|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  28 / 7 / 2017                                 د. سالم رموضه                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



كذلك بعيداً عن السياسة

د. سالم رموضه
(موقع الناس)

كنت قد سردت في مقالة سابقة كيف التقيت صدفة في وزارة الخدمة المدنية في عدن بالرئيس علي ناصر محمد وكيف تم توظيفي مباشرة بتوجيه شفهي منه بوزارة الأشغال العامة التي كان وزيرها المهندس حيدر أبوبكر العطاس. بيد أنه قد ترتب لقاء معه في مناسبتين مختلفتين تماما. ففي عام 1971م وكنت طالباً في السنة الأولى بكلية الهندسة جامعة طرابلس, جامعة الفاتح فيما بعد, حضرت مع بقية الطلاب اليمنيين لقاء معه رتبته سفارة اليمن الجنوبي بطرابلس وكان ذلك اللقاء في إحدى صالات فندق الودان وكان معه المرحوم عبد العزيز عبد الولي وكلاهما كانا وزراء, الأول للدفاع والآخر للصناعة في حكومة المرحوم محمد علي هيثم. ولقد شهدت أروقة ذلك الفندق لقاء طرابلس الشهير بين المرحوم الرئيس سالم ربيع علي والمرحوم فضيلة القاضي عبدالرحمن الإرياني كخطوة في طريق وحدة اليمن برعاية العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر 1969م والذي منح اليمن الجنوبي وقتها أكثر من عشرين منحة دراسية جامعية, وكنت ضمن هذه الدفعة الأولى. أما سبب ترتيب هذا اللقاء فقد كان بناءً على شكوى تقدمت بها وزارة التربية والتعليم الليبية عندما تناهى لأسماعها أن الطلاب اليمنيين وبالذات من الجنوب يجهرون بالأفكار اليسارية المتطرفة أمام زملائهم الليبيين, ومثل تلك الأفكار كانت محرمة ولا يجوز الجهر بها في أرض الفاتح. وعليه نُصحنا في هذا اللقاء بأن نتوخى منتهى الحذر في جدالنا الفكري والسياسي مع زملائنا الليبيين.

وفي عام 1975م ولما يمضي شهر واحد على لقائي به مصادفة في عدن كما أسلفت وعلى توظيفي في قسم الطرقات بوزارة الأشغال العامة في خور مكسر إلا ويفاجئني الأخ مدير القسم المهندس وهيب شمسان في صباح أحد الأيام من شهر رمضان المبارك بأن علينا أن نقوم بنزول ميداني لأحد مواقع الإنشاء الذي تشرف عليها الوزارة. وركبنا السيارة اللاندروفر التابعة للوزارة وإذا بنا نمر لبيت الوزير المهندس حيدر ابوبكر العطاس في المدينة البيضاء بخور مكسر, أصبح فيما بعد رئيساً للوزراء ثم رئيسا للدولة في اليمن الجنوبي. وفيما بعد رئيساً للوزراء في أول تشكيل وزاري لدولة الوحدة مايو 1990م, وكان جاهزاً بلباس الميدان ومعه أحد أبنائه الصغار الذي اصطحبه لروضة أطفال مجاورة لبيته وانطلقت بنا السيارة لمنطقة عقان و بها جسر خرساني بنته الوزارة وانهار ويقع الجسر على طريق عدن- تعز الذي كان يموله برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وبعد معاينة الجسر اتضح عدم صلاحيته ولابد من تكسيره وبناء جسر جديد. انطلقنا بعدها لمعسكر العند الذي اشتهر كثيرا, ومكثنا بضع دقائق في استراحة القاعدة, وإذا بالأخ علي ناصر محمد وقد أصبح رئيساً للوزراء يحط من طائرة مروحية في ساحة المعسكر. وجلست مع الحاضرين على كراسي متواضعة في شكل حلقة بطول وعرض القاعة الكبيرة يتوسطها رئيس الوزراء والوزير وشخصية عسكرية روسية متجهمة يتم التخاطب معه عن طريق مترجم بحضرة نائب الجنرال وأذكر أن النقاش كان يدور حول عمل مرابض طائرات وبناء سد ترابي لحماية المعسكر من السيول وكان رد نائب الجنرال الروسي أن بناء السد يقع على مسؤولية الجانب اليمني ولكن الأخ الوزير قال له أنه ليست لدينا خبرات لمثل هذه الأعمال الهندسية وضرب مثلاً بسد عقان الذي كنا قد زرناه في الصباح والذي ما صمد لمثل هذه السيول. وبعدها قام الوفد الحكومي برفقة نائب الجنرال الروسي ومرافقيه بتفقد الأعمال الإنشائية في قاعدة العند. ثم رجع الأخ رئيس الوزراء ونائب الجنرال الروسي والوفد المرافق لهما بالطائرة المروحية إلى عدن وواصلنا نحن في طريق عدن- تعز لمنطقة الحدود كرش- الشريجة مع الأخ الوزير لتفقد آخر نقطة في الطريق الدولي الذي كان مخطط له أن يربط عدن بصنعاء. وعندما نزل الأخ الوزير مع الأخ المدير من السيارة قرب نقطة الحدود وهممت بالنزول بعدهما التفت إلي السائق قبل أن أنزل من السيارة هامساً لا أدري بصدق أو بخبث "هيا نعملها و نهرب!" ولكن هيهات, كان أسهل علينا وقتها السفر إلى جزر الواق واق من السفر إلى صنعاء.
 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter