوداع

اذكروني حين لا شمسَا أرى،
أو طريقا حافلا بالبشرِ ،
ومزارا لصديق راحل
كان أغلى من ضياء البصرِ ،
وفتاةً ملأت عاطفتي
بهواي الظامئ المستعرِ ..
حين لا أسمع أحفادي إذا
ضحكوا في اللعب بين الشجر ..ِ
حين لا أسمع لحنا مضرما
ذكرياتي وهموم العمرِ
أو أشم الورد في روعته
في رياض الحب عند السحر ..ِ
كيف لن أصغيَ في "غيبوبتي "
للعصافير ونقر المطرِ ؟!
كيف لن تقرأ عيني صفحة من كتاب ملهم للفكَرِ؟!
كيف لن أذرف دمعا ساخنا لأمانٍ أكلت من عمري؟!
ومآسٍ فجعت بغدادنا.. .. آه يا بغداد قصّي خبري !



[أواخر 2001 ]


¤ الحلقة الرابعة
¤ الحلقة
الثالثة
¤ الحلقة الثانية
¤ الحلقة الأولى








 


 

free web counter