|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  14 / 6 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

رسالة مفتوحة إلى السيد السيستاني وبقية المراجع والهيئات الدينية الشيعية والسنية

كاظم حبيب

إلى حضرة السيد علي السيستاني وبقية السادة في المراجع والهيئات الدينية، الشيعية والسنية، المحترمين

تحية واحتراماً

تدركون جيداً، وأنتم في المعمعان الجاري، بأن الوطن العراقي وشعبه يمران بخطر كبير جداً، خطر اندلاع حرب أهلية أوسع مما هي عليه الآن عملياً. ومثل هذه الحرب الأهلية الطائفية ستحرق الأخضر واليابس، ستقتل مئات ألوف السكان من كل القوميات والديانات والمذاهب بالعراق، ستدمر الوطن العراقي كما دُمرت الدولة السورية المجاورة والشقيقة.

وأنتم شيوخ الدين لعبتم، مع الأسف الشديد، دوركم في ما وصل إليه العراق بسبب تأييدكم وتشجيعكم، كل من جانبه، الأحزاب الإسلامية السياسية الطائفية وساندتم وصولها إلى السلطة ولم تعترضوا على السياسات التي مارسوها هؤلاء الساسة إلا بعضكم وفي الآونة الأخيرة وباستحياء كبير. إن تدخلكم بالسياسة قد اقنع الكثير من السكان الطيبين والبسطاء، سواء أكانوا من الشيعة أم السنة، بانتخاب هؤلاء الأشخاص الذين أساءوا للوطن والشعب العراقي وأوصلوه إلى الحالة الكارثية التي هو فيها الآن. إنكم وبكل صراحة وشفافية وثقة تتحملون جزءاً أساسياً مما وصل إليه الحال بالعراق وما استباحات داعش وقوى البعث الفاشي المسلحة المجرمة ومن لف لفها سوى نتيجة منطقية للسياسات التي مارسها رئيس وزراء العراق الطائفي السياسي بامتياز ومن معه من طائفيين من الشيعة والسنة والصراعات التي خاضوها بعيداً عن مصالح الوطن والشعب.

إن دعوتكم إلى الجهاد ستشعل نيران حرب طائفية مدمرة، خاصة وأنكم لم تتفقوا في الموقف مع شيوخ الدين السنة ولم تدعو إلى استقالة نوري المالكي لكي تشكل حكومة إنقاذ وطني حتى يقتنع أأتباع المذهب السني بأنكم تدافعون عن مصالحهم أيضاً وليس مصالح القوى الحاكمة الشيعية التي اضطهدت السنة واستفردت بحكم البلاد بلا حكمة ولا عقلانية بل بكل رعونة وعنجهية فارغة وفساد مالي واسع النطاق.

أنكم بهذه الدعوة ضيعتم فرصة توفير مستلزمات الدفاع المشترك عن الوطن العراقي، إذ لم يأت رفض منح نوري المالكي تفويضاً بإعلان حالة الطوارئ من قبل مجلس النواب من خلال الانسحاب من جلسة يوم الخميس المصادف 12/6/2014 سوى الإعلان الصارخ والعادل عن عدم ثقة هؤلاء به وبحكومته. وكان المفروض أن تأخذوا هذه المسألة بنظر الاعتبار لا أن تستجيبوا لطلب هذا المستبد بأمره نوري المالكي بإعلان الجهاد والتعبئة الشيعية وليس الوطنية العامة لأن المجرمين القتلة من داعش وغيرهم قد هددوا باقتحام بغداد وكربلاء لأنهم ينوون تدمير المراقد الشيعية الموقرة.

لإنني أحملكم مسؤولية ما سيحصل بالبلاد من كوارث وحرب طائفية قاتلة ومدمرة للشعب والوطن ما لم تبادروا إلى تصحيح الموقف والدعوة، رغم عدم رغبتي بتدخلكم في السياسة، إلا إنكم ولجتم هذا المجال من أوسع أبوابه المحرمة دستورياً، من خلال الدعوة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني لتوحيد الشعب كله, من حيث القومية والدين والمذهب والفكر العقلاني والسياسة الحكيمة. إنكم بذلك تعلنون لجميع أبناء وبنات الشعب العراقي بأن هذا يمكن أن يصحح المواقف الخاطئة السابقة ويوقف نزيف الدم الذي بدأ واسعاً ومدمراً وسيتسع أكثر فأكثر ما لم تتخذ الإجراءات الواقية والسريعة.

أرجوا أن تلعبوا، وقد بلغتم الرابعة والثمانين من عمركم وأرجو لكم طول العمر، وبقية شيوخ الدين دوركم الاجتماعي في تجنيب البلاد حرباً تشمل العراق كله ولن يبقى الشيعة أو السنة، في مأمن من هذه الحرب بل سيشملهم الموت على أيدي المتحاربين من الطرفين. أرجو أن تحتكموا إلى العقل وحكمة الشيوخ الذين خبروا الحياة ومشكلاتها وسبل معالجتها. أعملوا على إيقاف نزيف الدم لا إلى تسهيل مهمة سفك المزيد من دماء أبناء وبنات العراق الحبيب. أعملوا لإقامة حكومة إنقاذ وطني غير طائفية لتتعامل مع الجميع على قدم المساواة، أعملوا من أجل إنقاذ الشعب والوطن لا سحقهما بالسلاح المدمر للجميع.



14/6/2014


 


 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter