| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

 

الثلاثاء 9/10/ 2007

 




وا حرّ قلباه......يا وطني
4

د. صادق إطيمش

بعض من يوميات مواطن في العراق الجديد
ألإنسان العر اقي يعيش , بعد مرور أكثر من أربع سنوات على سقوط البعثفاشية , حياة مليئة بالمفاجئات التي لا تبعث على السرور, مع ألأسف الشديد . حياة جديدة يوميآ بما توَقَعَ المواطن أن يتخلص منه بالأمس وإذا به يثقل كاهله اليوم أيضآ وربما بوطأة أشد من ألأمس وأقسى من أول أمس . ألظواهر التي تتكرر أمام المواطن العراقي كل يوم جعلته يعيشها وكأنها ألأمر الطبيعي وما سواها هو الشذوذ . يفتح فمه متعجبآ كل العجب مرددآ بعض ما يشير إلى وجود شيئ غريب غير مألوف حينما يمر على محطة لتعبئة الوقود وأمامها بعض السيارات والعشرات من الناس فقط للتزود بالوقود والمحروقات النفطية . فيتفائل فرحآ بانفراج أزمة الوقود التي رافقت حياته اليومية في ألأشهروالسنين الماضية . إلا أن فرحته هذه سرعان ما تتلاشى وكأن ألله قد كتب الحزن والمآسي على قلوب ووجوه العراقيين , رغم أن قياداتهم الحكيمة وغير الحكيمة من خدَم ألله المطيعين القائمين الصائمين المتقاسمين ثروات الوطن فيما بينهم بالحق والعدل الذي ترمز له عمائمهم وجببهم ولحاهم وسيماء جباههم . وتمر فرحة المحروقات القصيرة هذه لتتفاقم بعد برهة قصيرة فتعود المياه إلى مجاريها ويعود المواطن إلى حياته المعتادة التي لم تفارقه مصائبها منذ سنين طوال , ومَن شبَّ على شيئ شاب عليه , كما يقول المثل .

أزمة المحروقات هذه في بلد ربما هو ألأول في العالم في خزينه من المادة الخام لمختلف هذه ألأنواع التي يحلم المواطن بتوفرها حتى ولو بما يسد الحاجة ألأساسية دون جهد وعناء وعذاب يومي متفاقم , ودون أن يتكرر منظر التجمعات البشرية والآلية عند وحول وعلى بعد كيلومترات من محطات التزود بالوقود وما تجري فيها من مساومات وبيع وشراء بين المتنفذين ومَن يمثلهم من عصاباتهم المسلحة التي لا تتوانى عن إستعمال مختلف ألأساليب البدائية للإيغال في تعذيب ألأكوام البشرية النسائية والرجالية والحيلولة دون حصولها على ما تستعين به على حر الصيف كوقود لمولدات الطاقة الكهربائية مثلآ , أو على برد الشتاء في توفير بعض الدفئ , هذا إذا ما تجاهلنا الحاجة الماسة إلى الوقود للطبخ أو التنقل أو في كافة ألإستعمالات الضرورية ألأخرى في أية حياة إنسانية طبيعية .

سلسلة العذاب اليومي متواصلة وتشدد الخناق حول عنق المواطن العراقي يومآ بعد يوم , فلا يجد مَن يستغيث به ويسمع شكواه بعد أن بح صوته بنداءات نجدة لا مجيب لها وصرخات آلآم ولوعة ليس هناك مَن يشعر بها مِن ذوي السلطة والتسلط على رقاب الناس , سارقي أموال الرعية , أو حقوق ألأمة , كما يطلقون على ما كدسوه من أموال أو ما عمروه من ضِياع . سلسلة العذاب هذه ليس لها موسم معين ولا موقع معين , فهي عامة شاملة مستديمة لها أوجه وأذرع متعددة , تبدو في الشتاء مرتبطة بالأوحال والمياه التي تكسو ما تطلق عليه الناس شارعآ في البلدان ألأخرى وما هو إلا بُرك ومستنقعات متناثرة هنا وهناك في العراق الجديد , عراق محاصصات الملالي والمشايخ والعشائر. ألتنقل من مكان إلى آخر مشيآ على ألأقدام في الشتاء مهمة عظيمة لا يوازيها في عظمتها وشدة بؤسها إلا إستعمال وسائط النقل الخاصة أو العامة . إستعمال السيارة داخل المدن , وخاصة الكبيرة منها , يعكس الصورة الحقيقية للفوضى وما يتمخض عنها من حرب ألأعصاب والسعي المحموم لإحتلال السنتمتر تلو الآخر على أرض المعركة التي تموج فيها صدور السيارات بمختلف أصنافها وأعمارها مستخدمة كل ما لدى أصحابها من وسائل التقدم على الآخرين بأي إتجاه كان . المهم في ألأمر ان تكسب خطوة أو بعض الخطوة باتجاه سيرك . فالمعركة التي وصفها الشاعر بقوله : وماجت صدور الخيل والتهب ألضرب , تحدث يوميآ على سوح قتال وسائط النقل في العراق الجديد , وقد تمر ألأمور بسلام أحيانآ أو لا , خاصة إذا ساهمت في هذه المعارك قوى أجنبية على ألآلة المتحركة يقودها أصحاب العربات المُزودة بطاقة الحمير أو الخيل أو حتى بالطاقة البشرية التي لا تتثاقل من التفتيش عن موقع لها بين وسائط النقل هذه . لك أن تتصور الحالة النفسية التي يعيشها الفرد تحت هذه ألأجواء التي تتكرر عشرات المرات كل يوم , خاصة بين أولئك الذين يكسبون قوتهم اليومي عبر هذا الطريق , أو أولئك الذين تضطرهم ظروف عملهم أو مناطق سكناهم إلى إستعمال وسائط النقل هذه عدة مرات يوميآ ولأوقات قد تصل إلى ساعات أحيانآ , خاصة إذا إرتبط ذلك بالقطع المفاجئ لطريق أو جسر.

وتحاول أن تُمني النفس وأنت في طريقك إلى البيت بمكان هادئ مريح يُزيح عنك متاعب السفر وغبار الطريق في الصيف ووحله في الشتاء , إلا أن هذه ألأمنية سرعان ما تتلاشى أمام أكداس المزابل ورائحة ما يسمى بالمجاري , هذه الظواهر التي أصبحت ملازمة لما يسمى بالشارع في العراق الجديد الذي تجد فيه كل شيئ إلا الصفات التي تعرفها حتى عن هذا الشارع نفسه قبل أربعين أو خمسين سنة حينما كانت نفس هذه البقعة من ألأرض تتباهى فعلآ كونها تمتلك صفات الشارع حتى وإن لم يكن بالدرجة المطلوبة في الرقي والتقدم . فحياة المواطن العراقي تسير إذن حسب ما يريد لها متنفذوا اليوم القائمون على راحة المواطن من سيئ إلى أسوأ .

توفير الوقود للمواطن وتنطيم المرور على الشوارع والإهتمام بالشوارع ونظافتها يُطلق عليها في المجتمعات التي تحترمها حكوماتها : الخدمات العامة التي توفرها هذه الحكومات لمواطنيها . وحكومتنا الموقرة برهنت ليس في هذه المجالات فقط , بل وفي خدمات سد الحاجات الدنيا للكهرباء التي أصبحت من مستلزمات الحياة الإنسانية ألإعتيادية في القرن الحادي والعشرين , بأنها لا تتعامل مع هذه المفردات المتبادلة بين الشعوب المتطورة وحكوماتها المنتخبة دون فتاوى , إذ أنها مشغولة بالتفتيش عن التفسيرات والتأويلات والمخارج الدينية الطائفية القومية العشائرية لمفردات السرقة , المحاصصة , الفساد ألإداري , تدليل عصابات المليشيات التي ما تركت الحكومة مناسبة إلا وأعلنت عن نيتها في حلها , إلا أن هذا ألأمل الذي داعب المواطن بالتخلص من هذه العصابات السائبة أصبح كأمل إبليس بالجنة .

لقد تمادت الأجهزة الحكومية والقائمين عليها في قهر المواطن العراقي وإذلاله يوميآ مستخدمة كل وسائل تعذيبه وتجويعه وتهجيره وتشتيته وعرقلة أعماله من خلال جهاز إداري بائس جاهل لا زال يعمل بأساليب البعثفاشية وقوانينها وتعليماتها . وكيف لا يكون ألأمر كذلك وأغلب وزراء المحاصصات لا يفقهون من وزاراتهم شيئآ ويُقال , والعهدة على الراوي , أنهم لم يروا وزاراتهم أصلآ لعدم مغادرتهم قصورهم وحشمهم وخدمهم في المنطقة الخضراء وليذهب الشعب إلى الجحيم . لقد تمادت الحكومة في كل ذلك وهي تطبق نهجآ خبيثآ دعى المواطن العراقي يتجاهل كل هذه الإحتياجات الضرورية ليحصل على ألأمان فقط وليحصل على وضع أمني يحافظ به على حياته وحياة عائلته وعلى بيته وعلى مصدر عمله ورزقه . هذه السياسة التي جعلت الإنسان العراقي يرضى بكل الحرمانات التي لم يعانِ منها السيدات والسادة القابعون في المنطقة الخضراء أو في قصورهم الفارهة في مناطق نفوذهم محاطين بكل ما تشتهيه ألأنفس وما يسر الناظرين . لقد بدأ بعض المواطنين بالمقارنة بين العهد الجديد في العراق الجديد وبين حكم البعثفاشية , وهذه ظاهرة خطيرة على مقامكم أيها السيدات والسادة الحاكمون. إذ أن الخطوة التي تلي المقارنة هي المفاضلة وحينها سيقارن المواطن العراقي حكمكم مع حكم أعتى دكتاتورية عرفها تاريخ العراق الحديث ,والويل كل الويل لكم لو حلّ ذلك اليوم الذي ستتفوقون فيه على جبروت دكتاتورية الجرذ المقبور . نصيحتي لكم أن تعملوا ما إستطعتم على إبعاد هذا اليوم عنكم , إذ سيقرع حلوله جرس رحيلكم غير مأسوف عليكم .

¤ وا حرّ قلباه......يا وطني  3

¤ وا حرّ قلباه......يا وطني  2

¤ وا حرّ قلباه......يا وطني  1