|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  27 / 3 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

إياكم والفتنة التي يسعى رئيس وزراء العراق إلى إشعالها بين الشعبين العربي والكُردي
القول الفتنة (الدم بالدم ... وأنا ولي الدم)

كاظم حبيب

سقط الأكاديمي والصحفي العراقي محمد بديوي قتيلاً برصاص ضابط من الحرس الرئاسي. جريمة بشعة وقعت يوم 23/3/2014 شُجبت من كل الأحزاب والقوى السياسية ومن منظمات حقوق الإنسان والصحفيين ومن الكثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية العربية والكردية وغيرهم. كما أصدرت الأحزاب الكردية إضافة إلى رئاسة الجمهورية بيانات إدانة لهذه العملية الجبانة التي وقعت بعد شجار بين الدكتور محمد بديوي والضابط الأهوج. قامت عقيلة رئيس الجمهورية بزيارة عائلة القتيل وقدمت تعازيها واعتذارها وحزنها للجريمة المرتكبة ووجدت صدى استحسان لدى عائلة القتيل.

وقعت جرائم قتل لأكثر من 300 صحفية وصحفي عراقي وعشرات الأكاديميين العراقيين والعراقيات خلال السنوات العشر المنصرمة. وقبل فترة وجيزة قتل برصاص الغدر كامل شياع المستشار في وزارة الثقافة العراقية والصحفي والكاتب هادي المهدي ومدرب نادي الرياضي في كربلاء وعشرات غيرهم. وفي كل هذه الجرائم لم يظهر رئيس الوزراء العراقي إلى مواقع القتل ولم يجلب معه قيادة عمليات بغداد وجيش جرار من الضباط والجنود، كما لم يصرح بما يلي: "الدم بالدم ...وأنا ولي الدم". ماذا يعني هذا التصريح؟ ولماذا يطلق رئيس وزراء العراق مثل هذا التصريح مع مقتل الدكتور محمد بديوي دون غيره من القتلى الصحفيين والأكاديميين؟

1) يبدو لي إن المالكي يريد خلق فتنة كبرى بين العرب والكُرد بعد أن عجز عن استثمار الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق على إثارة الصراع بين العرب والكُرد وإشاعة عداء العرب ضد الكرد، كما عجز قبل ذاك صدام حسين الذي كان يسعى إلى ذلك طوال عهده المشؤوم. وكما يبدو إنه يريد أن يكسب عشيرة الشمرية العربية إلى جانبه بتبني الثأر للقتيل لا من القاتل وعائلته بل من الشعب الكُردي كله، ويبدو إنه محتاج إلى ذلك وهو مقبل على انتخابات لا يبدو أنه قادر على كسب المزيد من الأصوات التي يحتاجها لولاية وزارية ثالثة بالعراق. إنه العربي الذي يريد أن يثأر للقتيل العربي من القاتل الكُردي! بئس العقل والفكر الذي يحمله في رأسه، بئس الموقف وبئس السلوك المشين الذي سلكه رئيس وزراء العراق الذي يفترض أن يقود حكومة في بلد الحضارات القديمة، في بلد يريد أن يخطو صوب المدنية، وإذا به يتصرف كعشائري بدائي متخلف يعود لقرون خلت. حتى العشائر لا تنادي بهذه الطريقة السمجة والمثيرة للفتن. تباً لك من رئيس وزراء عشائري متخلف يريد إثارة شعب ضد شعب آخر مستثمراً ومستخدماً جريمة قتل لإنسان أكاديمي وصحفي نبيل كان يقوم بواجبه. تباً لك من إنسان لا يحترم القضاء العراقي ولا يريد وضع القضية كلها بيد القضاء بل يريد أن يثأر للقتيل بنفسه! وهنا يريد أن يقدم نموذجاً سيئاً للمجتمع كله كما قال الشاعر
:

إذا كان ربُّ البيت بالدفِ ناقراً فشيمةُ أهل البيت كُلهم الرقصُ

ولكن حاشا الشعب من هذا السلوك المشين، فالإدانة لتصريحات رئيس الوزراء ملأت الصحافة العراقية والأخبار التي تدلل على وعي الناس بما يسعى إليه رئيس وزراء العراق ورغبته في استعداء العرب على الكُرد، إلى فتنة جديدة ليس فقط بين الشيعة والسنة، بل وبين العرب والكُرد أيضاً.

حتى الآن لم يستطع نظام المحاصصة الطائفية أن يكشف عن قتلة عشرات الصحفيين العراقيين وأن يقدمهم إلى المحاكمة لينالوا جزاء أفعالهم الشنيعة، كما لم يستطع وضع حدٍ للقتل اليومي الجماعي الذي يتعرض له العراقيون والعراقيات. ولكن رأس النظام مستعد أن يظهر في مكان الجريمة وكأنه "رامبو" العراق أو "عنترة بن شداد" ومعه جمهرة من قواته الخاصة ، قوات عمليات بغداد لكي يقول "الدم بالدم ... وأنا لي الدم". أنت لست ولي دم محمد بديوي بل القضاء العراقي، ولكنك مسؤول مسؤرولية مباشرة عن كل الدماء التي أزهقت بالعراق خلال السنوات الثماني المنصرمة لأنك رئيس وزراء العراق وليس رامبو العراق.

2) يشكل الحرس الرئاسي جزءاً من القوات المسلحة العراقية وليس جزءاً من قوات الپيشمرگة الكردستانية، وهي قوات تخضع لقيادة رئيس الوزراء العراقي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة العراقية. والحرس الرئاسي قوة عسكرية مكونة من كرد وعرب وتركمان وكلدان، أي من القوميات كافة ومن أتباع الديانات العراقية العديدة، فلماذا تجري محاولات لإثارة الفتنة من البعض القليل الذي يريد اعتبار الحرس الرئاسي جزءاً من قوات الپيشمرگة الكردستانية؟ ألا يهدف ذلك إلى إشاعة الصراع والكراهية ضد الكرد وضد الپيشمرگة. إنه السبيل المعوج الذي لا يخدم وحدة الشعب العراقي بقومياته وأتباع دياناته ومذاهبه كافة، إنه النهج الطائفي العدواني المفرق للصفوف والذي يفترض أن يدان قبل أن يؤذي المجتمع العراقي كله.

ليسقط الشعب العراقي الفتنة التي يريد رئيس وزراء العراق، كما يبدو، إشعالها لتخدم أغراضه العامة وللانتخابات البرلمانية القادمة على نحو خاص.

ليتخذ القضاء العراقي مجراه في التحقيق وفي تقديم الجاني إلى المحاكمة لينال الجزاء العادل الذي يتفق مع قانون العقوبات البغدادي.

لنعمل من أجل إشاعة ثقافة الحوار والتسامح والسلام ونشر الأمن والاستقرار بدلاً من تكريس وتعميق ثقافة القوة والعنف والثأر والانتقام والسلاح على مستوى الأفراد والجماعات بالعراق.

 


25/3/2014
 



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter