| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

                                                             الأحد 24/3/ 2013

                                                 

الجيش (ليس) سوراً للوطن
(3)

د. ناجي نهر

وفى هذا الخصوص اود التأكيد على معلومة بسيطة يعلمها كل الساسة واصحاب الاختصاص وكل المناضلين من اجل سعادة شعوبهم ،ان لا سلاح امضى فى تحطيم ركائز الاستغلال وعملائه امضى من حرمان الاستعمار من صناعة الجيوش وتصدير معداتها وثقافتها لشعوب العالم الثالث بغية استنزاف ثرواتها واخضاعها لمصالحه ، فبغير تحقيق هذا الهف الانساني النبيل ، سيظل نضال الشعوب ومناضليها غير مجدي ،وكأنهم ينفخون فى جرب مزروفة ،او فى قرب مثقوبة!!.

وبالتاكيد فان التاريخ المعاصر سيزود المتتبع والباحث المنصف بحقائق موثقة ومذهلة تدفعه نحو التفكير باهمية صرف النظر عن تكوين الجيوش ، وتبذير خزائن المجتمع عليها ، وتدفعه نحو الطريق السليم فى توعية المجتمع بثقافة عصرية انسانية ، تنبذ صناعة الجيوش والحروب، وتخلق (قادة بناة) يتفانون فى بناء مستقبل شعوبهم ومؤتمنين على ازدهار مجتمعاتهم ، من الذين لم ولن تسوّل لهم انفسهم سرقة شعوبهم ، او التبذير بفلس واحد من اموالها.

فالقادة البناة مدركون لعار وماهية واسباب تبذير او سرقة ثروات شعوبهم فى الماضي والحاضر والمستقبل ، و مدركون ايضا لكيف كان يجري تبريد الخواطر من خلال تسخير الاعلام الكالح لاجل تبرير تلك السرقات ومنح السراق المشروعية فى نهبها ، والاشادة الكاذبة والمزور ة فى ماهية الجيوش ووظيفتها الحقيقية ، واسباب وجودها والمبالغة فى تسليحها.

ومن هنا سيقع فى خطأ فادح (حد الاجرام) من يتصور او يفكر لحظة ما ، بان (الجيش سور للوطن ) او مدافع عن الوطن او مدافع عن الشعب او مدافع عن اي كان غير الدفاع عن مصالح الذين صنعوه وسلحوه بمالية مسروقة من خزينة الدولة ، لكي يدافع عنهم وعن مصالحهم ويحارب اعدائهم من المضطهدين .

فالجيوش بلا استثناء خلقتها مصالح الطبقات الحاكمة من اجل الدفاع عن حياتها وثرواتها ومصالحها ، اما الشعوب المغلوبة على امرها فهي ضحايا ووقود وآلة مطواعة للجيش وحروبه الفتاكة اللا مبررة. ولقد اثبتت التجارب ان الجيش ما هو الا اداة قمع الفقراء بيد الطبقة المستأثرة بالسلطة ، وسوط يلهب ظهور الشعوب المقهورة والمنهوبة ثرواتها ، ومن اجل اسكات صوتها بقرقعة السلاح والنار ، وبيان شدة البأس الاجرامي لصولجان حكامها وبأس جيوشها.

فكم من الثروات والاموال الطائلة صُرفت على اعداد الجيوش وتدريبها على القتل والتدمير اللاحضاري واللا انساني. وسواء كانت الدول كبيرة مستغلة قاهرة للدول الاصغر ، او كانت دول صغيرة صنعتها انظمة الدول الكبيرة ، فهما سوية سيحملان صفة سارقي قوت الناس الغلابى والمفرطون فى اموال الشعوب ، من اجل اعداد الجيوش الحارسة لهم ولاموالهم ، وبذلك سيكون الشعب هو الخاسر الاوحد ليس غير .

وفي نموذج الإسلام السياسى للإخوان المسلمين بعد الاطاحة بنظام مبارك بخاصة لخير دليل ، فقد كسب الجيش المصري عداء الشعب وغالبية المجتمع ، و القوى السياسية المصرية كافة ، بإحتلاله مراكز القرار والقيام، بالترويع والمذابح بمباركة من اصحاب الدين المتشدد وما يعرف بحزب الإخوان المسلمين ، وكل من على شاكلتهم .
فلقد وضع التحليل العلمي الرصين كل ما جرى من فعاليات واحداث شاذة ولاانسانية بخانة السرقة والاجرام ، وبعكسه اكدت الاحداث على ان فاعل الخير المحبب للناس والذي سيبشر بالجنة هو القائد السياسي الصادق فى القول والفعل مع من يقودهم ، وهو المنتج لما ينفعهم ، فالقائد السياسي المناضل بحاجة للتخطيط وللعمل المسئول ، وترجمته الى واقع نافع وملموس يلبي الحاجة الضرورية للجميع ليس غير..

فلا يمكن باي حال من الاحوال تسمية القتلة والمتخلفين عقليا بقادة الشعوب ، واذا ما جاوز الانتهازيون مدى وسجايا الصفات الانسانية المعروفة فحيذاك لن تستقر الشعوب ويهدأ بالها. فالبلدان الاوربية لم يهدأ حالها الا بعد ان ترسخت فى شعوبها ثقافة الاعتراف بالآخر والمساواة الفعلية بين مواطنيها فى الحقوق والواجبات ، واندثرت ثقافة السلف العائلية والعشائرية والمذهبية بفصل الدين عن الدولة والسياسة فصلا كاملا وجذريا ، وقاطعا الطريق بالكامل امام دابر الانتهازيين على اختلاف صورهم واشكالهم .

وخير تأكيد على الالتزام الكامل بالنهج الصحيح والسليم المتناسب مع ثقافة العصر ، هو التزام (بابا الفاتيكان) ثقافة العصر ، اذ برغم عظمة مكانته الدينية ،غير انه لا يسمح لنفسه بالتدخل بشؤون السياسة وحريات الناس الخاصة إطلاقا. بعكس ما نشاهده فى بلدان العالم الثالث من كثرة تدخل رجل الدين بشؤون السياسة ، مادا بوزه بين لحظة واخرى ، موجهآ وآمرآ بما يحلو له وما ينفع مبتغاه ، وما يتقاطع مع ما قاله رجل دين آخر قبله ، وكثيرا ما يجتر اكاذيب عن هذا وذاك ويلفق مفاهيم دوغمائية مربكة ، بعيدة عن ماهية الدين ، وكونه جوهر العدل والانسانية والحداثة والديمقراطية الرشيدة ، متناسيا ان رجال الدين يقتلون المناضلين الناشرين لثقافة العدل وثقافة الاعتراف بالآخر والمساواة الفعلية بين الناس بغير سبب ، ويقاومون بما يملكون من قوة وجبروت تطبيق الديمقراطية والحداثة والوحدة الوطنية ، فيلتقون بصنوهم الرأسمالي واهدافه وثقافته (فرق تسد).

واذا ما افترض احدهم عن سذاجة ، بان الجيش سور للوطن فالسؤال لماذا لم يستشار الشعب بأمر تكوين الجيش واحتياجاته وتجهيزه ؟.. و سيكون الجواب الصحيح لمثل هذه الاسئلة ، انها بدعة استغفال الاغبياء و ثقافة الضحك على الذقون الانتهازية.. ليس الا.

ولذا فان ثقافة العصر تنادي الشعوب المتخلفة بالحاح ممل ، بالاسراع وتغيير ما فى انفسهم و تجديد ثقافتهم بثقافة العصر الذي حان زمن تغييرها منذ امد طويل وطبقتها الشعوب الغربية بنجاح مطرد كضرورة تطورية ، فبتطبيقها قد تجسد البديل العلمي المضمون عن الجيوش وآلة حربها ، وفى تحويل بلدان العالم الثالث من بلدان مستوردة الى بلدان مصدرة من خلال ثورة صناعية زراعية هادفة نحو القضاء على البطالة والفقر والعوز والعمالة المقنعة ، ونحو تعزيز اسس النظام الديمقراطي , وتغيير التوازنات الطبقية والأثنية في المجتمع ، و ترسيخ و تعزيز الهويه الوطنية وتأكيد المواطنة بدلاً من الهويات الثانوية الطائفية والعشائرية ، والعمل بمسئولية انسانية على تعزيز توحيد العلاقات السياسية والاجتماعية بين مكونات المجتمع وتلبية حاجات الشعب وضمان حقوقه وحرياته وامنه من خلال مؤسسات امنية حديثة التجهيز فى المجال الفكري والتقني.

يتبع

 

الجيش (ليس) سوراً للوطن (2)
الجيش (ليس) سوراً للوطن (1)

 

 

free web counter