| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الأثنين 9/1/ 2012

 

إنطباعات
(2)

امين يونس

أسعفَني الحظ ، وخَدَمتْني الصُدفة ، بلقاء شخصيةٍ سياسية سورية كردية مُهمة .. حيث كان مُقيماً في نفس الفندق الذي كنت فيه . أبْلَغني صديقي بالنزول الى الصالة ، للتعرف على بعض الشخصيات .. إعتقدتُ انهم سيكونون إثنين او ثلاثة من مُثقفي ديار بكر ، لكنني تفاجأتُ بوجود أكثر من عشرة أشخاص .. سبقَ لي وأن تعرفتُ على ثلاثة منهم .. وكان الآخرون من كُرد سوريا ، وبينهم رجلٌ مُسن ، قالوا انه : حميد درويش . جلستُ بجانبهِ ، ولم أتصّور في تلك اللحظة بأن الرجل هو نفسه ، الذي قرأتُ عنه الكثير قبل أشهُر ، في الأنترنيت ، حين كنتُ أجمع معلومات لكتابةِ مقالٍ عن الاحزاب الكردية في سوريا ... وبعد إكتشافي ذلك ... بادرتُ الى سؤاله عن الوضع في سوريا ، وعن توقعاته بإحتمالات عقد المؤتمر القومي الكردي ، وعن " برهان غليون " المُفترَض كونه مثقفاً يسارياً ، وموقفه السلبي من الكُرد في سوريا وتشبيههم بالجزائريين في فرنسا ؟ فقال : بأنه إلتقى مع غليون ، وان الرجُل أنكرَ ذلك وأن الإعلام حوّرَ أقواله وشوّهَ مُحتوى كلماته للصحيفة الالمانية .. " عندها وصلَ رجُلان من وجهاء ديار بكر جاءا ، لإصطحابه الى دعوة عشاء حسبَ موعدٍ مُسبَق .. فإعتذرَ مِنّا وغادَر " .

صباح اليوم التالي .. عدتُ الى الفندق من جولةٍ صباحية ، وكان السيد " عبد الحميد درويش " جالساً في الصالة مع شخصٍ آخر .. فسلمتُ عليهما وسألته هل أستطيع مشاركتكما ؟ . رّحبَ بكل بساطة وأريحية ، وأشْعَرَني وكأننا أصدقاء بإسلوبه الودي غير المُتكلف . قلتُ لهُ ، أود ان تحدثني عن بعض ذكرياتك .. قال : ان معظمها موجود في الكتب التي أصدرتها .. ولكني كنتُ اُحدِث الأخ عثمان ، عن لقائي الأول بالمرحوم " علي عسكر " وجولتي معه في الجبال والوديان .. فسألته عن إجتماعه الأخير مع الامين العام للجامعة العربية " نبيل العربي " قبل فترةٍ قصيرة .. فقال ، ان الرجل كان متجاوباً بصورةٍ ممتازة ، مع طروحاتنا ومتفهماً للمشكلة الكردية في سوريا .

سألته ، هل هو متفائل عموماً بتغيير قادم في سوريا ، وهل ان هذا التغيير قريبٌ في رأيهِ ؟ .. قال : ليسَ أمامنا خيار إلا ان نكون متفائلين .. لقد بذلنا جهوداَ كبيرة في الأشهر الماضية ، وحتى قبل ذلك .. من اجل تقريب وجهات النظر ، ولَم الشمل ، وإيجاد أرضيات مُشتركة .. ليسَ فقط مع الفصائل الكردية الأخرى .. بل بين الكرد في سوريا ، وبين المُعارضة السورية عموماً .

عبد الحميد درويش ... هذا الشيخ الجليل ، الذي يسعى حثيثاً لبلوغ الثمانين .. بدلاً من أن يُكّرَمَ على تأريخهِ النضالي الطويل ، وكُل ما قّدمه الى الحركة الوطنية السورية عموماً ، والكردية خصوصاً ، منذ شبابه المُبكر .. وبدلاً من أن يرتاح في سنواته الأخيرة .. فأنه لا يستطيع العودة الى ديارهِ ، لأنه مُلاحَق مِنْ قِبَل النظام البعثي .. رغم ان درويش ، معروفٌ عنه ، جنوحه للسلام ، وحَل أعقد المشاكل بالتفاوض والتفاهم ، ومَيله الى إيجاد مخرج مُنصِف للقضية الكردية ، ضمن سوريا ديمقراطية حقيقية .. وتأريخه شاهد على ذلك ... ولكن هل يتحمل الوضع السوري المُضطرب ، والنظام الإستبدادي البعثي ، هكذا شخصيات سياسية مرموقة ؟!.

عبد الحميد درويش ، رفيق " عثمان صبري " و " نور الدين ظاظا " ، الذين أسسوا معاً في الخمسينيات ، الحزب الديمقراطي الكردي .. وشارك بحيوية في النشاط السياسي منذ ذلك الوقت .. وحتى تبوأه منصب الامين العام لل " الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا " .. ونائب رئيس إعلان دمشق .. وله علاقات ممتازة مع معظم الساسة السوريين في المعارضة ، وحتى في الموالاة .. إضافة الى إرتباطه الوثيق المعروف ، مع الإتحاد الوطني الكردستاني وزعيمه جلال الطالباني ، والقيادات الكردية العراقية الاخرى . هذا الرجُل الذي أرهَقتْه السنين ، بادٍ عليه التعب وآثار المُعاناة ، بمختلف أوجهها .. المعاناة المرضية ، وقسوة التعامل سواء من السلطات السورية ، أو حتى من بعض السياسيين الكُرد السوريين ! . فهنالك العديد من الشباب الكُرد في سوريا ، كما يبدو .. غير راضين عن أداء كافة رموز الطبقة السياسية القديمة التقليدية ، ويتهمونها بالنمطية ، وتبعيتها وموالاتها للأحزاب الكردية العراقية وحزب العمال الكردستاني .. وبالطبع هذه الإتهامات ، تشمل السيد درويش وحزبه ، ايضاً .. بدرجةٍ او بأخرى !.
........................................
ذّكَرني وضع السيد " عبد الحميد درويش " ، بالقادة الكُرد العراقيين ، في نهاية السبعينيات والثمانينيات ، حين كانوا يجوبون مُدن ايران وسوريا وغيرها .. بحثاً عن ملجأ ، وعن دعمٍ ، وأمل و تعاطف .. غير يائسين تماماً من النظام ، بل محتفظين بشعرة مُعاوية معه .. مُنساقين أحياناً وراء " أوهام " المُصالحة والإصلاح والتفاوض !.
.......................................
يبدو ، ان قَدَر بعض القادة الكُرد ، يفرض عليهم حتمية المرور ، بتجارب مريرة ، وصعوبات جّمة ، ومواقف قاسية ... لقد أثّرَ فِيَ " عبد الحميد درويش " في اللقاءات الأربعة القصيرة التي جمعتْني بهِ مُصادفةً .. فبِقدر ما عطفت عليه ، اعجبتُ بمعنوياته العالية وثقافته وذاكرته الوقادة ، وبساطته وتواضعه الجَم .

 

8/1/2012
 

إنطباعات (1)
 

free web counter