| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الجمعة 28/1/ 2011

 

 كنتُ في تونس *
(3)

رشيد كَرمــــــة 
 

هرب الدكتاتور الأهوج (صدام حسين) ففرح العراق برمته,إلا الجلادون الذين سارعوا بتبديل أقنعتهم بغية التوسل والتوبه والمحافظة على حياتهم ومن ثم إستعادة مواقعهم في كمٍ كبيرغير منطقي من أحزاب الإسلام "السياسي"مُصَدَّرٌ الينا من مسلمين جيران الشيعي منها والسني,وبطمر نظام حزب البعث العربي الإشتراكي عن طريق تدخل خارجي قادته الولايات المتحدة الأمريكية,أضحى "للتوانسة" رجالاً ونساء ان الشعب العراقي الذي عانى الأمرين بمكوناته الأزلية من عرب وكورد وتركمان وكلدوـ آشوريين قد خانَ الملهم والقائد الضرورة وباني الحضارة وفارس الأمة, ومن بين عشرين متعلماً ومتعلمة ممن إلتقيتهم في مكتبات ودور نشرفي تونس لم أعثر على من تَفَهم تطلعات العراقيات والعراقيين للحرية,وجنوحهم نحو العيش بسلام في ظل غد ديمقراطي يؤمن بالحداثة والعلمانية.

إقتربت من حانوت في شارع الحبيب بورقيبة المستبد الأول للشعب التونسي لشراء حاجة ملزمة,وكانت تساعده في الإدارة زوجته, ما أن عرف الرجل بعراقيتي حتى سألني عما حل بالبلد من فوضى ونهب المال العام والخاص وتدمير للبنى التحتية ولم ينسى الرجل متاحف العراق ومنها آثار بابل, ودخلنا في جدال حاولت ذكر بعض من جرائم المقبور (صدام حسين) وما لحق بالإقتصاد والمجتمع والثقافة والمرأة من تدني مريع أثقل ليس فقط العراق وإنما الشعوب العربية وحكوماتها ودول العالم ,هنا إنفجر الرجل غيضاً وإستشاط غضباً وإتهمني بالجهل والعداء للعروبة,وكاد الجدل ان يتطور لولا تدخل الزوجة التي قالت له باللهجة التونسية ما يعني انني أدرى منه بشؤون العراق,كما أنه أدرى مني بالشأن التونسي.

فإنني اعرف مثلاً أن (زين العابدين بن علي) قد إضيفت في عهده إصلاحات غاية في الأهمية في قانون الأحوال الشخصية وإنتصر للمرأة,ولأنه لم يكن دكتاتورا قاتلاً وهمجياً كقرينه في السلطة العراقية,ولم تدخل تونس الحرب تلو الحرب,غير أنه مستبد بالسلطة ويعتمد على حزب شان كل الأحزاب السلطوية في العوالم العربية ملكية وجمهورية ومشايخ وسلاطين في إكراهها للناس بغية النفع المصلحي , كما أنني اعرف هوامش الحرية في المسرح التونسي وذكرت ذلك في الحلقة الأولى من "كنت في تونس"وأعلم ان الرجل ليس مُعمماً وليس متديناً ولكن السياسة العربية والإسلامية المزيفة تجبره وأمثاله للحضور في المناسبات الدينية في الجوامع والصوامع ,أعلم ان حركة فنية شابة وجريئة على مستوى الأغنية والفن التشكيلي قد إزدهرت,ولكنني لا أعلم عن أحواض التيزاب وقطع وبتر الإصابع والآذان وأنوف ووشم الجباه ومقابر جماعية وإعدامات بالجملة في عهده,أعلم أن هناك رقابة مشددة على حركة الداعين للنهضة الإسلامية, وأنا أصطف معه في ذلك,نظراً لظلامية الإسلاميين وهدفهم,ولكن هناك تضييق على اليسار التونسي أيضاً وأشدُّ منها على الشيوعيين والنقابيين والعمال التوانسة, وإشراقة الشيوعيين ونهجهم هي غيرها في احزاب الموجة الدينية التي تريد أن تستثمر كفاح ودماء وأرواح المعدمين الذين أشعلو فتيل التغيير الذي إضطر المستبد الثاني وزبانيته للهرب ويبقى للشعب التونسي الخياربين الوقوع في فخ أحزاب الإسلام السياسي التي لاتعرف غير العهود والوعود الكاذبة واللغو الفارغ وإغراق الناس في زوايا التأريخ المظلمة وحشرالجميع لمناسبات دينية لاتغني ولا تشبع وليس لها أول كما ليس لها آخر, كما هو حاصل اليوم في عراق مابعد 2003 وبين إختيار نظام ديمقراطي ليس للدين صلة به يؤَّمن العيش للجميع دون تخريف وهلوسه كما هو جاري في مناطقنا العربية ومن العيب ان لا نفكر في كيفية تقدم الدول دون أخرى والسبب هو الإستبداد الديني والسلطوي وهوماثل للعيان وللأعمى قبل البصير.

 

 كانون الثاني 2011 السويد
 

* ثلاث مقالات كنت في تونس.
 

 كنتُ في تونس (2)
 كنتُ في تونس (1)


 


 


 

free web counter