|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  13 / 8 / 2015                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل من مصلحة إقليم كردستان العراق تعطيل الإجراءات الإصلاحية؟

كاظم حبيب 

انتشرت إشاعات كثيرة بين الناس ببغداد والمحافظات الجنوبية والوسط وفي خارج العراق، كما رددتها وسائل الإعلام وبعض المواقع والكثير من الرسائل المتبادلة التي تشير إلى إن رئاسة وحكومة إقليم كردستان العراق ستعمل على تعطيل حزمة الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس الوزراء السيد العبادي بعد المظاهرات الجماهيرية التي انطلقت منذ عدة أسابيع بالمحافظات ثم انتقلت إلى بغداد لتعم البلاد، عدا إقليم كُردستان والمحافظات الغربية والموصل وكركوك بسبب الأوضاع السائدة العسكرية فيها, والتي تهدف إلى محاربة الفساد والإهمال والإرهاب والسعي لإضعاف المحاصصة الطائفية السائدة بالبلاد على اعتبار إن الوضع الراهن والصراع العربي السني-الشيعي هو الأمثل لتحقيق مصالح الكرد بالعراق ولأن الصراع العربي السني – الشيعي يتيح للكُرد ما لا تتيحه المصالحة الوطنية بين السنة والشيعة، وخاصة في الموقف الذي يريد اعتبار بعض المناطق المتنازع عليها في محافظة نينوى وكركوك وديالى نتيجة الصراعات الدائرة فيها جزءاً من الإقليم دون الالتزام بالمادة 140 من الدستور العراقي.

أتمنى أن لا تكون هذه الإشاعات حقيقية، رغم المثل العراقي القائل "لا دخان بدون نار"، إذ إن تصريحات المسؤولين بالإقليم أشارت إلى إنها إلى جانب القرارات الإصلاحية وطالبت بالحفاظ على مصالح الإقليم. إن أي تعطيل للقرارات الإصلاحية يعتبر تكريساً للوضع الاستثنائي السيئ الراهن المناهض لمصالح الشعب العراقي بكل قومياته وأتباع دياناته، كما يعتبر إبقاء العناصر والجماعات الفاسدة على رأس أجهزة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ليس سوى المساعدة في استمرار نهب ثروات العراق النفطية وموارده المالية بحيث لا يبقى للتنمية ومواجهة حاجات الشعب شيء يذكر من موارد البلاد المالية المتأتية من تصدير نفطه الخام، كما إنها تعتبر إساءة كبيرة للشعب العراقي بكل مكوناته القومية وتفريطاً بثروات الشعب وقبولاً بالواقع المشوه القائم.

إن أي اصطفاف بجوار أسامة النجيفي وأياد علاوي، وهما اللذان اعتبرا بعض قرارات السيد العبادي مخالفة للدستور، ليس في مصلحة الشعب الكردي وبقية القوميات بالعراق، كما إنها ليس في مصلحة أتباع الديانات والمذاهب الذين يعيشون معاناة شديدة بسبب الطائفية السياسية والتمييز الديني والمذهبي. إن مصلحة الشعب الكُردي تكمن في خلاص العراق، وكذلك إقليم كردستان، من الفساد السائد ومن قوى الإرهاب الداعشي التي ما تزال تحتل الموصل ومساحات واسعة من نينوى ومناطق أخرى وتستبيح أهلها وتستخدم الكيماوي ضد المقاتلين الپيشمرگة، كما فعلوا عدة مرات في الفترة الأخيرة، وهما (الفساد والإرهاب) نتاج طبيعي للنظام السياسي الطائفي والمحاصصة الطائفية والتمييز.

والغريب إن السيدة آلاء طالباني، النائبة الكردية في مجلس النواب العراقي عن الاتحاد الوطني الكردستاني، اعتبرت إن هذا القرارات تجاوزاً على صلاحيات رئيس الجمهورية، وأن رئيس الجمهورية سيوجه رسالة إلى رئيس الوزراء ومجلس النواب يستفسر عن أسباب صدور القرارات الخاصة بنواب رئيس الجمهورية، في حين كان الأجدر بها أن تساند الإصلاحات للخلاص من ثلاث نواب جاءوا على أساس المحاصصة الطائفية وغير مقبولين من الشعب ومارسوا سياسات مخالفة لمصالح الشعب والوطن ويتسلمون رواتب ومخصصات خيالية لا يمكن تصور تأثيرها السلبي على المجتمع العراقي وخزينة الدولة. كان من واجب السيدة طالباني أن تؤيد تلك الإجراءات وتناضل من أجل تنفيذها، وهو الموقف الذي اتخذه الاتحاد الوطني والكثير من القوى السياسية الكُردستانية.

كما إن من واجب السيد رئيس الجمهورية أن يقف إلى جانب السيد العبادي في قراراته الإصلاحية الأخيرة مباشرة ويدعمها لأنها خطوة سليمة على طريق طويل غير واضح المعالم حتى الآن، ولكن الشعب، على ضعف مؤسساته وعدم وجود قيادة موحدة لنشاطاته، سيسعى لدفع عملية تنفيذ هذه الإصلاحات إلى الأمام، بالرغم من المقاومة الشرسة التي بدأت تتبلور منذ الآن وتجد المساندة من بعض دول الجوار كإيران مثلاً.

إن قرارات العبادي تتسم بالاستقلالية عن تأثيرات دول الجوار ومنها إيران وتركيا والسعودية والخليج، إنها قرارات عراقية ناتجة عن مطالبة شعبية طويلة الأمد، وينبغي أن تدعم، رغم كل المخاوف في إن قوى النظام الطائفي ستسعى إلى تبويشها بكل السبل التي تمتلكها.

أتمنى على رئاسة وحكومة وأحزاب إقليم كُردستان السياسية أن تقف كلها إلى جانب هذه القرارات الإصلاحية، فهي غير موجهة ضد الشعب الكُردي، كما إنها غير موجهة ضد أي مكون ديني معين أو مذهبي معين، بل هي ضد الفاسدين والمفسدين ولصالح الشعب كله. وأتمنى أن يمتلك الشعب العراقي القدرة على تطوير هذه العملية لإجراء تغيير جذري في وجهة التطور الجاري نحو إقامة الدولة المدنية الديمقراطية لأنها الضمانة الوحيدة في هذه المرحلة لتحقيق وحدة الشعب ومواجهة داعش وكل القوى الإرهابية التي تقوم اليوم بمزيد من العمليات الإجرامية ببغداد وديالي لتقتل وتجرح المئات من الناس الأبرياء، كما حصل بمدينة الثورة ببغداد وبخان سعد بديالي. إن هذه القرارات يفترض أن تصدر الآن قوانين منظمة لها وأن تحدد آليات ديمقراطية لتنفيذها ومراقبة ومتابعة التنفيذ.

لتكن مظاهرات يوم الجمعة المصادف 14/8/2015 مساهمة حيوية ونشطة ودافعة لرئيس الحكومة صوب اتخاذ المزيد من الإجراءات الإصلاحية التي يفترض أن تتحول إلى منهج وسياسات وآليات للتنفيذ.


13/8/2015
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter