|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  13 / 11 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

لنكن بمستوى المسؤولية في تنفيذ توصيات لقاء برلين لحقوق الإنسان العراقي

كاظم حبيب

كانت المهمات الكبيرة للمناضلين العاملين في حركة حقوق الإنسان العراقية وما زالت وستبقى لعقود كثيرة قادمة تحتل مكان الصدارة في نشاطهم ونشاط الجمعيات التي ينتمون إليها. وخلال العقود الخمسة الأخيرة تعرضت حقوق الإنسان بالعراق إلى انتهاكات متفاقمة يوماً بعد آخر حتى أصبح الإنسان يفتقد كل الحقوق المثبتة في اللائحة الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من شهر كانون الأول / ديسمبر 1948 والتي شارك العراق في صياغتها والمصادقة عليها ولم ينفذ أياً من بنودها حتى الآن، بل أصبحت كرامة الإنسان وحياته هما الضحية الفعلية حتى الآن والمهددان مستقبلاً أيضاً. وسبب ذلك يكمن في الجهل العام الذي يعم البلاد ويسمح للطغاة المستبدين بممارسة سياسات مناهضة لحقوق الإنسان ويحضون بتأييد أجزاء من الشعب ويدفعون بالصراعات القومية والدينية والطائفية والسياسية إلى ما حصل ويحصل اليوم بالعراق على سبيل المثال لا الحصر.

ورغم تزايد عدد جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان التي تتبنى في نظمها الداخلية مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان في أعقاب سقوط الدكتاتورية الغاشمة ببغداد في العام 2003، ورغم قيام الحكومات العراقية المتعاقبة بتأسيس وزارة لحقوق الإنسان التي تغطي عادة على انتهاكات الحكومة وأجهزتها على حقوق الإنسان، فأن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العراق دون استثناء شهدت وما يزال تشهد تجاوزات أكثر فظاظة وأكثر سعة وشمولية وعمقاً من ذات الحكومات المتعاقبة وأجهزتها الأمنية ومن المليشيات الطائفية المسلحة ومن جحافل وقطعان داعش الغزاة الذين اجتاحوا العراق من بوابة الموصل وعاثوا وما زالوا يعيثون في الأرض فساداً وفي الناس قتلاً وفي المدنية تدميراً.

وإدراكاً لهذا الواقع عُقد لقاء برلين لجمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان في الفترة بين 8 و9 تشرين الثاني /نوفمبر 2014. وكان اللقاء حميمياً صادقاً وصريحاً وواعياً لما جرى ويجري بالعراق منذ تأسيس الدولة العراقية في العام 1921 وحتى الآن حيث جمع جمهرة مهمة من المناضلين في سبيل إرساء دعائم المجتمع المدني الديمقراطي الاتحادي بالعراق حيث تسوده مبادئ وقواعد عمل لائحة حقوق الإنسان ومضامين بقية الوثائق والعهود الصادرة عن الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان الدولية في جنيف ومؤتمراتها السنوية وبقية منظمات حقوق الإنسان الإقليمية والمحلية.

كان اللقاء جامعاً لجمهرة من المناضلين وّحدهم الهدف المركزي لهذا اللقاء: التصدي بوسائل وآليات حقوق الإنسان للانتهاكات التي تتعرض لها هذه الحقوق الإنسان بالعراق من خلال الكشف عنها وفضحها داخلياً و دولياً وتعبئة الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي ضدها والعمل المثابر والدؤوب من أجل منع وقوعها ومساعدة ضحاياها وإعادة تأهيل من تعرض لتلك الانتهاكات من النساء والرجال ورفض قوانين الإعدام التمييز والتهميش والإقصاء لأي مواطنة أو مواطن بالعراق ونشر فكر وثقافة حقوق الإنسان والسعي الجاد والمتواصل لممارستها في الحياة اليومية من جانب الدولة وسلطاتها الثلاث ومؤسساتها والفرد والمجتمع ومؤسسات المجتمع المدني كافة.

لقد التقى ما يقرب من 140 عراقياً وعراقيةً من نشطاء حقوق الإنسان على مدى يومين عبروا عن اللحمة الإنسانية والوطنية التي تجمعهم لتحقيق الأهداف النبيلة التي تجلت في البيان الختامي الذي صدر عن اللقاء. لقد شاركت في هذا اللقاء جمهرة ضمت أفراداً من جميع مكونات الشعب العراقي القومية ومن أتباع جميع الديانات والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية ومن أكثر من 20 جمعية ومنظمة فاعلة وعاملة في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني. لقد كانت تظاهرة إنسانية عراقية وحدت المناضلين من الداخل والخارج لصالح حقوق الإنسان.

لقد شارك في هذا اللقاء نشطاء لحقوق الإنسان في استراليا وأمريكا الشمالية وكندا وبريطانيا وفنلندا والنرويج والدنمرك والسويد وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وهولندا من الخارج، إضافة لإلى نشطاء لحقوق الإنسان من بغداد والبصرة والنجف وأربيل وكربلاء والموصل والسليمانية ودهوك على سبيل المثال لا الحصر. ومن المؤكد أن سيصدر بيان يشير إلى المشاركين في هذا اللقاء من جمعيات أو من نشطاء حقوق الإنسان من الداخل والخارج.

لقد شارك في هذا اللقاء فنانون تشكيليون بلوحاتهم الجميلة مهداة إلى اللقاء ومعبرة عن إدراك الفنانين المشاركين لأهمية مثل هذه اللقاءات من جهة، وعن الرابطة العضوية بين حقوق الإنسان والفن التشكيلي وبقية الفنون الإبداعية من جهة ثانية. وكان بين المشاركين فنانات كالأخوات سميرة عبد الوهاب وزينب الراوي ورؤيا رؤوف وفنانين مثل الأخوة منير العبيدي وداني منصور وموفق أحمد ومنصور البكري وموسى الخميسي وجودت حسيب وفهمي بالاي والصديق المتوفي عبد الرحمن الجابري، إضافة إلى مشاركة فرقتي ترانيم وشهرزاد الموسيقية التي يقودهما الصديق طه حسين الرهك.

وبرهن الشاعر عدنا الصائغ والشاعرة بلقيس حسن والإعلامية الشاعرة راهبة الخميسي عن التصاقهم الدائم بقضية حقوق الإنسان ودفاعهم عنها من خلال مشاركتهم في هذا اللقاء وإلقاء قصائد من شعرهم الإنساني الرائع. كما حظي اللقاء بفلم حزين ومؤثر للمخرج الشاب والفنان نوزاد شيخاني الذي هَّز ضمير الحضور وأبكى الكثير منهم للمآسي التي تعرضت لها منطقة سنجار وشعبها الأبي من أحبتنا ومواطناتنا ومواطنينا الإيزيديين الكرام. كما كان للأغنية التي عرضها اللقاء للشاعرة البريطانية جيني لويس عن كلكامش والعراق تأثيره الإيجابي بين على الحضور وعلى المقارنة بين ماضي العراق وحاضره! كما كان للإعلاميين حضورهم الإيجابي والذي تجلى في ما نشروه من مقالات وما سينشر لاحقاً عن اللقاء، سواء أكان تلفزيون قناة العراقية التي صورت جزءاً من اللقاء أو الأستاذ ملهم الملائكة عن الدويتشة فيله. كما شارك الصديقان رزكار عقراوي وبيان صالح جبرائيل كنشيطين في مجال حقوق الإنسان مثلا مركز الحق في الحياة لمناهضة عقوبة الإعدام ومركز مساواة المرأة من الحوار المتمدن.

وهكذا، وبعد يومين من الاستماع للتقارير التي أعدت من جمعيات حقوق الإنسان في الداخل والخارج ومن ثم مناقشتها في ورش عمل ثلاث على مدى ساعات ثم إقرارها في اجتماع ضم جميع المشاركين وتميز بالحيوية والشعور بالمسؤولية إزاء مصائر الإنسان العراقي والبلاد العراقية انتهى اللقاء بصدور توصياته المهمة جداً والتي نشرت في اليوم العاشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2014.

لم يكن لهذا اللقاء أن يتحقق لولا الدعم المالي الذي جادت مجموعة من العراقيين لمنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان العراقية في ألمانيا (أمريك) دون قيد أو شرط لتنهض بأعباء هذا التجمع الإنساني النبيل الذي دعت له ونفذته بنجاح وبدعم كبير ومتواصل من جمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان العراقي في داخل العراق وخارجه، فشكراً لهم.

أما الآن، فالكرة عادت من جديد وكما كانت إلى الملعب الرئيسي إلى العراق، إلى الجمعيات والمنظمات العراقية المدافعة عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني التي شاركت أو لم تشارك لأي سبب كان في هذا اللقاء وكذلك نشطاء حقوق الإنسان للعمل الجاد والمتواصل والمسؤول لتنفيذ وصايا هذا اللقاء. وتتحمل لجنة التنسيق جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان التي ارتضت أن تكون ضمن هذه التشكيلة وعلى وفق رغبتها، والتي تضم 12 جمعية ومنظمة (تسع جمعيات أعضاء وثلاث جمعيات احتياط) من الداخل والخارج، مسؤولية العمل لتعبئة جميع مناضلات ومناضلي حقوق الإنسان بالعراق وبالداخل والخارج لصالح تنفيذ تلك التوصيات المهمة والكبيرة. إنها مهمة صعبة وكبيرة ولكنها مطلوبة في كل الأحوال.

إن العبرة ليس في اتخاذ التوصيات أو القرارات ، بل العبرة في تنفيذها ومتابعة التنفيذ من جانب جميع من يدرك ويعي أهمية أفكار وممارسة مبادئ حقوق الإنسان بالعراق وفي هذا الفترة الحرجة من تاريخ العراق الدامي.

وبودي أن أقدم إلى منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان العراقية بألمانيا /أمريك, ولجنة التنسيق مجموعة من المقترحات لتطوير العمل بعد انتهاء اللقاء وصدور توصياته وعودة الجميع إلى مناطق سكناهم :
1. العمل من أجل تشكيل جمعيات لحقوق الإنسان في كل المحافظات العراقية وفروع لها في المدن المختلفة، إذا إنها الكفيل بنشر أفكار وثقافة حقوق الإنسان ومكافحة الجهل بهذه الحقوق والمبادئ.
2. العمل من أجل مراسلة عراقيات وعراقيين في مختلف دول العالم لتأمين تشكيل جمعيات لصالح حقوق الإنسان وتشكل منابر مهمة لدعم نضال الشعب العراقي من أجل حقوقه الإنسانية المشروعة والعادلة. ويتطلب تنفيذ هذا المقترح تكليف مجموعة من داخل أو خارج لجنة التنسيق لمتابعة هذا الأمر.
3. العمل على تشكيل هيئة استشارية رقابية تضم المنظمات التي ليست ضمن عضوية لجنة التنسيق إضافة إلى عدد صغير من نشطاء حقوق الإنسان بالعراق وبالخارج لمتابعة ومراقبة مستوى تنفيذ التوصيات والجهود المبذولة لهذا الغرض.
4. الدعوة الجادة لقيام جميع جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان العراقية في الداخل والخارج إلى عقد مؤتمراتها الدورية وبمشاركة الأعضاء واللقاءات وإقامة المحاضرات للتبشير بالتوصيات المتخذة وتأمين مستلزمات العمل لصالحها بشكل ملموس.
5. السعي الجاد والهادف إلى كسب المزيد من الشباب والشابات بشكل خاص لصالح المشاركة في الدفاع عن حقوق الإنسان، إذ إن الحركة بحاجة إلى حيوية الشباب وقدراتهم في الإبداع على ممارسة سبل جديدة للوصول إلى فئات المجتمع. والعمل بين النساء يحتل أهمية خاصة بسبب تفاقم التجاوز على حقوقهن بمختلف صور التمييز والتهميش والإقصاء والإساءة لعقولهن وكرامتهن ودورهن في الدولة والحكم والمجتمع.
6. الأخذ بقاعدة تشكيل هيئات اختصاص كلما دعت الحاجة إلى ذلك ولمهمة محددة مثل الدفاع عن حقوق الطفل وتحريم عمل الأطفال، أو مناهضة حكم الإعدام وإيقاف تنفيذ حكم الإعدام بالذين صدر بحقهم حكم الإعدام، أو قضية المرأة وحصتها في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب أو التصدي للتعذيب في السجون والتجاوز على حقوقهم أو الفساد المالي وملاحقة الفاسدين...الخ.
7. التفكير منذ الآن بتهيئة المستلزمات المادية والتقارير الضرورية المتخصصة حول حالة حقوق الإنسان العراقي لعقد لقاء جديد ببغداد العاصمة في نهاية العام 2015.
8. التناوب بين أعضاء لجنة التنسيق على رئاستها في الداخل والخارج ولا تحصر بمنظمة أو منظمتين بل أن تكون دورية ولجميع أعضاء لجنة التنسيق.
9. إصدار نشرة دورية عن أعمال لجنة التنسيق وعن مستوى تنفيذ التوصيات وتنامي جماهيرية نشاط جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان.
10. العمل على إصدار كراس ينشر على نطاق واسع في داخل العراق وخارجه، كما يفترض أن ينشر عبر الإنترنيت يشتمل على التقارير التي طرحت في المؤتمر والتوصيات والمنظمات والنشطاء المشاركين في هذا اللقاء.
11. وضع وسام يضم شعار اللقاء يمنح سنوياً لعدد من نشيطات ونشطاء حقوق الإنسان العراقي عموماً وفي داخل العراق على نحو خاص. وهو وسام رمزي له دوره المعنوي والتعبوي لصالح حقوق الإنسان.
12. العمل على تسجيل لجنة التنسيق ببغداد بالاسم الذي تم الاتفاق بشأنه بشكل عام أثناء اللقاء وعلى وفق نظام منظمات المجتمع المدني العراقي.


ملاحظة : كتبت هذا المقال ورجوت الأخوة د. غالب العاني والأستاذين منير العبيدي ومثنى صلاح الدين محمود إبداء الملاحظات عليه، وأبدوا بعض الملاحظات التي أفادت هذه المقالة وأنا مسؤول عنها فقط.


13/11/2014


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter