|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  12 / 6 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

لننتصر لأهلنا بالموصل والفلوجة ... ولكن من تسبب بالكارثة؟

كاظم حبيب

عند حصول الأزمات ووقوع الكوارث يتنادى الناس للوحدة الوطنية والدفاع عن أرض الوطن، وهي مسألة إيجابية وضرورية بطبيعة الحال. ومن تابع الأحداث بالعراق خلال العقود المنصرمة لا بد أن يكون قد لاحظ بوضوح بأن من تسبب بتلك الأزمات والكوارث هو من كان يعلو صوته على صوت الجميع وطالب بنجدة الشعب، ولكن قصده كان نجدة نفسه أولاً وقبل كل شيء. ومن الأمور الخرافية المعروفة عن شعبنا هو أن الناس عموماً ضعاف الذاكرة ينسون بسرعة من الذي تسبب بهذه الأزمات والكوارث أثناء وبعد السيطرة عليها. هكذا كانت الحال، وهكذا هي الحال الآن ونأمل أن لا تبقى على الحال ذاته في المستقبل.

بالأمس استمعنا إلى الطائفي حتى النخاع أسامة النجيفي في مؤتمره الصحفي وقد رفع عقيرته بالدعوة إلى الوحدة الوطنية ونسيان الخلافات، وكأن الشعب كان مسؤولاً عن تلك الخلافات وليس هو ورهطه الطائفي وصالح المطلك ومشعان الجبوري ومن لف لفهم.
وبالأمس تماماً، وبعده مباشرة، وقف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومعه حشد من وزرائه وهو يصرخ بالدعوة إلى الوحدة الوطنية لمواجهة الإرهابيين الأشرار، وكأن الشعب كان مسؤولاً عما حصل في الفلوجة والموصل ومناطق أخرى من العراق وليست سياسته وسياسة كل الطائفيين من أمثاله من السنة والشيعة، سواء من كان منهم بالحكم أم خارجه.

الوحدة الوطنية في مواجهة هكذا أزمات ضرورية جداً، ولكن ماذا بعد ذلك؟ ستعود تلك الأزمات والكوارث ثانية لأن المسؤولين عن هذه الكوارث لا يزاحون عن الحكم ويمارسون ذات السياسة الطائفية المقيتة بالبلاد. من هنا جاء قولي يجب أن نواجه الكوارث بوحدة الشعب والجيش طبعاً، ولكن علينا العمل من أجل توفير مستلزمات عدم إعادة إنتاج تلك الأزمات والكوارث وببقاء الحكام أنفسهم في الحكم.

لقد نبه الكتاب العراقيون والكثير من الصحفيين وبعض الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية من الكارثة المحدقة، فهل استمع رئيس الوزراء إلى تلك النداءات؟ أبداً لقد أعطى هو وحزبه أذانهم الطرشة (الصماء) لأصوات المخلصين من أبناء الشعب وراحوا يوزعون ثروة الشعب ليحصدوا أصواتهم وبكل السبل المتوفرة المشروعة وغير المشروعة. ولا أعرف حتى الآن ما السر وراء مسالتين حصلتا أخيراً: الأولى سحب القوات المسلحة العراقية من الفلوجة في بداية الأمر وترك الإرهابيين يعبثون بالبلاد، ثم البدء بمعركة ضدهم. وحصل الآن نفس الأمر: أكد ضباط عراقيون بوصول قرار الانسحاب من القيادة العليا ببغداد، أي من القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، بعدم مواجهة الإرهابيين بالموصل والانسحاب من القتال، مما أدى إلى الفرار أمام قوى الإرهاب. فما الحكمة من ذلك؟ أما يحصل بالعراق أمر مشبوه ينبغي التحري عنه جيداً قبل أن يتكرر مرات أخرى.

وأنبه اليوم أيضاً بأن الشعب والجيش، بكل الأمراض التي زرعتها الطائفية السياسية فيه، سينتصران على الإرهابيين من أتباع دعش القاعدة ومن أتباع بقايا حزب البعث المسلحين الذين التحموا بدعش بقيادة عزة الدوري وجمهرة من الضباط البعثيين القدامى المسلحين، ولكن السؤال هو: ماذا بعد تطهير الفلوجة والموصل ونواحي في كركوك والحويجة من رجس الخونة والمجرمين من العراقيين أو من غير العراقيين المرتزقة القادمين من وراء الحدود والمصطفين في دعش وأخواتها من قوى الإرهاب التكفيري الدموي.

كل من شاهد ظهور إبراهيم الجعفري على شاشة التلفزيون يوم أمس لا بد وأنه قد انتبه إلى الخنوع والمسكنة التي ظهر فيها ليدعو إلى مواجهة الإرهاب، وهو الذي بدأ بنشر الطائفية اللعينة بأجهزة الأمن والشرطة ومن ثم في الجيش وفي كل مكان حين كان رئيساً للوزراء وأعطى تركته لصاحبه نوري المالكي ليواصل مسيرته البائسة في الطائفية التي تريد قتل هوية المواطنة العراقية لصالح الهويات الفرعية الطائفية القاتلة.

نعم لوحدة الشعب والجيش، نعم لكنس الإرهاب والإرهابيين من البلاد، نعم لنجدة أهلنا في الفلوجة والموصل وكركوك في مواجهة القتلة والمجرمين من داعش وغيرها، ولكن في إطار الدستور العراقي والصلاحيات الممنوحة للحكومة، إذ ما في الدستور من صلاحيات كافية لمواجهة الإرهاب وتحرير الفلوجة والموصل من أيدي المجرمين ولا حاجة لإعلان حالة الطوارئ، فإذا ما أعلنت فستكون أداة تسلط إضافية بيد المستبد الجديد بأمره ليرينا نجوم الظهيرة هذه المرة, عندها سيبدأ النضال المرير مجدداً للخلاص من حالة الطوارئ ومن تسبب بها ومن يقودها. هذا تحذير لكل الوطنيين والديمقراطيين والشرفاء من العراقيات والعراقيين أملي أن يستمعوا إلى صوت العقل والحكمة ولا ينسون ما لا يجوز نسيانه.



11/6/2014
 


 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter