|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  4 / 4 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

هل ما يجري في مدينة بُهرز في ديالى عمليات انتقامية للشيعة ضد السنة؟!!

كاظم حبيب

العراق الراهن يعيد الماضي البعيد ويعيش فيه وتحت وطـأته بالتمام والكمال، يعيش مرة أخرى حياة الجهل والتخلف وسيادة قانون الغاب والغزو العشائري وصراخ "الدم بالدم" والصراعات والنزاعات الطائفية والقتل بسبب التباين في الدين والمذهب. هكذا أصبحت الحياة بالعراق الطائفي التي يعاني منها شعب العراق منذ سقوط أبشع دكتاتورية عرفها العراق الحديث، دكتاتورية البعث "العربي الاشتراكي!" والمجرم صدام حسين وطغمته الحاكمة وأخوته في الفكر والممارسة الذين حكموا العراق قرابة 50 عاماً بين 1963-2003 والتي أدت إلى موت واستشهاد مئات ألوف العراقيات والعراقيين في أقبية السجون وأثناء التعذيب وفي الشوارع والحروب الداخلية والخارجية أو بسبب الجوع والحرمان ونقص الأدوية الناجم عن الحصار الاقتصادي الدولي. هكذا يريد الطائفيون القدامى الجدد، سواء أكانوا من الشيعة أم السنة، أن يكون عليه العراق، أن يعيش شعب العراق في دوامة القتل الإرهابي وأن يكون القتل مسلطاً وفي كل لحظة على رقاب الناس، إنهم يسعون لجعل الشعب يعيش حالة القتل المتبادل، سني يقتل شيعي وشيعي يقتل سني والجميع يقتلون الجميع. هل يريدون حرباً طائفية؟ كل الدلائل تشير إلى أنهم يسعون إليها ويدفعون بالشعب إلى أتون حرب طاحنة لا ينجو منها لا سنة ولا شيعة ولا غيرهم من أتباع الديانات الأخرى.

ليس المواطنين الاعتياديين أو الطبيعيين السنة هم من يقتلون الشيعة، كما وليس المواطنين الشيعة الاعتياديين أو الطبيعيين هم من يقتلون السنة، بل إن القتلة هم الإرهابيون التكفيريون من مختلف الأصناف ومن المليشيات الطائفية المسلحة، شيعية كانت أم سنية وكذلك جمهرة من البعثيين المسلحين والمتحالفين مع تلك القوى الإرهابية، وكذلك القوى المتعاونة معها في أجهزة الدولة المدنية منها والعسكرية. وهذه هي الحقيقة وليس غير ذلك.

بالأمس طلع على الناس وجه طائفي سياسي مسموم ينشر سموم العداء والطائفية في أجواء العراق، طلع على الناس من على شاشة قناة الحرة الأمريكية وجه امرأة اسمها حنان الفتلاوي، التي أصبحت في الزمن الرديء جداً نائبة عراقية، يجسد الحقد والكراهية بكل بشاعتهما, يصرخ "أريد مِن ينقتلون سبعة شيعة، أريد گبالهم ينقتلون سبعة سنة"!!! تباً لكِ من امرأة فاشية النزعة والهوى والأساليب الدعائية البشعة. هذه النائبة المصونة التي تريد "الدم بالدم"، تريد الثأر الانتقامي، تمثل قائمة دولة القانون التي أسسها ويرأسها نوري المالكي، ولا يمكن أن تكون بعيدة عن موافقة رئيس والكثير من أعضاء القائمة، إذ أن صراخها يذكر الجميع ومن جديد بصرخة نوري المالكي في القناة العراقية التي صاحبته استعراضاً بعد مقتل محمد البديوي "الدم بالدم...".

هذه المرأة، التي تمثل كتلة المالكي وقائمته "دولة القانون!" تدعو صراحة وبدون أي حياء أو خشية من قانون إلى ممارسة قتل السنة لأخذ ثأر الشيعة. هل نحن نعيش في دولة القانون أم في دولة يغيب عنها القانون؟ هذا السؤال موجه إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى ليفتي بالأمر!! ، أم إنه لم يسمع صراخ هذه المرأة المسعورة في قناة الحرة.

والسؤال الكبير الذي يواجهنا هو: هل ما يجري في بُهرز من قتل أناس أبرياء هم من أتباع المذهب السني يعتبر عملية انتقامية منظمة وموجهة لمقتل الشيعة على أيدي الإرهابيين في مناطق مختلفة من العراق وفي مناطق شيعية؟ وهل إن هؤلاء يقتلون بحماية الحكومة ودعمها لأن رئيس الحكومة شيعي وطائفي بامتياز وممثلته تدعو إلى أخذ الثأر والقتل على طريقة السن بالسن والعين بالعين؟ هل تحولت دولة القانون وقائمته إلى دولة اللاقانون وقائمته قائمة اللاقانون؟ وهل كانت حنان الفتلاوي تعبر وتؤيد صراحة عما يجري في بهرز من قتل انتقامي مثير للقرف والاشمئزاز ويعمق الكراهية والحقد في المجتمع العراقي المتعدد الأديان والمذاهب عن فكر وممارسات ورأي قائمة دولة القانون ورئيسها؟

إن ما قالته المرأة المدعوة حنان الفتلاوي (وهي مفرغة من كل حنان) سيخضع لمحاسبة قضائية صارمة، لأنها تثير الكراهية والحقد وتدعو إلى القتل العمد انتقاماً لمن يقتل على أيدي الإرهابيين؟ كما لم يحاسب قضائياً حتى الآن رئيس الوزراء على صرخته "الدم بالدم". هذه المرأة مكانها ليس مجلس النواب بل قفص الاتهام أمام محكمة غير خاضعة لرئيس الحكومة وقراراته. في دولة دستورية وديمقراطية تحترم نفسها لا يكون مكان مثل هؤلاء الناس غير مستشفى الأمراض النفسية لمعالجتهم من عللهم الاجتماعية الطائفية والكراهية والحقد وعدم اعترافهم بالقانون أو السجن.

إن قتل الإنسان، أياً كان، جريمة لا تغتفر، ويزداد ثقل الجريمة بشاعة وعدوانية حين يقتل لكونه شيعي المذهب. وكذا الحال حين يقتل السني المذهب أو المسيحي أو المندائي أو الإيزيدي أو البهائي أو غيرهم، فهي جرائم وانتهاك صارح لحقوق الإنسان في الحياة وفي الاعتقاد والعبادة.

ويزداد الأمر بشاعة حين تدعو منظمات إرهابية تكفيرية إلى القتل العمد بسبب الدين أو المذهب. ولا يختلف الأمر حين تجلس حنان الفتلاوي في قناة الحرة وأمام الملايين من البشر بالعراق وخارجه وتدعو إلى قتل سني حين يقتل شيعي!

لقد ازداد نشاط قوى الإرهاب التكفيرية والميليشيات الطائفية المسلحة واتسع خلال السنتين المنصرمتين، ولكن وبشكل خاص في هذه الأيام حيث الانتخابات على الأبواب. إنها محاولة لتشديد الصراع الطائفي واصطفاف القوى الطائفية واستقطابها لصالح هذا الطرف أو ذاك. إنها جريمة بشعة بحق الشعب العراقي يجب أن تتوقف. ولا يمكن أن يوقفها هؤلاء المتصارعون على السلطة والنفوذ والمال على حساب حياة ومصالح الشعب العراقي، وعلى وفق القاعدة القائلة "الغاية تبرر الواسطة"، بل لا بد من تغيير كامل الطاقم الحاكم، النخب الطائفية الحاكمة ورفض الهوية الطائفية السياسية، والأخذ بقاعدة ومبدأ المواطنة الحرة والمتساوية وانتخاب من يلتزم بالهوية الوطنية العراقية والمواطن أو المواطنة العراقية، إنها الأساس للخلاص مما يجري منذ عشر سنوات بالعراق الحبيب.

إذا كان العراق قد ابتلى بالقوميين العرب المتطرفين والمستبدين، فإنه اليوم مبتلى بالطائفيين المتطرفين المستبدين الذين لا يرعون حرمة الإنسان ولا حقوقه ويمارسون القتل بدم بارد، سواء أكان الضحية مسلماً شيعياً أم سنياً، أم من ديانات أخرى.

لنعمل من أجل وقف عمليات القتل بالعراق، لنعمل من أجل دحر الإرهاب بكل أنواعه، لنناضل من أجل دحر الفكر
الطائفي السياسي والانتقامي والثأري الذي ينتهك الدستور والعراقي القوانين المعمول بها بالبلاد، لنعمل من أجل سيادة القانون الديمقراطي وضد قانون الغاب السائد بالعراق حالياً. لنوقف عمليات القتل الجارية في بُهرز وتجريف البساتين.

لتنتصر إرادة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والسلم الاجتماعي والسلام والعدالة الاجتماعية بالعراق المستباح حالياً والذي غابت عنه ولعقود كثيرة هذه المبادئ الإنسانية.

 


2/4/2014



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter