|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت 12/1/ 2013                                 جلال رومي                               كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أوراق أنصارية

(عن مفارز الأنصار السرية)
(4)

جلال رومي ( أحمد عرب )

أستعدينا لمغادرة منطقة قرداغ أنا والرفيق مجيد دوكانى والرفيق سلام للذهاب الى منطقة شهرزور حيث يستغرق الطريق سيرا على الاقدام ثلاثة أيام بلياليها,وعلينا المسير ليلا وألاختفاء نهارا ويجب أن لا نلتقي باي انسان لخطورة ذلك لتواجد قوات اوك في المنطقة من جهة, اضافة الى قوات السلطة من جيش والجحوش من جهة أخرى ,كانت معنا مؤنة كافية حيث كنا نختفي تحت سنابل الحنطة والشعير والبادئة بألجفاف وألممتلئ بها سهل شهرزور ,كانت معرفتنا نحن الثلاثة بالمنطقة جيدة .

وصلنا بعد ثلاثة أيام الى المنطقة الخطرة جدا والقريبة من ناحية خرمال حيث هناك تغيرات جديدة للمواقع العسكرية حيث الطريق الذي سلكه الرفيق مجيد في القدوم الينا من غير الممكن المرور به فلقد تغيرت خطوط الجبهة بين العراق وايران واصبح الامر صعبا جدا وامكانية صعودنا الى المقر في كرچال ,حيث وجهتنا, أمرا شبه مستحيل فكان الرجوع احد الخيارات المطروحة ,كانت معنا النواظير ولذلك استطعنا مراقبة المنطقة عن كثب فأذا بمجموعة معها عوائل تتحرك بأتجاه الحدود ومعها دليل مستأجر من المنطقة ليساعدهم فى معرفة اتجاه الطريق ...وصلنا اليهم وتعرفنا عليهم حيث اتذكر كانت معهم عائلة تتكون من الاب والام وطفلتان احداهما رضيعة والثانية عمرها يقارب الست سنوات ,لقد عرفنا ان المجموعة بألاساس هم هاربين من العسكرية وملتحقين بألجاش وقد قاموا قبل يومين بحرق مجموعة من سيارات الوقود التابعة للحكومة وبذلك هم مضطرين للهروب من العراق بأتجاه ايران .

الطريق وعر جدا والمواقع العسكرية العراقية والايرانية متداخلة جدا ,حيث هناك قمة يحتلها الجيش العراقى مثلا تقابلها قمة يحتلها الجيش الايرانى ومعنا طفلة سوف تبكي بالتأكيد وهذا سيعرض حياتنا للخطر فما هو الحل­.... الحل الوحيد الذي توصلنا أليه هو حبة فاليوم قوية حيث ستنيم الطفلة لمدة طويلة ولا أحد حينها فكر بخطر مثل هذه الحبة على حياة الطفلة ,كنا نسير بحذر خلف الدليل حيث كنا نسير في القطوع ألجبلية بين الربايا العراقية وألايرانية وفي جو معتم جدا وكان الرمي مستمر من ألجانبين لأنهم يسمعون اصوات ألمسير دون أن يروا شيئا في هذا الجو المظلم ,الام كانت تحمل الطفلة الصغيرة بينما كان الاب يحمل الابنة الكبرى وكان من الصعب عليهم المسير فى مثل هذه الظروف وفي هذا الطريق الوعر ولكونى لم احمل سلاحا بادرت لحمل ألابنة الكبرى وألاب حمل الطفلة الرضيعة وأحسست بثقل الامانة حيث قررت في داخلي أن أوصلها بسلام وأن أحافظ عليها قدر الامكان وفي الفجر وصلنا الى منطقة تسمى هانى قولكة حيث هناك قرية مهجرة وجدنا فيها القوات الايرانية تتمركز هناك وهنا وصلت العائلة الى هدفها حيث سلموا انفسهم للقوات الايرانية وكانوا ممتنين جدا لما قمت به من مساعدة وكانوا يتمنون ان يردوا الدين يوما ما وقد تحقق ما تمنوه ولكن كيف ذلك , هذا ما سأتحدث به لاحقا.

بقي لنا من الطريق ما يقارب الساعتين للوصول الى مقر كرچال عبر تلة مكشوفة للقوات العراقية وهي هدف للقصف المستمر , عبرنا ألتلة ووصلنا الى مقرنا وهو مقر البتاليون السابع والذي كان يقوده الرفيق الشهيد علي كلاشنكوف وألذي ارسل برقية الى قيادة الحزب يعلمهم بوصولي وبدورهم طلبوا منه مساعدتي للوصول اليهم وبقيت هناك حوالي عشرة أيام ولم يتمكن الرفيق حينها من الحصول على اجازة مرور في الاراضي الايرانية والتي كنا نحصل عليها مساعدة من حلفائنا في الحزب الديمقراطي الكردستاني مما اضطرني وبتشجيع من الرفيق علي كلاشنكوف ان اذهب مع مفرزة من حدك متوجهة الى الاراضي الايرانية بدون اجازة المرور هذه حيث كان عددهم كبير ولم نكن نتوقع ان يقوم الجانب الايراني بطلب الاجازة منهم لمعرفتهم بهم وبوجهتهم ولكن هذا لم يتحقق حيث طلبوا من الجميع اشهار اجازات المرور وهنا اعتقلني البازار الايرانى مع ثلاثة اشخاص من الملتحقين الجدد بحدك لعدم وجود اجازة العبور لدينا وساقونا الى مكان حجز في مدينة ميريوان وهناك التقيت بألعائلة التي ساعدتها والتي مر ذكرها سابقا وقد ساعدوني كثيرا فى فترة تواجدي هناك .

بقيت في الحجز مدة شهرين وكان التحقيق يجري معي غالبا مرتين في اليوم,وكنت ادّعي اني من انصار حدك واصريت على ذلك حيث كنت اعرف اغلب اسماء مسؤليهم ومناطق عملهم ولكن بألتاكيد هم كانوا يعرفون اني من انصار الحزب الشيوعي ولكن لو اعترفت بنفسي بذلك لاعتقلوني وبعد عدة ايام اطلقوا سراح الاشخاص الثلاثة الذين كانوا معي في الحجز وابقوا عليّ ,حاولت من خلال تلك العائلة لايصال خبر اعتقالي الى الحزب وبعد ان يئسوا من اخذ الاعتراف منى تم حجزي انفراديا في زنزانة صغيرة وحارة جدا وهنا بدأت العائلة بمساعدتي بارسال الماء البارد والطعام من خلال السجانين وخلال فترة اعتقالي كنت اقضي الوقت بقراءة الكتب الدينية الشيعية وهي الوحيدة المتوفرة وكان المحققين يفرحون عندما يروني اقرأ هذه الكتب وكانوا يدعوني الى الصلاة, كنت ارفض واقول لهم سأكون منافقا اذا صليت وانا فى الحجز في حين اني لم اصلي عندما كنت طليقا .

وبعد شهرين واثر تدخلات حدك تم اطلاق سراحي بتعهد بعدم الرجوع الى ايران مرة اخرى وبعدم البوح لاحد بما جرى لي هناك وللحقيقة طيلة فترة الشهرين لم يستخدموا معى أي تعذيب جسدي ولم يستخدموا اي كلمات بذيئة واوصلوني بسيارتهم الى المنطقة التي اعتقلوني بها ورجعت مرة اخرى الى مقرنا في كرچال ، حيث عرفت عند وصولي الى المقر بعقد الاتفاق بين الحزب واوك بوقف الاقتتال بين الطرفين وكل القوى الكردستانية الاخرى والنضال سوية ضد السلطة ونظامها الفاشي وبعد يومين نزلت مع مفرزة جديدة الى قرداغ وهناك التحقت مرة اخرى برفاقي في البتاليون التاسع وكان استقبالهم رائعا لي .

يتبع
 

أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (3)
أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (2)

أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (1)

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter