|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  29 / 12 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

هل الظهير الشعبي المجتمعي
الذي تحتاجه القوات العراقية في مواجهة عصابات داعش المجرمة مفقودا!

كاظم حبيب 

مهما كانت القضية التي تقاتل من أجلها القوات المسلحة العراقية عادلة، فإنها لن تحقق النصر المنشود على قوات العدو الشرسة ما لم تمتلك هذه القوات الظهير المساند والداعم لها والمتحفز باستمرار لمساعدتها في مواجهة العدو الذي استباح أرض العراق وشعبه والقضاء عليه. وليس المقصود بالظهير الشعبي ما أطلق عليه بالحشد الشعبي، بل الجماهير الشعبية الواسعة من أتباع جميع الديانات والمذاهب ومن أبناء وبنات جميع القوميات وكل القوى والأحزاب السياسية العراقية. هذا هو الظهير المطلوب لانتصار القوات العراقية في معاركها اليومية ضد عصابات داعش ومن يقاتل معها من القوى التي ساعدت على استباحته للأرض العراقية. وهذا الظهير الجماعي المشترك لا يمكن أن يحققه نظام سياسي يعتمد المحاصصة الطائفية في بنية الدولة والسلطات الثلاث ويولي الأهمية الأولى للهوية الفرعية وليس لهوية المواطنة.

الظهير العراقي في واقع الحياة غير متوفر، وهو ليس سراً بل يعترف به الجميع في الداخل والخارج. وبتعبير أدق فالظهير الراهن جزئي لا يشمل المجتمع العراقي، ولا يشمل حتى الآن وكما هو مطلوب تلك المناطق التي استباحها العدو الغاشم، وأعني بها محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى على سبيل المثال لا الحصر. وهي الإشكالية التي لم تنجز من جانب رئيس الحكومة العراقية الدكتور العبادي، أياً كانت الأسباب والعوامل الكامنة وراء العجز في تحقيق هذه المهمة الكبيرة والحاسمة في المعارك الجارية مع العدو المجرم.

الحشد الشعبي الراهن يتكون في غالبيته من الشيعة ومن أعضاء المليشيات السابقة على نحو خاص، إضافة إلى جمهرة من الشيوعيين والديمقراطيين والمستقلين وغيرهم الذين يشكلون جزءاً محدوداً من قوات الحشد الشعبي ممن لم يرتكبوا جرائم أو إساءات ضد المجتمع منذ سقوط الدكتاتورية حتى يومنا. كما إن هناك شكاوى كثير من سلوكيات قوى في الحشد الشعبي في المناطق التي أغلب سكانها من المواطنين من أتباع المذهب السني وهو أمر غاية في السوء والإساءة للنضال الذي يفترض خوضه ضد العدو المشترك. والتقارير التي أطلع عليها حيادية، جادة ودقيقة وتشير إلى وجود مثل هذه المخالفات والتجاوزات الجدية والخطيرة.

ومقابل هذا لا نجد التعبئة الضرورية والمطلوبة من جانب سكان المناطق التي تعاني من استباحة داعش في المناطق التي يقاتل فيها الجيش وقوات الأمن والحشد الشعبي بسبب غياب الثقة المطلوبة بهذه القوات وبسبب خشيتها من انتقام تتعرض له، إذ أن المعلومات تشير إلى وجود مثل هذه السلوكيات المشينة والمعرقلة لأي تفاهم ومصالحة، وهير بما مقصودة من جانب تلك القوى التي تمارسها.

إن المسؤولية الكبرى لإزالة كل هذه العقبات يقع على عاتق رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وكذلك المسؤول عن ملف المصالحة الوطنية الدكتور أياد علاوي، نائب رئيس الجمهورية. ويبدو لي أن ليس هناك تفاهماً ضرورياً في هذه المسائل بين المسؤولين، والتي إن استمرت ستقود إلى عواقب وخيمة، أقلها استمرار المعارك دون تحقيق النصر المنشود وخاصة في الموصل المحتلة تماماً من عصابات داعش المجرمة، وبالتالي المزيد من الضحايا والدمار.

لو تتبعنا المعارك التي تخوضها قوات البيشمركة لوجدنا انتصارات متلاحقة، بعد أن عولجت جملة من المشكلات التي تعرضت لها هذه القوات في بداية هجوم عصابات داعش المجرمة على سنجار وسمار وغيرها. وهذا الأمر يعود إلى عوامل عدة، ولكن من أهمها وجود الظهير المساند لهذه القوات والداعم لها، وأعني به الشعب الكردي بالإقليم، بمن فيهم الجماعات التي تختلف مع حكومة الإقليم في بعض سياساتها ومواقفها، لأنها تجد في تلك المعارك انتصاراً للشعب والخلاص من القوى المدمرة والفاشية المتمثلة بعصابات داعش المجرمة. وستكون الانتصارات أقوى وأكثر لو أمكن وبالسرعة الضرورية إعادة الثقة المفقودة حتى الآن بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ومعالجة القضايا العالقة لا على أساس الحلول المؤقتة، بل على أساس الحلول الدائمة وعلى وفق الدستور العراقي ولصالح كل القوميات.

إن الواقع العراقي الراهن يتطلب مجموعة متكاملة ومتفاعلة من المعالجات السياسية، بما فيها سبل الخلاص من تركة نوري المالكي ورهطه والموقف من المصالحة السياسية واستعادة الثقة المفقودة والعسكرية والأمنية، والاقتصادية والاجتماعية، بما فيها مكافحة الفساد والفاسدين المهيمنين على مفاصل مهمة في السلطات الثلاث للدولة العراقية الهشة، وبدونها ستتعثر معركة القضاء على عصابات داعش المجرمة. كما إن استمرار وجودها يعني المزيد من الخراب والدمار والموت لمزيد من البشر، وهو الأمر الذي يفترض أن تدركه الحكومة العراقية وكل القوى السياسية العاملة معها والمجتمع بأسره.
 

28/12/2014


 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter