| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

                                                             السبت 16/3/ 2013

                                                 

الجيش (ليس) سوراً للوطن
(1)

د. ناجي نهر

دأب المستفيدون من وجود الجيش وتسليحه، منذ سالف العصر والزمان ، اكالة الثناء والمديح والاكثار من الاشعار والاناشيد والتراتيل المشيدة باسم الجيش بمناسبة وبغيرها ، وايهام الناس خلسة وكذبا بان الجيش (سور للوطن)، وعليهم احترامه والتضحية فى خدمته والانتماء اليه وتقوية ساعده برغم اضراره وكونه بحقيقة الامر الملموسة ليس حاميا للوطن او مفيدا للاكثرية او مدافعآ عن حقوقهم ، او حاميا لاوطانهم ، وانما العكس هو الصحيح ، فهو قاهر لارادة الشعب وقامع لمطالبه وحارسا امينا لمصالح الحكام الظلمة والمتجبرين ليس غير.

ولقد جاءت افتراءات الحكام وزبائنتهم فى اكالة الثناء والمديح والاكثار من الاشعار والاناشيد باسم الجيش (لتغطية) قبح افعاله، وللتخفيف من سوأة واجبه الاساس فى قمع الشعب واسناد باطل الحكام وجرائمهم وفتكهم بشعوبهم من خلال اعمال الجيش وقوته القمعية واستخداماته التنكيلية الاجرامية بمعارضي السلطة وبكل المطالبين بالحقوق المشروعة ، وكذلك لاخفاء اضراره وتداعيات استخداماته الاجرامية اثناء عمليات القمع والتنكيل فى الحروب الطاحنة ،هذا بالاضافة لما يسببه من جوع ومن حرمان لغالبية مكونات الشعب الفقيرة بسبب ما يرصد لتسليحه ولرواتب منتسبيه من اموال طائلة تصل احيانا ، وفى أزمنة الحروب بخاصة نحو استنزاف خزينة الدولة والمجتمع بكاملها وهو ما يشير بجلاء نحو عبث وفساد وافتراء وكذب وجنون الحكام ووعاظهم ومناصريهم. اذ غالبا ما تقود ممارسات الجيش اللانسانية نحو المجاعة المميتة للشعب والبطالة الكاملة والافلاس الساحق على نطاق الدولة والمجتمع والافراد.

لذا اجد فى هذه الدراسة القصيرة التأكيد على المختصين ، وبخاصة اولئك الموالين منهم للمجتمع الانساني ، القيام بفضح هذه الزندقة والمعلومة الخاطئة والكاذبة على شعوب مجتمعات العالم الثالث بخاصة ، بالتاكيد على انضاج مثل هذه الدراسات بشفافية جريئة ، وبيان اهميتها بما تستحقه من تفاصيل فى اسباب وجود الجيوش وخلقها ، والكشف عن عورات الانظمة التي تهدر اموال الشعوب من اجل تسليحها ، وفضح اكاذيبهم واساليبهم الدوغمائية المظللة بما تستحقه من مسئولية الدراسة المفيدة التي من شأنها توعية الشعوب بكيفية سرقة اموالها ، واسباب جوعها وحرمانها من حاجاتها الاساسية.

واقولها بصدق ، انني لم الاحظ دراسة رصينة فى هذا المجال تحظى بالاهتمام الكافي من المختصين او السياسيين او حتى من بعض القادة الثوار، او حتى من دعاة الحداثة والتغيير ، تهتم وتناقش هذه المسألة بتفاصيل وافية ، ليتخذ من خلالها رأي واضح وجرئ يتناسب والاختصاص المهني فى كشف الحقائق وتصحيح العلوم لفائدة الناس وعملية التطور المستدامة.

فبمثل هذه الدراسات المهمة سيتم (انعاش) الوعي المجتمعي وانعاش الاقتصاد ، او ربما تأتي اهمية هذه الدراسات من جانبها المعكوس الاهم ، الذي تتجلى اضراره عند السكوت عن فضح مثل هذه المقولات ، وأيهام الشعوب بصحتها ، مما سيؤدي نحو الدكتاتورية السياسية و(خنق) الاقتصاد ، والتسبب فى تدهور مستوى المعيشة بعامة المجتمع ، ولذلك ارى ضرورة ملحة فى اثارة هذه المسألة والاهابة والتحفيز لدراستها بمسئولية انسانية ووطنية اولا ، ثم من اجل فضح مخططات الحكام الانتهازية المضللة والمعادية للانسان والوطن ، ومن اجل تجنب تداعيات كافة الممارسات الضارة مستقبلا.

فالجيش كما هو مفهوم انبثق واشتدت الحاجة الماسة اليه من خلال ولادة الملكية الخاصة و تطورها وتضخم رؤوس الاموال لدى الاشخاص الذين استحوذوا على حقوق الآخرين ،ابتداءا من استحواذهم على حقوق ازواجهم واولادهم واحفادهم واقرب الناس اليهم ، والامعان بسرقتهم لجهدهم ونتاج عملهم ، ثم التخلي عنهم والتنصل والتنكر والانفصال عنهم وعن اسرهم الصغيرة ، وتحولهم بسبب تضخم رؤوس اموالهم الى اسياد متجبرين ينظرون نحو غيرهم عبيدا لهم ولاموالهم ، لكنهم اضحوا من جهة اخرى بحاجة الى من يحميهم ويحمي اموالهم ومكانتهم الاجتماعية والطبقية الجديدة ، وكان ما كان من كثرة الحرس والجيوش المتناسبة مع تطور الملكية الخاصة وتسببها فى انقسام المجتمع الى طبقتين (اسياد وعبيد) وتسببها ايضآ (الملكية الخاصة) فى تسلط السيد الجديد ، وتوسع دائرة رأسماله الأستغلالي البغيض ، وتوسع دائرة جيوشه الجرارة.

وكما هو معلوم ، فحينما ولدت الرأسمالية الاستغلالية الخاصة ولد من رحمها مباشرة (الاستغلال) البغيض للاخر ، وولد احتكار السلطة والارض وما عليها من جحافل العبيد الكادحة التي كانت وما زالت تشكل دائما الاكثرية العددية فى كل مجتمع ، وتكون كالعادة معدمة وجائعة ومستغلة ومقهورة ومظلومة ، وستبقى هكذا حتى تزول الفوارق الطبقية ويزول معها التسلط واستغلال الاخر من على ظهر كوكبنا.

فلقد كبرت الجيوش حجما وتسليحا كلما كبرت الهيمنة وحجم الدول وكبرت المهمات القرصنية الموكلة بها ، فقد ابتدأت الجيوش بحارس شخصي واحد لحماية السيد من ابناء جلدته ثم تطورت كما اسلفنا حتى اصبحت قوى جبارة مدججة بأحدث الاسلحة والدروع والطائرات والاساطيل العملاقة التي بإمكانها السيطرة واستعمار ما دونها حجما وقدرة.

غير ان التجربة الواقعية للشعوب علمت الانسان المناضل ان لا جيش فى العالم اقوى من الشعب وجحافله الذائدة عن الوطن وحكوماته المخلصة ، بخاصة حينما يتعرض الوطن الى غزو خارجي ، ففى بسالة الشعب الفيتنامي الذي مرّغ انوف الجيوش الرأسمالية الأمريكية الجرارة العالية التسليح بالزفت وعار الهزيمة العسكرية لخير دليل.

 يتبع

 

 

 

free web counter