|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  20 / 12 / 2015                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العراق تتقاذفه الإرادات والأجندات الأجنبية!

كاظم حبيب
(موقع الناس)

عند متابعة السياسات العراقية الداخلية منها والخارجية سيجد الباحث نفسه أمام صورة كاريكاتورية مفزعة ومحزنة وغير مسؤولة. فالإرادات الشريرة للدول الأجنبية، تلعب بالعراق وسياساته وكأنها طيارة ورقية خيوطها بيد تلك الدول التي تحركها بالاتجاه الذي تريده وكأنها المالك لهذه الأرض الطيبة والسيد على شعبها المستباح بالطائفية السياسية والإرهاب الدموي والاحتلال لجزء عزيز من أرضه وشعبه. الأجندات الخارجية المناهضة لمصالح العراق وسيادته الوطنية واستقلال قراراته السياسية والاقتصادية هي الحاكمة والفاعلة بالعراق عبر اللوبي التابع لكل منها، كما إن اللوبيين بالعراق كثيرون وموزعون على الكثير من الأحزاب والقوى ومنظمات المجتمع المدني وميليشيات طائفية مسلحة كلها لا تعمل لصالح العراق وشعبه، بل لصالح ومصالح السعودية أو إيران أو تركيا أو قطر أو بعض دول الخليج الأخرى أو مصر أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا، والأخيرة هي الدولة الأقل حظاً وتأثيراً على العراق وسياساته. والعالم يواجه اليوم دولة مشتتةً، وهي موزعةً، دون رحمة أو حس وطني بحقوق الشعب العراق وإرادته ومصالحه، على تلك الدول التي تتقاذف العراق لكل الاتجاهات وليس هناك من استقرار على قرار.

يكفي أن يلقي الإنسان نظرة على مسألتين هما دخول القوات التركية إلى العراق سيجد: ضج البعض وسكت البعض الآخر أو فتش كالجرذان على مبررات الاجتياح التركي. أو إلقاء نظرة على الحلف الذي صنعته المملكة السعودية ببعد أيديولوجي "سني" لا يجمع الجميع بل يفرق ويتخندق، حاز على رضا البعض ورفضه البعض الآخر وفتش البعض الآخر كالفئران عن مبررات لهذا الحلف.

مثل هذا الاختلاف أمر ممكن حين لا يمس العراق وسيادته ومصالحه، ولكن لا يجوز بالدولة الواحدة أكثر من موقف في هذا المجال.

ولكن هذا الموقف الموحد غائب عن العراق كدولة وحكومة ومجلس نواب وأغلب الأحزاب السياسية العراقية، وخاصة تلك الأحزاب والمنظمات ذات النهج الديني والطائفي السياسي المتصارعة لا على مصالح العراق بل على ثلاثة أهداف مركزية ذاتية، السلطة والمال والنفوذ لتحقيق مأربها. وهذا السلوك يشمل الأحزاب السياسية العربية والكردية. ويمكن متابعة الموقف بين الحزبين الشقيقين المتصارعين دوماً، رغم أنهما من رحم واحد، ولكنهما يتخذان موقفين مختلفين جداً من العدوان التركي على العراق ونفوذه الواسع بالإقليم، ومن إيران ذات النفوذ والتأثير والوجود المتفاقم بالعراق كله، بما في ذلك الإقليم.

المشكلة المركزية بالعراق تتلخص بسيادة الحكم الطائفي السياسي والمحاصصة الطائفية والأثنية في توزيع سلطات الدولة العراقية الثلاث وأجهزتها كافة والإعلام. وهي الكارثة التي تركها الاحتلال الأمريكي للعراق، وكان يدرك تماماً بأنها "القشة" المطلوبة لتقصم ظهر الوحدة العراقية، وحدة الشعب والوطن، وهو ما حصل فعلاً! والعراق مبتلى بوزير خارجية يزيد من ضعف العراق دولياً.

لو حاولنا تتبع دور وزير خارجية العراق ونشاطه، وهو "عبقري!" بامتياز، وهو الذي يمثل وجه العراق نحو الخارج، لأدركنا جميعاً مدى سوءات هذا الوجه وعمق الكارثة التي يعاني منها الوطن والعواقب الوخيمة المترتبة على وجوده في هذه الوزارة الحساسة، رغم إنه يمثل نموذجاً لمجلس الوزراء والسياسة العراقية البائسة التي لن تنقذ العراق من محنته وأزماته والمآسي التي سقط فيها ولن تقود إلى الإصلاح والتغيير، إنها الطائفية وعواقبها وسيادة الفساد والإرهاب. الروائي والإعلامي زهير الجزائري قدم "ست نصائح" مخلصة إلى وزير الخارجية "المفدى!" بعنوان "ست نصائح إلى الجعفري":
"أولاً - اذهب في زمالةٍ لط...هران لتعلم دبلوماسية الموقف الصلب والنفس الطويل .
ثانيا ً- تعلّم اللغة الانكليزية التي لم تتعلمها خلال عقود من إقامتك في لندن.
ثالثا ً- كرّس جزءاً من وقتك للاستماع ولا تفرط بوقت لقاءاتك لإلقاء مواعظ خارج الصدد".
رابعا ً- انزل من عليائك قليلا، وتعرّف على جغرافية بلدك قبل أن تتحدث عنه .
خامسا ً- تعلّم فن الابتسامة، فحتى العباقرة يبتسمون".
سادسا ً- "بدلا من كل هذا التعب، لم لا تترك الوزارة وترجع للمنبر؟ ما برأيكم ما هي أفضل نصيحة من النصائح " أعلاه ؟؟؟".

وجواباً على استفساره كتبت: الأفضل له وللجميع أن يذهب إلى البيت ويخلصنا من شره ومن "فلسفته" الرثة!! حتى للمنبر فهو غير نافع، إنه سيُضحك الناس عليه بدلاً من البكاء، كما هو المطلوب من هذه المنابر ودورها!!

تصوروا أن في مجلس الوزراء العراقي رجل مثل هذا حيث تُقدم له نصائح رائعة يتمنى الإنسان لو استجاب لنصيحتي أولاً وقبل كل شيء، ولكنه غير مستعد لذلك حتى الآن!.

لا يمكن للعراق أن يتخلص من هذه السياسات الخارجية ومن تأثير تلك الدول ما لم يغير نهجه بالكامل ويتخلص من الطائفية في الفكر والسياسة ومن المحاصصة الطائفية والأثنية التي ألحقت أفدح الأضرار بالعراق وشعبه ومصالحه حالياً ولفترة طويلة قادمة. لا يتخلص العراق ما لم يتم الفصل بين الدين والدولة وبين الدين والسياسية، إنه الطريق الوحيد لبناء مجتمع مدني ديمقراطي حديث وعقلاني. إن التغيير هو قدر العراق المطلوب، وهي مهمة الشعب، كل الشعب، وقواه الوطنية الملتزمة بمبادئ الحرية والأخوة والمساواة، بالديمقراطية والتقدم الاجتماعي والسلام والعدالة الاجتماعية. والنظام الطائفي السياسي الحالي غير قادر على ذلك بالقطع!


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter