|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  26 / 8 / 2015                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من هم المتظاهرون ضد الطائفية والفساد والإرهاب؟

كاظم حبيب 

لم يكن في مقدور رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، إخماد جذوة حركة الشبيبة العراقية والمجتمع العراقي عموماً، المطالبة بمحاربة الطائفية السياسية والمحاصة والفساد والإرهاب، والعمل من أجل التنمية والتصنيع وتحديث الزراعة وتوفير العمل للعاطلين ومحاربة الفقر والتصدي لتفاقم فجوة الدخل بين الأغنياء وجمهرة متسعة من الفاسدين والمرتزقة الذين يسرقون يومياً المال العام من جهة، والغالبية العظمى من بنات وأبناء المجتمع من جهة أخرى، رغم الاستبداد والقمع والتأليب ضد المتظاهرين والإساءة إلى سمعتهم واعتقال البعض منهم وتعذيبهم ...الخ. فالنار لم تخمد تحت الرماد، إذ استعاد هبَّت الشبيبة مطالبة بالأهداف ذاتها التي أعلنتها في مظاهرات 2011 وفشلت في تحقيقها.

فالمظاهرات التي بدأت بالبصرة وبغداد وامتدت إلى أغلب مدن الوسط والجنوب قد انطلقت بصورة عفوية كتلك التي انطلقت قبل أربع سنوات ولكن بواقع جديد نشير إلى بعض ملامحه :

1. امتلكت الشبيبة العراقية معارف جديدة وتراكم خبرة سياسية واجتماعية عبر السنوات الأربع المنصرمة تساعدهم اليوم على ضبط إيقاعات الحركة الشبابية وقدرتها على بلورة الشعارات المهنية والمعيشية التي تعبئ الناس حولها وتشدهم إلى الشعارات الوطنية العامة المناهضة للمحاصة الطائفية والتمييز الديني والقومي وضد المرأة ..الخ.

2. اتساع قاعدة المشاركين في المظاهرات بحيث شملت أوساطاً واسعة من أبناء الفئات المنتجة والكادحة والمتوسطة والمثقفة والمتعلمة والكسبة والحرفيين التي تعاني من جراء الأوضاع المتردية، وخاصة الفساد والإرهاب وتردي الخدمات بالبلاد.

3. وزاد الأمر سوءاً اجتياح العراق من بوابة الموصل وبقية مدن محافظة نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى وتفاقم أعداد النازحين والمهجرين والمسبيات والمغتصبات، وهي عواقب ارتبطت بحكم نوري المالكي المتهم بإعطاء الأمر بانسحاب القوات المسلحة من الموصل، وهو القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء، وتسليم الموصل عملياً مع قيادات عسكرية أخرى إلى عصابات داعش.

4. اصطفاف المرجعية الدينية للشيعة، مرجعية السيد السيستاني، إلى جانب مطالب المتظاهرين العادلة والمشروعة والمسؤولة ولأول مرة، مما أعطاها دفعاً وألزم رئيس الوزراء البدء بتنفيذ البرنامج الذي اقسم بتنفيذه بجرأة وشجاعة مطلوبتين.

5. وأمام هذه التجمع الكبير والمتنامي المناهض للطائفية والفساد والإرهاب والمناضل من أجل طرد عصابات داعش من أرض العراق كلها وتطهير القضاء، أُجُبر مجلس الوزراء ومجلس النواب وقيادات الأحزاب الإسلامية وغيرها على تأييد الإصلاحات التي أطلقها السيد العبادي وبدأ تنفيذ بعضها وما زال في بدياته.

6. وقد حظي برنامج الإصلاح بتأييد الشعب العراقي والرأي العام العالمي والكثير من أعضا الأمم المتحدة، ولكنه قوبل بالشك والتحفظ حتى الرفض من إيران وبعض الدول المجاورة خشية منها على إقامة نظام مدني وديمقراطي بالعراق.

7. والآن بدأت القوى المعادية لهذا البرنامج الإصلاحي والتغيير الضروري تعيد تنظيم نفسها وتحاول أن تتجمع حول نوري المالكي وبدأ وعاظ السلاطين يشتمون المتظاهرين والذين أيدوا تقرير مجلس النواب عن الموصل بتقديم الـ 35 متهماً وعلى رأسهم نوري المالكي للتحقيق والمحاكمة.

8. وأجد ضرورة الاستجابة لرأي الشعب والمرجعية الشيعية التي طالبت بتطهير القضاء من الفاسدين والمفسدين والساكتين عن الاستبداد والقهر الاجتماعي والتابعين للسلطة التنفيذية.

إن التحرك الشعبي الجديد لا يقتصر على حزب سياسي دون آخر، ولا على فئة اجتماعية دون أخرى، ولا على منظمة مجتمع مدني معينة، بل هي حركة تجسد تراكما لمشكلات الشعب ولم يسع الحكم إلى حلها، فتفاقمت ووصلت إلى الدرجة التي تحول فيها الكم إلى كيف ليفرض التغيير المنشود، فكان هذا الحراك الشعبي الذي يضم المدنيين الديمقراطيين ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات وجمهرة العلمانيين والشيوعيين اليساريين ومجموعة غير قليلة من المسلمين المتنورين والواعين والمستقلين عن الأحزاب والقوى السياسي. كما تضم جمهرة من المؤيدين للمرجعية الدينية التي أيدت مطالب المتظاهرين. وليس هناك من يستطيع أن يحتكر هذه المظاهرات، فالمشاركة فيها أمر مهم وضروري وواجب كل القوى السياسية وخاصة القوى المدنية والديمقراطية والتقدمية والعلمانية، وأتمنى على الجميع أن يظهر مسؤولية كبرى في مواجهة من يحاول تعبئة قوى معادية للشيوعية والديمقراطية بذريعة إن الشيوعيين يتصدرون الموقف في ساحة التحرير، فساحة التحرير ليست موقعاً للمنافسة بين المشاركين، بل هي موقع للتضامن والتكافل والتنسيق واختيار القيادة المناسبة القادرة على إدارة العملية النضالية والتنسيق مع السيد رئيس الوزراء لتحقيق الإصلاحات المطلوبة ومواجهة الأعداء الذين يريدون التآمر وإفشال عملية الإصلاح والتغيير.


جريدة العالم / بغداد
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter