| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ناجي نهر

 

 

 

الأحد 28/9/ 2008

 

دراسات :

سمو الوعي سمو للعدل والمساواة
(20)

الأنسان خالق و مخلوق /1

ناجي نهر

  لولا العقول لكان أدنى ضيغم            أدنى الى شرف من الأنسان - الرضي -


الأنسان كالمواد الأخرى خلق من مادة محددة وفق ظروف مناسبة لخلقه وبفضل عمله وتفاعله المتبادل التأثير مع واقعه وحاجاته أصبح خالق لحياته واستمر على الخلق كلما سمى وعيه درجة أعلى وبأطراد .
أجمع المفكرون والفلاسفة ان مصدر وعي الأنسان واحد لا غير هو نتاج عمل الأنسان ذاته ويرجع سبب الأختلاف بين الأفكار الى تباين مصالح الناس ذاتها .
ان هدف المقال الأسمى وخلاصته ايصال معلومة نقية الى المتلقي المضطهد واضحة وبسيطه تحميه وتجنبه تعقيد واقع حياته بسبب أفكار اختلقها الغير لمنفعته الخاصة ,انه انسان آخر أناني انتهازي مشوه الخلقة والأخلاق .
قبل الميلاد بأكثر من الف عام برز من فلا سة الأغريق الماديين طاليس الأول واناكسيمنيس وديمقريطس وبطليموس
وغيرهم حتى ظهر افلاطون تلميذ هيراقليطس الذي شب عن الطوق وانحاز الى عائلته الأرستقراطية المتسلطة الباذخة ودافع عن مصالحها بتفاني ولم يتحسس لحظة واحدة بألم المضطهدين وجوعهم فاخترع بتصوره الرأسمالي المنحاز ان جميع الناس سيعيشون برخاء فى مدينته الفاضلة المتخيلة ولم يحمل عائلته المتحكمة برقاب الفقراء مسئولية تلك المعاناة وحمل الله مسؤلية ذلك ,بفتوى ان اسباب ما يقع على الناس من خير وشر انما هو امر خارج ارادتهم وهو أمر يعود الى مشيئة خالقهم الواحد الأحد الذي لا يعرف اسراره ومكان وجوده غير الراسخون فى العلم والحكمة , وبهذه الفتوة الذكية اراح الناس من الصراع الفكري والجدل السفسطائي ,ودعى الفقراء ان لا ينشغلوا بعد الآن سوى بطاعة الله وأولياءه بعدما توصل بقدرة الله على توحيد الآلهة بالاه واحد تفرض عبادته على جميع ما فى الأرض من مخلوقات وكذلك تفرض على العباد طاعة أولياء امورهم فهم الموكلون والمعينون بأمره من أمثال عائلته المقدسة ,فتلاقفت هذه الأفكار الطبقات الرأسمالية فى كل مكان وتفنن وعاضها بتثبيتها على اعناق الناس البسطاء كأطواق عبودية ثقيلة الحمل ,وقد توارثوها ظالمين وظلومين جيلآ بعد جيل حتى غدت مدارسها لا تحصى ، لكن الفقراء كانوا يقتفون بشكل اوتوماتيكي فى واقعهم الحياتي العملي وفى تنمية وعيهم وفى خلق حياتهم وتطويرها اتباع حقائق ما يعكسه عليهم واقعهم وما جسدته فيما بعد بشكل واضح افكارالمدرسة المادية التي تلمسها الأنسان القديم والجديد وتحسس بنتاجها المفيد والمثمروالأ قرب من وعيه واستعان فى هديها الى دلالته نحو الطريق السليم والى معاونته فى انتاج ما يريد من حاجاته الضرورية ,فترسخ فى وعيه من خلال عمله يقينآ ملموسآ بأن من السهل عليه التعرف على منهج المدرسة المادية واستيعابها كونها مدرسة واحدة بماهيتها ومقوماتها وشروط بحثها وتفكيك وتركيب أجزاءها وبقدرته على تطويرها من خلال تجاربه العملية وحاجاته الضرورية ,وازدادت اهميتها فى وعيه وسهل عليه فهم واستيعاب مدارات حركتها العامة وقوانينها ومدارات حركة دقائقها وجزيئآتها الصغيرة التى لا ترى بالعين المجردة ,لذا وبناء على هذه الضرورة الجديدة التي باتت تضغط عليه تمت اختصاصاته بفروعها وأجزاءها وتحول تدريجيآ الى اختصاصات علمية مختلفة من أجل التعمق بمعرفة ما يكتشفه من مواد وتطويعها وتسخيرها فى بناء مستقبله اللاحق فأهتم أولآ بعلم [ الفلك كي يتجنب كوارث الكون والبيئة الطبيعية ثم توالت اختصاصاته فى العلوم الأخرى متناسبة مع حاجاته الضرورية فى العناية بالحيوان وتدجينه واختراع ما يلزم من ادوات وآلات تمكنه من تطوير زراعته وصناعته ونقل منتوجاته وعلومه من مكان الى آخر [ وسائل المواصلات والأتصالات والأعلام ] ثم اتجه بقوة نحو العلوم الطبية وما يدرأ فيه اخطار الأمراض المهلكة حتى توصل الى ما نراه اليوم . لقد كانت ولا زالت المدرسة المادية فكرآ وتطبيقآ أقرب الى ذهن الأنسان وقناعاته كونها مدرسة واحدة علمية تحليلية يستطيع بواسطتها من تشخيص حركة الظواهر وخفاياها فى تزامنها وترادفها واشكال تمظهرها فى جانب ,وبين التعمق فى دراسة عوامل صنع الواقع ومركباته البنيويه الفوقية والتحتية ومساراته ومداراته ومعرفة اسباب صعود ونزول خطوط بياناتها الأنتاجية وبيانات لحمته الأجتماعية والأنسانية فى فرقتها ووحد تها واتحادها وتداعيات ما تنتجه من خيرله وشرعليه والمقارنة فيما بين الحالين .
ومن هنا اكتشف الأنسان أن من شروط تطوير حياته وتقدمها ما يلزمه بين فترة واخرى من اعادة تقويم عمله ومراحل تطوره ودراسة تجاربه الفاشلة والناجحة وتعداد ما حوله من مواد ضارة ومفيدة ودراسة مكونا تها وخصائصها وفرز ما فيها من خالق ومخلوق للتأكد من صلاحية الجميع وبما يناسب واقعه الجديد فى الزمان والمكان .
لكن معارف بعض الناس ووحدات قياسهم ابتعدت عن هذا القانون الصحيح الذي برهنت الحياة على دقته وسلامته ومرونته التطبيقية واختلفت معه باختلاف مناهج مدارسهم الهادفة الى تحقيق مصالحهم - القديمة الجديدة - الخاصة والمتعددة والتي هي بالأساس معبرة عن مصالحهم الطبقية المتناقضة والمتصارعة مع الطبقات الأخرى ,وبذا اختلط حابل التحليل العلمي للظواهر فى المدرسة المادية بنابل الذين تسيدوا فى الأرض بأستيلائهم على المادة المنتجة لحاجات الحياة الضرورية للناس ( وسائل الأنتاج ) وتسخيرها للمصالح الأنانية لمن يمتلكها فقط .
لقد فرضت الطبقة الرأسمالية المتسيدة الجديدة بموجب ما تتخيله من أرباح وتهدف الى تحقيقه من مصالح يتم تنفيذها بخطط وصور شتى متناسبة وثقافتها المتجبرة وما جاءت به من أوهام مختلقة وآلات قياس عرجاء لتقويم مكونا ت وموقع ومكانة الخالق والمخلوق فيها .فطلعت على الأنسانية بأدعاءات مختلقة وبأكثر من الف مدرسة فكرية تقوم على اجتهادات شخصية مربكة وقراءآت أفتراضية للواقع بقصد بلبلة وعي الناس وتضييع الحقائق العلمية عليهم .
و يأتي الجواب الأوحد للسؤآل الأوحد عن موقع الأنسان في هذه الثقافات الوهمية القديمة الجديدة على كثرتها من اصوات متوحدة مبحوحة كنعيق الغربان يقولون فيه ويبصون عليه بالعشرة مفاده ( ان الأنسان عاجز عن معرفة ابسط أسرار حياته وليس بمقدوره عمل شئ الا بقوة الله وحكمة أوليائه , الأغنياء المتسيدون فى الأرض بأمره .)
وبحسب شريعة تلك القوة الألهية تعددت [ مراتب الناس فى الفقه الديني ]
فكان التفاضل بين الناس يجري وفق مستوى عباداتهم المزعومة ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) ولكن الأمرالمربك الجديد للناس هذه المرة جاء من غياب آلية قياس التقوى عندهم وعجزهم عن تقويم العبادة لأنه شأن ليس من اختصاصهم بحسب ادعاء المدرسة الفقهية الاهوتية ذاتها وتأكيدها على ان كل شئ خاص بالله وحده ,كالذي تؤكده الآية الناسخة التالية ( لا يزكي الأنفس إلا الله ) .
فتكون النتيجة ان رجال الدين الكبار القادرون على فبركة اللعبة يعطون لأنفسهم الصدارة فى المكانة المتسيدة والأمتيازات الطبقية المتحكمة برقاب الناس. وواضح فى البلدان الغربية التي استطاعت فصل الدين عن الحكم والتشريع وحررت ارادة الأنسان ووعيه ان هذه المكانة ( قد ضعفت وفى طريقها الى التلاشي والأنقراض . )
وياتي بعد تلك الشريحة الطفيلية المزورة قيادات سياسية تتمتع بقوتين دينية وسياسية ( كمبرادورية ) من أمثال القاعدة وطالبان والحكام الطغاة الذين يبررون طغيانهم بفتاوى المدارس الدينية السنية والشيعية والرافضية الأكثر تطفلآ ومن الذين يطلقون على انفسهم مصطلح المجاهدون المحاربون من أجل الدين وحماته متناسين انهم انما يؤكدون بفتاويهم المزعومة عجز الله عن حماية دينه ومنح انفسهم هذه الصفةالمقتدرة . ثم يأتي الفقراء المنهكين من العمل المضني والعجائز والشيوخ والمراهقين , بعدهم تأتي النساء والأرامل فى خانة الشواذي الخلفية مرضرضة العظام والوعي . فما أكبرها من طراكيع حلت بالفقراء وتحولت بسبب جهلهم الى آفات سرطانية قاتلة تؤرقهم وتسمن كروش الفاسين السارقين !!!! .
ان الدين تأملات وجدانية صادقة بين الأنسان وربه يشعها الوعي فى الصدور والأحاسيس ولا تحتاج الى مدرس أو مجتهد او وكيل ,فالمتدينون الصادقون لم ولن ينجسوا انفسهم بالشعوذة والتطفل والفساد وسفك الدماء .
 

يتبع

¤ الحلقة العاشرة
¤ الحلقة التاسعة
¤ الحلقة الثامنة
¤ الحلقة السابعة
¤ الحلقة السادسة
¤ الحلقة الخامسة
¤ الحلقة الرابعة

¤ الحلقة الثالثة

¤ الحلقة الثانية

¤ الحلقة الأولى


 

free web counter