|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  13 / 8 / 2015                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

نحو تنفيذ وتكريس الإصلاحات بقوانين و آليات للتنفيذ

كاظم حبيب 

الوجوه الكالحة تتصدى لإجراءات حكومة العبادي الإصلاحية!

العراق يمر في حالة استثنائية، مفاجأة غير متوقعة، ولكن العراق معروف بمفاجأته على امتداد عمر الدولة العراقية الحديثة. مفاجأة أن ينطلق فريق من صلب الحكم الطائفي السائد بالعراق لينتفض على فساد وإرهاب القوى الحاكمة التي أذلت الشعب العراقي ومرغت كرامته بالتراب وسرقت موارده وشاركت بقتل الناس وتشريدهم واستخدمت المليشيات الطائفية المسلحة في بث الرعب في صفوف الناس وتهديدهم والسيطرة على دورهم ومحلات عملهم وأموالهم المنقولة، إضافة إلى تعزيز قدراتها العسكرية بحيث أصبحت هي الأقوى في الدولة العراقية بالمقارنة مع قدرات القوات المسلحة. مفاجأة سياسية طال انتظارها من قبل فئات الشعب كافة، تلك التي فقدت الكثير من أبنائها وبناتها عبر الصراعات الطائفية والقتل على الهوية والتفجيرات الانتحارية العدوانية واستباحة نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وسنجار وسبايكر وتوقف التنمية وتراجع الخدمات وخاصة الكهرباء، مفاجأة فجرها الصيف اللاهب في شهر تموز وآب، فخرجت الآلاف المؤلفة تطالب بمحاربة الفساد والمفسدين ومحاكمة الذين تسببوا في نشوء هذا الواضع المزري الذي يعاني منها العراق. مظاهرات شملت جميع محافظات الوسط والجنوب وبغداد حيث المعاناة على أشدها، مع واقع أن المحافظات الغربية الأنبار وصلاح الدين وديالى ومحافظتي الموصل وكركوك في حرب ومواجهة مع قوى العدوان والإرهاب والطائفية المقيتة. مظاهرات حركت المياه الراكدة وفجرت الوضع كله وألزمت حتى المرجعية على التحرك وإعلان تأييدها للمظاهرات ومطالبتها رئيس الوزراء باتخاذ إجراءات جريئة وشجاعة لمحاربة الفساد. وصدرت الحزمة الأولى من الإجراءات وينتظر صدور حزم أخرى لتصبح مجتمعة نهجاً وسياسة وليس مجرد إجراءات سياسية يفترض فيها أن تجتث الأسباب وليس عواقبها فقط. فالفساد وليد وضع قائم، وليد نظام طائفي يميز بين البشر على أساس القومية والدين والجنس، وهو الذي أنتج بدوره ظاهرتي الفساد والإرهاب، وهما يتكاملان ويتبادلان الموقع وأحدهما يشترط الآخر. وقادة السياسة الطائفية، وقادة الفساد والإرهاب يتعاونان في جعل الدولة عاجزة عن معالجة المشكلات القائمة ويعملان على تكريس المستنقع الذي سقط في العراق.

ومهمة الحكومة تكمن الآن أولاً وقبل كل شيء تحويل هذه الإجراءات إلى قوانين ملزمة والعمل الجاد والمسؤول على تنفيذها والاستفادة من زخم العملية لصالح التغيير، لصالح المجتمع.

دون صدور قوانين فعلية يمكن أن تنفس هذه العملية من خلال القوى التي وجدت نفسها ملزمة على رفع الأيدي وتأييد الإجراءات الإصلاحية خشية الشعب والمرجعية بالنسبة للنواب الشيعة!!

لقد أفصح البعض عن نيته رفض القرارات، ومنهم أسامة النجيفي، هذا الطائفي الشرس المتسم بالعدوانية الشديدة، الذي احتل دون مؤهلات غير الفساد رئاسة مجلس النواب، بإعلانه إن قرارات رئيس الوزراء ليست دستورية، وكأن أسامة النجيفي كان طول عمله مثالاً لاحترام الدستور العراقي، في حين أن العبادي مارس صلاحيته وحول ما ينبغي تحويله غلى مجلس النواب. ثم لحق به زميله الدكتور أياد علاوي ليعلن هو الآخر عدم دستورية القرارات، هذا الذي لم يلتزم يوماً بالدستور واحتل مركز نائب رئيس الجمهورية، كما في حالة نوري المالكي وأسامة النجيفي. إنهما مع طارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني وغيرهم من أبرز أبطال الصراع الطائفي المقابل لإبطاله من الشيعة الطائفيين مثل المالكي والجعفري والإديب والعلاق وصدر الدين القبانجي ...الخ. إن خشيتهم على مصالحهم ومكاسبهم غير المشروعة هي التي تحفزهم على مواجهة تلك الإصلاحات الأولية. على مسؤولي النزاهة التحري عن أموال هؤلاء "السادة الميامين!" والمئات من أمثالهم في البنوك الأجنبية وبأملاكهم بالعراق، وسيعرف الشعب واقع ومصدر تلك الأموال التي في حوزتهم! إنها من السحت الحرام، من قوت الشعب، إنه السبب في بقاء أكثر من 40% من سكان العراق تحت خط الفقر!!!

إن ميزان القوى في معركة الإصلاحات الجارية بالعراق ما يزال غير متكافئ، بسبب هيمنة القوى الطائفية على مراكز حساسة في الدولة العراقية وفي القوات المسلحة وفي المليشيات الطائفية المسلحة. ولا بد من العمل الدؤوب لتغيير ميزان القوى لصالح التغيير. فالجماهير المنتفضة سلمياً بحاجة إلى تعبئة أكبر للقوى لدعم الإصلاحات وإصدار الجديد منها لرفض العمل بالمحاصصة الطائفية والسير على طريق إقامة دولة المواطنة الحرة والمتساوية والنزيهة، الدولة الوطنية الديمقراطية، الدولة المدنية، وليس الدولة الدينية.

وكان صائبا حين أكد ممثل المرجعية الشيعية بكربلاء أخيراً، بأن العراق بحاجة إلى دولة مدنية وليس دولة دينية، وهو الصحيح.

إن أعداء التغيير يحتلون مواقع مهمة في مجلس الوزراء ومجلس النواب ومجلس القضاء الأعلى، أي في السلطات الثلاث وفي أجهزة الإعلام، والكثير من هؤلاء يحاولون اليوم أن يرتدوا أردية أخرى غير أرديتهم الحقيقية ويريدون ركوب الموجة التصحيحية أيضاً. لهذا لا بد من فتح العيون وإعمال العقل وشحذ الهمم لدعم الإجراءات المهمة والضرورية ليستقيم الوضع بالعراق لصالح الشعب، كل الشعب.

إن قوى الإرهاب ستصعد من عملياتها الانتحارية، سواء بتفجير الشاحنات أم بالانتحاريين، بهدف نشر الفوضى والخوف في نفوس الناس. وهذا يتطلب من جانب الحكومة تنظيف سريع لأجهزتها الأمنية والشرطة التي يمكن أن يفلت هؤلاء الأوباش من خلال المندسين من عملاء الإرهابيين ليمارسوا القتل الجماعي بالعراق.
 


13/8/2015
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter