| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأحد 3 / 5 / 2015 أرشيف المقالات
اضراب سواق السيارات
( اوائل عام 1961 )
ابراهيم الحريري
(2)
لست ادري من كان الأسرع في الاتصال بالآخر : نحن ( انا والرفيق آرا ) بقيادة الحزب , ام قيادة الحزب بنا.
عليّ ان اسجل - للتاريخ - اننا - , انا وآرا , لم نكن على عجلة من امرنا , كنا نريد ان يتسع الاضراب و يصبح شاملا او اقرب الى الشمول قبل ان نتصل بقيادة الحزب . و قد توفر ذلك للأضراب . و لا عجب فقد كانت دعت اليه او شاركت فيه قوى مختلفة , كل من منطلق .كان , في تقديرنا انّ تصدّينا نحن للقيادة هو امر طبيعي باعتباره انحيازا لمطلب مشروع يخص فئة واسعة من السكان , اخذا بالاعتبار ما يمكن ان يتركه من تأثير على الحياة اليومية لفئات اوسع من الكادحين و اصحاب الدخل المحدود.
و هو من الجهة الاخرى , كان ينتزع من القوى القومية التي كان اكثرها منخرطا في نشاطات تآمرية ,ينتزع منها سلاحا كان يمكن ان تستثمره لتحقيق مآربها السياسية ( كما حدث فيما بعد في اضراب الطلاب عشية انقلاب 1963).
فضلا عن ذلك فقد كنا على علم , الى حدٍ معين , بالصراع داخل قيادة الحزب حول الموقف من الاتجاهات الفردية لحكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم , بين تيار يدعو الى التراجع و المهادنة و هو ما انعكس في اجتماع اللجنة المركزية في ايلول 1959 وتقرير "الجلد الذاتي" ( كما جرت تسميته بحق ) و كنا انا و آرا و اكثر الكادر العمالي في ذلك الوقت ضد هذا الموقف , وبين تيار آخر كان يدعو الى تصعيد النضال المطلبي و الجماهيري للوقوف بوجه نزوع قيادة الحكم الى الانحراف عن جوهر اهداف ثورة تموز.
لم يكن الموقف و لا احتدام الصراع يسمح بتضييع الوقت في المداولات و المناقشات , لهذا قررنا ,انا و آرا اتخاذ القرار المناسب , او الذي رأيناه مناسبا , و تحمل مسؤوليته!
هذا كان وراء موقفنا في تأخير اتصالنا بقيادة الحزب , قدر الامكان , حتى يتحوّل الأضراب الى امر واقع , بل الى حدث عمالي , بل وسياسي , يهز البلد باسره .
و هذا ما حصل. وهكذا , بعد يومين او ثلاثة من اندلاع الأضراب , و بداية تحوّله الى حريق ينتشر بسرعة ( و هذا ما سيجري الحديث عنه لاحقا ) جرى اللقاء بقيادة الحزب.
في الحلقة القادمة: اللقاء بقيادة الحزب و ما اسفر عنه من قرارات.
- اضراب سواق السيارات (اوائل عام 1961) (1)