| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مزاحم مبارك ماالله

 

 

 

 

الجمعة 6 /4/ 2007

 

 

الجانب الصحي للشعب
في وثائق الحزب الشيوعي العراقي
(3)
 

د. مزاحم مبارك مال اللــه

وفي تقرير فهد الذي ألقاه في المؤتمر الوطني الأول عام 1945 جاء فيه :
((...فحكومة الباججي لم تقم بأعمال محسوسة لرفع مستوى الشعب الصحي ...)) ، فلابد من الإشارة بأن تقرير فهد هذا والذي جاء تحت عنوان ـ حول الوضع العالمي والداخلي ـ قد تطرق الى العديد من القضايا الداخلية والخارجية وتلك التي تبحث بقضايا الحزب المختلفة فإنه لم يغفل الجانب الصحي لحياة العراقيين ووضع التقرير رقابته على أعمال حكومة الباججي لتفضح سياستها التي تركت ((الأمور تتابع إنحدارها نحو الهاوية )) كما جاء في التقرير.
لقد أقر المؤتمر الوطني الأول للحزب النظام الداخلي وميثاقه الوطني ، ففي النظام الداخلي وفي المادة (2)ورد النَص التالي : (( ... تجابه (ويقصد الطبقة العاملة) أوضاعاً إجتماعية متردية تكتنف جماهير شعبنا فتناضل ضد الجهل والفقر والمرض تلك الآفات التي تسهّل وقوع شعبنا فريسة لليأس والخوف )) .
هذا النص ينطوي على عدة دلائل مهمة :ـ
1. إن نضال الحزب في تلك الحقبة يشدد على قيادة الطبقة العاملة( وهي المتضرر الأكثر مع باقي القوى الكادحة المسحوقة ) لنضالات الجماهير .
2. ويفتح أمام الطبقة العاملة ومعها الجماهير،أبواب الوعي النضالي حينما يؤكد على إنها (تجابه) أوضاعاً متردية ، هذه الأوضاع ، يحفزها التقرير الى :
3. النضال ضد الجهل ... ألخ ، وليس هذا وحسب وإنما يخبر المناضلين بأن هذه الآفات ستكون ;
4. الحلقة الأضعف في الإقدام والمواصلة والمطاولة وكذلك في الشجاعة .
5. ولابد أن نشير هنا الى التشخيص الدقيق لصور التخلف الذي يعاني منه الشعب وهي صور ، الجهل والفقر والمرض ، وكما بينّا ذلك في مقدمة البحث .
أما المادة (4) من النظام فجاء فيها : ((...تستهدف الطبقة العاملة العراقية في نضالها الوطني الى تحطيم الأغلال التي تحرم أكثرية الشعب الساحقة من تذوق نعم الثقافة والصحة وبسطة العيش ..)).
وورد في الفقرة السادسة من الميثاق الوطني للحزب النص التالي :ـ
" نناضل من أجل الدفاع عن مصالح العمال،السياسية والإقتصادية والإجتماعية والصحية..."
فمن الواضح إن الميثاق لايفصل بين المصالح الإقتصادية والإجتماعية وبين المصالح الصحية لما للصحة الأهمية البالغة في ديمومة الحياة من أجل الإستمرار بالنضال المشروع للطبقات الكادحة والمتمثلة بالطبقة العاملة على إعتبار إن الحزب الشيوعي هو حزب الطبقة العاملة والطبقات الكادحة الأخرى.وليس هذا فحسب،فالميثاق الوطني للحزب إهتم بكل فئات وشرائح الشعب بلا إستثناء وأولاها الإهتمام المطلق،حيث جاء في الفقرة الحادية عشرة منه :ـ
" نناضل من أجل الإعتناء بالجندي العراقي المكلف،بصحته وتغذيته وتثقيفه وتربيته التربية الديمقراطية...."
هنا نلاحظ التشخيص الدقيق في تحديد نقاط الضعف في البُنيّة العراقية الواحدة : حينما يحدد (الجندي المكلف)، لماذا المكلف ؟،لأن في منتصف أربعينيات القرن الماضى والحرب العالمية الثانية مشتعلةٌ أوارها كان المكلفون بالتجنيد من العراقيين يعانون من الضيم والظلم ، يعانون من الفقر والعازة جرّاء الإهمال على إعتبار إن الجنود المكلفين هم من الطبقات الفقيرة الكادحة، ولمّا كان الحزب الشيوعي مدافعاً عن الفقراء والكادحين لذا فمن المنطقي جداً أن يرد هكذا نص يهم المكلفين بالعسكرية من هؤلاء المساكين.
في عام 1952 تم إقرار ميثاق الحزب الجديد والذي ورد في فقرته السابعة مايلي :ـ
((العناية بصحة الشعب وإكثار المستشفيات والمستوصفات والأطباء،وتوفير الأدوية والمعالجة المجانية،ومكافحة الأمراض المستوطنة وبناء المصحات للكادحين،ورعاية الأمومة والطفولة في المدن والأرياف.))
أما في الفقرة الثامنة من هذا الميثاق والتي تناولت الدفاع عن حقوق العمال فقد ورد فيها :((... وتوفير المساكن الصحية... والشروط الصحية في المعامل...))
أن ما ورد في هذا الميثاق بالمجال الطبي والصحي يُعّدُ إنتقالة نوعية بمنهجية الخطاب المعروض أمام الجماهير ويعكس نضجاً واعياً في تناول المشاكل التي تمّس حياة الشعب وكذلك تطرح البدائل السليمة لتلك المشاكل وفق أسلوب النضال المطلبي.
و في نيسان 1955 تم حياكة مؤامرة جديدة (بريطانية ـ تركية مع النظام الملكي العراقي) ضد الشعب العراقي ذات مرام محلية وإقليمية وذلك بعقد إتفاقات ومواثيق،بعض منها سرية بين هذه الإطراف لتكن بديل لمعاهدة 1930 العراقية البريطانية،ولكن الحزب الشيوعي العراقي فضح هذه الإتفاقيات وعلى صفحات جريدته الناطقة بلسانه (القاعدة)،ففي شهر أيار /1955 عرضت الجريدة مساوئ هذه الإتفاقات الإستعمارية الجائرة والتي تكبّل الشعب،ليس هذا فحسب وإنما عرضت منهجاً ثورياًً دعت فيه العراقيين الى النضال من أجل تحقيقه (هذا المنهج كان تحت عنوان ـ إطلاقات أيار ـ)،ففي (البند 5 فقرة هـ) منه ورد ما يلي :ـ
((مكافحة الأمراض المستوطنة.. وتوسيع شبكة المستشفيات والمستوصفات والفرق الصحية المتجولة..وإقامة دور الحضانة وإيجاد مصحات للعمال الكادحين.....))،أما في الفقرة (ج) من نفس البند فقد وردت عبارة تخص شريحة أخرى من أبناء الشعب،حيث تقول العبارة :((تحسين حالة الجنود المعاشية والصحية....))
يتضح من ذلك إن الحزب كان يقف بالمرصاد لأي مؤامرة يُراد تمريرها غرضها التلاعب بمقدرات الشعب والوطن،وكذلك يتضح جلياً إن الحزب يطرح دوماً البدائل الصائبة والحقيقية من أجل تحقيق الغايات الوطنية الديموقراطية السليمة.

يتبع

¤ الجزء الثاني

¤ الجزء الأول