|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  16 / 9 / 2015                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الوجه السياسي الكالح لسفارات العراق!

كاظم حبيب

أدى قيام نظام سياسي طائفي ومحاصة طائفية بالعراق في أعقاب إسقاط الدكتاتورية واحتلال العراق إلى انتهاج سياسة مماثلة في توزيع السفارات العراقية على الأساس المحاصصي الطائفي والأثني. فكان لكل طائفة دينية عدد معين من السفارات والسفراء بالخارج وفي وزارة الخارجية بالداخل، ومن ثم توزع هذه الحصص على أساس الأحزاب السياسية القائمة في كل طائفة وأثنية، فكان للطائفتين الشيعية والسنية بأحزابها الإسلامية السياسية الطائفية حصتها الكبرى ثم القومية الكردية لها حصتها الموزعة على الأحزاب السياسية الرئيسية فيها، ومن ثم بعض النواب لأتباع بعض الديانات الأخرى. وهو نظام بائس حقيقي يتجاوز كل مبادئ وأسس الدولة المدنية الديمقراطية والدستورية ومبادئ حقوق الإنسان القائم على تولي المناصب على أساس حق كل مواطن تتوفر فيه شروط ومستلزمات أن يكون سفيراً للعراق بدلاً من أن يكون كل من هبّ ودّب من أبناء تلك الطوائف والأثنيات بمعزل عن كفاءاتهم وطاقاتهم واستقلاليتهم في العمل بالخارج لصالح الشعب والوطن بدلاً من العمل لصالحهم وباسم طوائفهم وأثنياتهم أو أحزابهم الطائفية والقومية. إن هذا التوزيع المخل بالدستور العراقي وقواعد العمل الديمقراطي قد شمل جميع السفارات العراقية بالخارج وكل الذين تعينوا في وزارة الخارجية من وزير ووكلاء وزارات وسفراء وموظفين. وإذا كان بينهم من تصرف على اسس سليمة فهم لا يعدون على عدد أصابع اليدين، في حين أن الغالبية العظمى قد تصرفت بوحي مخالف تماماً لقواعد العمل الأساسية التي يفترض أن تمارس في التعيين أو في العمل أو في العاملين في وزارة الخارجية.

وعلى هذا الأساس وصل إلى سفارات العراق في الغالب الأعم سفراء وقناصل وملحقون عسكريون وملحقون ثقافيون وموظفون لا يخدمون الجالية العراقية ولا يعملون لصالح العراق، بل لصالح أحزابهم بعينها ولا يلتقون إلا بأفراد من تلك الأحزاب أو من يؤيدها، في ما عدا قلة قليلة تمتعوا باحترام الجاليات العراقية واحترامهم وتعاونوا مع الجميع. وأصبح الفساد منتشراً في صفوف الكثير من تلك السفارات. وقد استولت الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية، تليها الأحزاب الكردستانية الحاكمة، وبشكل خاص الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، ثم الأحزاب المحسوبة على الحصة السنية، على نسبة عالية من سفراء العراق وقناصله وملحقيه الثقافيين والعسكريين وموظفين فيها. وكأن العراق ليس فيه من يمكن أن يكون سفيراً خارج إطار هذه الأحزاب. وقد قدم الطاقم العامل في واشنطن الدليل الكاسح على الخلل في عمل السفارات.

إن تقليد تغيير السفراء كل أربع سنوات لم يتبع في جميع السفارات العراقية لا بسبب جودة هذا السفير أو ذاك، بل بسبب رغبة السفير ودعمه من الحزب السياسي الذي ينتمي إليه، ومنهم سفير العراق بألمانيا الاتحادية على سبيل المثال لا الحصر والذي كانت علاقاته بالأساس بقوى الإسلام السياسي وتناقض مهمته في العلاقة مع جميع أبناء وبنات الجالية بغض النظر عن وجهة تفكيرهم أو علاقاتهم أو معارضتهم للحكومة العراقية.

إن نشوب الصراعات الطائفة والخلافات السياسية بين أطراف الحكم بالعراق أدت إلى بروزها بقوة في مواقف السفراء والسفارات بالخارج والتمييز في التعامل مع المواطنات والمواطنين من الجالية العراقية. وهو أمر مسيء للعراق وشعبه وجالياته.

وزارة الخارجية العراقية وعلى ضوء المحاصصة عينت في سفارات العراق عناصر تابعة للأحزاب السياسية المشاركة في الحكم وعلى أساس الحصة المحددة لكل حزب من تلك الأحزاب في الحكم وفي كل مؤسسات الدولة الداخلية والخارجية، ولم يبق للشعب والناس المستقلين أي مجال للحصول على مواقع في أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter