|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  24 / 9 / 2015                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل مدينة كربلاء طائفية أم أممية وحضارية؟

كاظم حبيب

مدينة كربلاء قديمة قدم العراق السومري والبابلي. وما نعرفه عن اسمها الراهن "كربلاء" هز تحريف عن كلمتين هما بالأصل أراميتان: كلمة "كرب"، أي "محرم" بالعربية، وكلمة "إيلا" أي "الإله" بالعربية. وعند الدمج تصبح "كرب إيلا" أي "حرم الإله".

وكان اسم إله المدينة القديم بعل أو "إيل" بالآرامية، إنه الإله هداد. وهو إله الكثير من الشعوب الآسيوية والأفريقية. وللمدينة أسماء أخرى منها: نينوى وعمورا ومارية والنواويس والطف وطف الفرات. كانت كربلاء منذ القدم، وبسبب وجود معبد الإله بعل فيها، مقبرة للموتى ليس لأبناء المدينة فحسب، بل لموتى المدن المجاورة تيمناً بالمعبد. وهي الآن مقبرة يدفن فيها موتى من مختلف بقاع العالم الإسلامي، وخاصة من المتبنين للمذهب الشيعي، بسبب وجود حرمي الحسين وأخيه العباس وهما من أبناء علي بن أبي طالب. وكلاهما استشهد في معركة الطف بكربلاء ضد قوات السفاح يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

كانت مدينة كربلاء وكل المدن المجاورة قد عرفت جميع الأديان كاليهودية والمسيحية وأخيراً الإسلام. وعلى مقربة من المدينة تقع "عين تمر". وكتب عنها جمال الخرسان يقول: سكان المدينة الحاليون جميعهم مسلمون، لكن جذورهم التاريخية الدينية لازالت شاهدا حتى الان، اذ يقع وسط المدينة الحالية اطلال "قصر شمعون" التاريخي وهو من بقايا مملكة يهودية كانت عامرة في تلك المدينة قبل الفتح الاسلامي، وليس بعيدا عن محيطها هناك كنائس ومقابر مسيحية موغلة بالقدم مثل "القصير"، "البرذويل" وغيرها، والى جنب الاثار الدينية غير الاسلامية في المدينة هناك ايضا جملة من الشواهد التاريخية الاسلامية لتكون عين التمر مدينة تنوع تاريخي وديني كما هو حال معظم المدن العراقي"، ومنها كربلاء حيث وجدت فيها مقبرة النواويس المسيحية مثلاً.

هذه المدينة التي مرَّت عليها الكثير من الشعوب والقبائل أصبحت منذ أن دفن فيها الحسين وأخيه العباس مزاراً ليس للمسلمين الشيعة بل وللكثير من مسلمي السنة من جميع أرجاء العالم يزورها الكثير من السياح من مختلف بلدان العالم للتعرف عليها وعلى أثارها وتاريخها الممتد أكثر من 5 آلاف سنة.

سكان هذه المدينة العالمية، الذين تبنوا الإسلام بعد المسيحية ومنذ الفتح الإسلامي على يد القائد السفاح خالد أبن الوليد، ومن ثم المذهب تبنوا المذهب الشيعي في الإسلام، ما كانوا يوماً مناهضين لأي دين أو مذهب ولا لأتباعها، رغم ما تعرضوا له من اجتياح واستباحة على أيدي الوهابيين المتطرفين القساة الذين غزوها أكثر من مرة. سكان المدينة مفتوحون ومتفتحون على شعوب العالم ويتعاطفون مع قضاياهم. وهذا حال أغلب المدن السياحية، الدينية والترفيهية والأثرية.

عاشت بكربلاء عائلات عراقية سنية وكان لهم جامع يقع في محلة العباسية، وكان إمام الجامع السيد هاشم الخطيب الذي كانت له ولعائلته علاقات حميمة مع الكثير من العائلات الشيعية بالمدينة، وكان أبناء السيد هاشم الخطيب لهم علاقات واسعة مع غالبية شبيبة كربلاء حينذاك وساهموا في كل المناسبات الحسينية مع عزاءات طلبة كربلاء المتحضرة والبعيدة عن أساليب إيذاء النفس بأي شكل.
وبرهن سكان كربلاء على أنهم لم يعيروا أي اعتبار للمذهب الذي يؤمن به رئيس الوزراء صالح جبر، الشيعي المذهب، حين تظاهروا ضد حكومته وضد معاهدة بورتسموث مشاركين شعب العراق في وثبة كانون الثاني 1948. كما شاركوا في انتفاضة تشرين 1952 ضد نوري الدين محمود السني المذهب مثلاً. وهاهم سكان مدينة كربلاء الشباب يتظاهرون، ومعهم شيوخ دين محترمين، يتصدون للواقع السيء الذي تسبب به النظام السياسي الطائفي والمحاصصة الطائفية وضد الفساد والإرهاب وتدهور الخدمات خلال السنوات المنصرمة رغم إن رئيس الحكومة الاتحادية من حزب سياسي شيعي طائفي وبقيادة تحالف شيعي طائفي قاد البلاد، عبر النهج الطائفي المتطرف والصراعات وسيادة الفساد والقتل على الهوية، إلى الموت والخراب وتسليم محافظات عدة إلى الدواعش الأوباش ومن معهم. كما رفض واحتج الكربلائيون على استفزاز السنة بالعراق وكل الشعب العراقي حين تحدث نور المالكي وقال بأن المعركة ما زالت بين اتباع الحسين وأتباع يزيد بن معاوية، وكان يقصد بهم السنة، على وفق الميثولوجيا الشيعية عند المتخلفين إنسانياً وحضارياً وفهم التاريخ. وها نحن أمام شبيبة كربلاء ذات الوعي والحضاري (الأممي) المناهض للعنصرية والطائفية والكراهية والأحقاد والمتفتح على الشعوب وحضاراتها، التي تشارك شبيبة العراق في تظاهرات أيام الجمعة منذ ثمانية أسابيع التي تطالب بالإصلاح الجذري والتغيير الفعلي ومحاربة الفساد في السلطات الثلاث وجلب المسؤولين الكبار والقضاة اللاهين والمشاركين في الفساد إلى المحاسبة وتقديمهم للمحاكمة لينالوا الجزاء العادل لما ارتكبوه بحق العراق وشعب العراق.


وصلني التعليق التالي من الدكتور قاسم الجلبي حول مقالي المنشور في الحوار المتمدن بعنوان "هل مدينة كربلاء طائفية أم أممية وحضارية؟"
وقد سجلت جوابي على ملاحظاته

اصوات مشبوهة - د.قاسم الجلبي

سيدي الكريم , , ظهرت اليوم في محافظه كربلاء بعض الاصوات المشبوه على التواصل الاجتماعي في مدح النظام الفاشي البعثي بالروح بالدم ألخ , هذه المظاهرات النشاز ما هي الا محاولات من الطائفين المندسين لتشويه المظاهرات المطالبه بالآصلاح والى حكومه علمانيه طارده لهذا التقوقع المحاصصاتي وجرها الى مصادمات بين المتظاهرين والقوات الآمنيه , على الجميع رصد هذه الحركات المشبوهة وفضحها امام الرأي العام المحلي لتداركها وعدم السماح لها بجر المظاهرات عن اهدافها المرسومه لها , وهي الكشف عن الفاسدين ومن استهانوا بالوطن باحتلاله من قبل الدواعش المجرمين واحالتهم الى المحاكم ونيل جزائهم العادل, مع التقدير


أخي الفاضل الدكتور قاسم

تحية قلبية

في كل بستان مزدهر تجد فيه زهور ورياحين وأشجار باسقة وروائح طيبة، ولكن يمكن أن تجد أيضاً بعض الواوية (الثعالب التي تحاول الإساءة للحديقة وما فيها، ولكن ستبقى المدينة بأهلها الطيبين ضد الطائفية المقيتة، ومع الإنسان العراقي بعض النظر عن دينه وقوميته. لقد كان اساتذة مسيحيون يدرسون في ثانوية كربلاء وهم محترمون ومحبوبون من الطلبة مثل الأستاذ متي، كما كان هناك أساتذة من الموصل لهم نفس الاحترام وهم من المذهب السني مثل علاء الدين الصصقال استاذ الرياضيات، أو عائلة السيد هاشم الخطيب وأبناءه الكرام، ولم يشعر الطالب أو الناس بالغربة عنهم أبدأ، وكان هناك عمال يهود أحدهم كان يشتغل بالخراطة ولم يعزله الناس واسمه يعقوب وكان يعمل مع المسلمين وكنت مسؤولاً عن بعض العمال حزبياً، ومنهم يعقوب في حينها في العام1954. كربلاء كانت ملتقى البشر من كل الأجناس والمذاهب أيضاً، فالحسين محبوب من الناس بسبب استشهاده البطولي والكارثي وهو محسوب على الشعوب كلها كما هو بروميثوس مثلاً. لهذا كانت أغلب العزاءات تتحدث عن الظلم والاضطهاد في العالم وليس بالعراق فقط، ولم يكن موجهاَ ضد حكومة لأنها سنية أو شيعية، بل لأنها ظالمة بحق الشعب. وكان التضامن مع نضالات الشعوب واضحة لدى أهالي كربلاء وخاصة المتعلمين منهم، بل والبسطاء من الناس. وكان للحزب الشيوعي العراقي تأثير ملموس وكبير على الناس وكان الشيوعيون وما زالوا محترمين من قبل المجتمع. كربلاء مدينة كبقية المدن العراقية التي كانت لا تميز بين البشر على اساس القومية او الدين او المذهب أو الفكر، ولكن الطائفيون الأشرار هم الذين ينشرون الكراهية والأحقاد كما فعل نوري المالكي والكثير من صحبه حين تحدث عن المعركة بين أتباع الحسين وأتباع يزيد الدائرة حتى الآن، تصور منذ 1400 سنة وحتى الآن!!! هذا الطائفي المجنون والمهووس بالطائفية اللعينة والكاره للإنسان في واقع الأمر. عندما تنظر إليه وإلى صاحبه إبراهيم الجعفري تشعر إنهم يقطرون سماً زعافاً ضد أتباع الديانات الأخرى وضد السنة من البشر، وهي الكارثة التي ابتلى بها شعب العراق.

كاظم حبيب
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter