|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين 20/8/ 2012                                   د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الموقف من القضية الكردية: حوار مع المهندس السيد ثائر عبد الكريم


الأخ السيد المهندس ثائر عبد الكريم المحترم


تحية طيبة

قرأت تعليقكم على رسالتي المفتوحة والموجهة للتحالف الكردستاني والقيادات الكردستانية والقوى والأحزاب الكردستانية الأخرى. شكراً على مداخلتكم برغم ما فيها من اتهامات لا تصمد أمام حقائق تطور الوضع في العراق ولا مع مواقفي الفكرية والسياسية ولا مع مواقف الحزب الشيوعي العراقي.

من الواجب أن تفصلوا بين الحزب الشيوعي العراقي وبيني لكي لا تحسب أرائي وأفكاري ومواقفي على الحزب الشيوعي العراقي, إذ أني ومنذ العام 1990 مستقلاً عن الحزب الشيوعي العراقي, أي لست عضواً فيه, ولكني أحترم تاريخ ونضال هذا الحزب سابقاً وحالياً. في هذا التعقيب السريع سأحاول مناقشة بعض الأفكار والملاحظات الواردة في مداخلتكم.

1 . أنتم وأنا مختلفان مبدئياً في الفكر والسياسة والممارسة إزاء القضية الكردية في العراق وفي المنطقة. ففي الوقت الذي أؤكد اعترافي للشعب الكردي بحقه الكامل والمطلق في تقرير مصيره بما في ذلك الانفصال وتشكيل دولته الوطنية المستقلة متى وجد ذلك ممكناً, في حين أنتم تتخذون موقفاً آخر تماماً جوهره مناهضة ممارسة الشعب الكردي لهذا الحق المقر دولياً. وإن هذا الاختلاف ناشئ عن موقفكم الفكري القومي وموقفي الأممي. موقفكم لا يعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها, وموقفي الفكري والسياسي يعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ومنهم الشعب الكردي. والشعب العراقي مكون فعلاً من قوميات عديدة وبالتالي فهو شعب عراقي مجازاً ولكنه مكون أيضاً من شعوب عدة لأن القوميات هي عديدة. ولهذا ليس هناك خللا فكرياً أو سياسياً في نهجي, بل الخلل كما أرى في نهجكم القومي على أقل تقدير, سواء أدركتم ذلك أم لم تدركوه.
وأرى بأننا سوف لن نلتقي في الفكر والممارسة إن استمر هذا الاختلاف والخلاف في الرأي بيننا ولا عيب في ذلك, فمن حقكم أن تعتقدوا وتؤمنوا بما تشاءون, ولكن من حقي أنا أيضاً.

2 . يبدو لي بأن من الصعوبة بمكان بالنسبة لكم أن تميزوا بين مواقفي من القيادات السياسية والحزبية الكردية وبين موقفي من الشعب الكردي وقضيته العادلة والمشروعة. فأنا أقف إلى جانب الشعب الكردي وقضيته العادلة وليس إلى جانب القيادات الكردية. ولكني لا أعادي هذه القيادات, بل أمارس النقد وبشدة أحياناً غير قليلة حين اشعر بضرورة ذلك ولمصلحة الشعب العراقي كله بكل قومياته. ولو كنتم أخي الفاضل قد قرأتم مقالاتي المنشورة في العراق وفي كردستان العراق بالذات لأدركتم حقيقة وطبيعة مواقفي من القيادة والحكومة والأحزاب الكردية. أنا لا أحمل عداءً لأحد, بل أحمل فكراً ورأياً سياسيا يختلف أو يتفق مع الآخرين. وفي هذا يتباين موقفي عن موقفكم المليء بالعداء للآخر, كما يبدو من نص التعليق. العداء يحمل الكراهية وينتهي بالحقد وبالقتل, كما مارسه البعثيون أو كما تمارسه اليوم قوى الإسلام السياسية المتطرفة والمليشيات الطائفية المسلحة, وهو الأمر الذي أرفضه قطعاً, وأملي أن تتخلوا عن الكراهية والحقد والعداء الذي يبرز صارخاً في تعليقكم.
أنا لا أمدح القيادات الكردية بل انتقدها ونقدي واضح ومستمر وكتاباتي في المجلات الكردية حيث تترجم مقالاتي العربية إلى اللغة الكردية وتنشر باللغتين العربية والكردية تؤكد هذا الموقف الذي أعتبره سليماً. أنا لست مستميتاً في الدفاع عن القيادة أو الأحزاب الحاكمة الكردية بل مستميتاً في الدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي حريتها وسعادتها, ومن هذه القوميات أو الشعوب هم الشعب العربي والشعب الكردي وكذلك بقية القوميات في العراق.

3 . احترم رأيكم, ولكن هل يمكن أن أقبل نقداً من رجل لم يقرأ برنامج الحزب الشيوعي العراقي الذي أقر في مؤتمراته السابقة بما في ذلك المؤتمر التاسع الأخير ولا يدري أن الحزب الشيوعي له برنامج مقر ومصادق عليه من مؤتمراته, بغض النظر عن موافقتكم أو رفضكم لهذا البرنامج. تدعون أن الحزب الشيوعي لا برنامج له, إذن اتصلوا بالحزب الشيوعي العراقي ليرسل لكم برنامجه أو اطلبوا مني لأرسله لكم لأني أحتفظ به في مكتبتي.
أما عن برنامجي العام الخاص فأنا نشرت دراسة طويلة أوضحت فيها نهجي الديمقراطي والبرنامج الذي أدعو له ورجوت مناقشته وناقشه البعض وأرسل ملاحظاته القيمة لي. كان ذلك قبل خمس سنوات ونشر على نطاق واسع, ولكنكم لم تطلعوا عليه وأنا ملتزم بما طرحته حتى الآن , سواء أكان في المجال السياسي أم الاقتصادي أم الاجتماعي أم الثقافي أم البيئي أم في العلاقات العربية والإقليمية والدولية. ويمكنكم الاطلاع عليه في موقعي الشخصي أم في موقع الحوار المتمدن. فلم هذا الإنكار لوجود برنامج عند الحزب الشيوعي أو عندي كفرد لا كحزب؟

4 . يبدو لي إن المشكلة التي يعاني منها بعض الناس في العراق أنهم لا يرون كيف يغرد الحكم في العراق خارج السرب والصدد, بل يرون الجانب الكردي فقط, في حين أنا أرى الجانبين وأكون رأيي من خلال ذلك.
لم أجد في تعليقكم أي ملاحظة بشأن سياسة المالكي والأحزاب الإسلامية السياسية التي ابتعدت عن نهج المواطنة وابتلت بنهجها الطائفي الذي يميز بين الناس على أساس الدين والمذهب ويدمر في واقع الحال النسيج الوطني العراقي. إن مشكلة بعض الأخوة العراقيين من العرب أنهم غير قادرين أن يهضموا التحسن الجاري في إقليم كردستان العراق, رغم ما في كردستان من فساد مالي وإداري وتمييز بين المواطنين لصالح كوادر وقياديي الأحزاب الحاكمة أو الأخطاء التي يرتكبونها في السياسة عموماً. إلا إنهم مع ذلك يصرفون بعض الأموال غير القليلة التي يتسلمونها في صالح البناء, رغم إنه لا يوجه لصالح التنمية الاقتصادية, الصناعية منها والزراعية, وهو الخطأ الفادح الذي انتقدته في سلسلة مقالات لم يطلع جنابكم عليها. ولكن في بغداد وفي المحافظات العربية الأخرى لا نجد أي بناء فعلي ولا خدمات تذكر, فالخراب في كل مكان وأكوام القمامة تملأ الساحات والشوارع, إضافة إلى المستنقعات المائية. فالنهب والسلب للمال العام وغسيل الأموال جار على قدم وساق ولا مجال لديهم للبناء. تؤكد الأمم المتحدة بأن الفقر في كردستان يصل إلى حدود 5% فقط, في حين إن الفقر في بقية أجزاء العراق يصل إلى أكثر من 20% بل وفي الواقع إلى 30%. فمن المسؤول عن ذلك, أنتم وأنا أم الحكومة التي يرأسها المالكي؟

5 . بعض الناس, وأنتم منهم, يمدحون تاريخ الحزب الشيوعي ليسيئوا إليه وإلى سياساته الراهنة بالطريقة التي لا تحترم الرأي والرأي الآخر, وهو أمر بالغ السوء. لقد وجهت نقداً لسياسات الحزب الشيوعي أكثر من مرة ولكن بكل احترام لأن هناك أكثر من اجتهاد في هذا الصدد ولا استطيع أن افرض رأيي عليهم أولاً, ولا أمتلك الحقيقة كلها كما لا أمتلك الحق والصواب وحدي. كما إن فرداً يختلف عن حزب حين ترسم السياسة, فلا بد من أخذ هذا الموضوع بنظر الاعتبار.

6 . لقد كتبت وكتب الحزب الشيوعي العراقي وكتبت قوى التيار الديمقراطي الكثير والكثير من الشخصيات الديمقراطية عن موضوع التحالف الكردي الشيعي, وأنا ضده. إذا كان ميزان القوى يفرض مثل هذا التحالف, فأن التعاون وتعزيز التيار الديمقراطي ضروري جداً من جانب الشعب الكردي والقوى السياسية الكردية, وهو ما لم تقم به وننتقدها على ذلك. في قناعتي إن الحليف الأساسي للشعب الكردي هو القوى السياسية الديمقراطية العراقية, بمن فيها الحزب الشيوعي العراقي, وكذلك فأن الشعب الكردي هو الحليف والقادر على تعطيل قيام دولة إسلامية سياسية في العراق. وهو ما يفترض أن نؤكد عليه, وهو الذي جعلني أنتقد وبشدة وأصدرت نداءً يجري التوقيع عليه من العراقيات والعراقيين ضد تصويت النائبات والنواب الكرد مع قوى الإسلام السياسي والقائمة العراقية إلى جانب قانون انتخابات مجالس المحافظات السيئ الصيت والمسيء لصوت الناخب العراقي .


تقبلت ملاحظاتكم النقدية بصدر رحب ولكن لا أتقبل إساءاتكم واتهاماتكم, وارجو أن تتقبلوا ملاحظاتي بصدر رحب أيضاً.


مع التقدير


د. كاظم حبيب



 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter