|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  29 / 6 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

هل من حلول سلمية وديمقراطية للأزمات المتشابكة والمعقدة بالعراق؟

كاظم حبيب

يوم الثلاثاء المصادف 1/7/2014 سيجتمع مجلس النواب العراقي في دورته الثالثة في أعقاب صدور دستور العراق الجديد في العام 2005. ويختلف المحللون السياسيون بالداخل والخارج في تقديرهم عن مدى قدرة هذا المجلس الذي انتخب على ذات الأسس الطائفية والصراع بين القوى والأحزاب الطائفية والتي تجلت إلى ابعد الحدود في نتائج الانتخابات والقوى التي احتلت مواقع مهمة لها في مجلس النواب. فمنهم من يرى عجز هذا المجلس عن، ومنهم من يرى قدرة المجلس، على تجاوز الطائفية السياسية وإيجاد حل سلمي وديمقراطي للحالة الراهنة. والحكمة تقول بـ "أن فاقد الشيء لا يعطيه"! فما من مجلس ينتخب على أسس الهويات الفرعية الطائفية القاتلة يكون بمقدوره تجاوز هويات الطوائف والقوميات وإيجاد حلول عملية وسلمية وديمقراطية للمشكلات التي تواجه الشعب العراقي على أساس الهوية الوطنية والمواطنة الحرة والمتساوية. هذا النقاش يدور منذ فترة غير قصيرة في أوساط المحليين السياسيين والاجتماعيين وعلماء النفس والاقتصاد داخل وخارج العراق. والغالبية تشك في امتلاك مجلس النواب الجرأة على سلوك السبيل القويم والعقلاني بالضد من السلوك المعوج الذي سارت عليه كل مؤسسات الدولة العراقية حتى الآن، ومنها مجلس النواب والحكومة ومجلس القضاء العالي في بعض أهم تفسيراته للدستور لصالح الحكومة القائمة.

تؤكد المعطيات المتوفرة على أرض الواقع العراقي بأن المعالجات العسكرية والأمنية التي التزم بها رئيس وزراء العراق نوري المالكي خلال ثماني سنوات من حكمه الفاشل قد برهنت إنها ليست عاجزة عن معالجة أوضاع العراق الرديئة فحسب، بل كانت بمثابة رش الزيت على النيران المشتعلة بدلاً من إخمادها، وبالتالي عمقت ووسعت المشكلات وتسببت بردود أفعال مناوئة وخلقت خنادق متباعدة ومتصارعة مما فسح في المجال إلى ولوج عصابات داعش والبعث المسلح الإجرامية وغيرهما على خط الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية السلمية في مناطق غرب العراق والموصل والاستفادة منها لاجتياح الفلوجة والموصل ومدن أخرى. وكان رد الفعل هو التجييش السريع والواسع للمليشيات الشيعية المسلحة، من أمثال عصائب أهل الحق وميليشيات جيش المهدي وبدر وحزب الله وغيرها، بدلاً من إعادة تنظيم القوات المسلحة العراقية وتغيير النهج الذي سارت عليه وتلقيحها بعقيدة وطنية عراقية لا طائفية وتغيير القوى الفاعلة فيها والبدء بربط الحل العسكري بغطاء سلمي يطرح حلولاً سلمية وديمقراطية للمشكلات القائمة بما يسهم في فك الارتباطات والتشابكات التي نشأت بين قوى الإرهاب وبين قوى الانتفاضة الشعبية في مناطق غرب العراق والموصل وحل المليشيات الشيعية المسلحة التي بدأت استعراضاتها بأسلحة تقليدية متطورة وخارج الدستور العراقي! فالسلاح لا يجوز أن يكون خارج إطار الدولة وقواتها المسلحة.

إن توفرت النية الحسنة والصادقة سيكون في مقدور مجلس النواب، واستناداً إلى تجربة عشر سنوات عجاف ومريرة من سياسات المحاصصة الطائفية والصراع الطائفي بين القوى الطائفية، تكليف شخصية عراقية وطنية، سواء أكانت من أعضاء مجلس النواب أم من خارجه، بتشكيل حكومة وطنية عراقية غير طائفية تلتقي عندها أهداف الشعب كله في هذا الوطن المستباح والمخرب والفقير, رغم غناه, حكومة تمثل مصالح الشعب كله قبل طوائفه، وبالتالي فهو تمثيل مباشر للجميع دون تمييز. مثل هذه الحكومة التي تطرح برنامجاً من نقاط عدة أساسية تمس جوهر القضايا التي تواجه الشعب في أساليب وأدوات وأهداف عمل الحكومة الاتحادية، في علاقاتها مع الإقليم ومع المحافظات الغربية والجنوبية والوسط والشمال وبغداد، في علاقة الميزانية والاتحادية مع ميزانية الإقليم وميزانية المحافظات، في الموقف من سياسة النقط الخام وفي الموقف من الأحزاب السياسية والقوانين الضرورية المعطل إصدارها حتى الآن، وكذلك في الموقف الجاد والمسؤول من تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي الذي لم تعالجه الحكومات المتعاقبة منذ عشر سنوات حتى الآن، وكذلك الموقف من الهيئات المستقلة دستورياً كالبنك المركزي والمفوضية المستقلة للانتخابات..الخ. طرح برنامج يزيل الشعور بالشوفينية والطائفية السياسية والمغبونية والتهميش والإقصاء وخلق شعور واقعي وحقيقي لدى كل المواطنات والمواطنين بأنهم جميعاً مواطنون ومواطنات من الدرجة الأولى وليس هناك من هم من الدرجة الثانية أو الثالثة!!

هل في مقدور هذا المجلس أن يتجاوز واقعه الحالي وصيغة تشكيله الراهنة ويحقق ما لا يتوقعه الكثير من الناس بالداخل والخارج؟ الشكوك تحيط بهذه الرغبة الملحة لدى الإنسان العراقي، رجلاً كان أم امرأة، فهل الأزمة الراهنة واستباحة مناطق واسعة من العراق، رغم خراب الموصل قبل البصرة، تسمح بنشوء عقلانية وحكمة لدى أعضاء مجلس النواب، أم سيبقى الهاجس الطائفي المقيت يهيمن على سلوكهم اليومي كما كان في الدورتين السابقتين؟

أتمنى أن ينتصر العقل وأن تسود الحكمة والمروءة لدى غالبية نواب المجلس، إن لم نقل كلهم، بما يسمح بتبديل الوضع الراهن غير الصالح بوضع يكون صالحاً للجميع من خلال التزام الحلول السلمية والديمقراطية للمشكلات الراهنة. إلى هذا يتطلع الإنسان العراقي ويحلم به يومياً، فهل في تطلع الشعب هذا ما هو كثير عن حاجة العراق الفعلية في المرحلة الراهنة وعن قدرة مجلس النواب؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة!


29/6/2014
 





 





 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter