|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 29/8/ 2012                                 عبدالرزاق الصافي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 لا جديد تحت الشمس في العراق!!

عبد الرزاق الصافي

"يجمع المراقبون السياسيون للوضع في العراق على وجود ازمة مستعصية تتطلب الحل وليس اجراءات ترقيعية لا تؤمّن الحل المطلوب . فقد شهدت الاسابيع الاخيرة تفاقماً في الصراعات بين الكتل التي تتشكل منها الحكومة العراقية الى درجة ان قال رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ان تسعين بالمئة من القوى المشاركة في الحكومة ، يمكن ان تحسب على المعارضة. وهو امر غريب لا مثيل له بين الحكومات المنبثقة عن النظام البرلماني. ذلك ان المعتاد ان تكون هناك حكومة يتولاها حزب نال الأكثرية في البرلمان او إئتلاف سياسي من عدة احزاب عندما لا يوجد مثل هذا الحزب . ومن الممكن ان تتشكل حكومة وحدة وطنية لظرف معين كتعرض البلاد الى كارثة طبيعية او عدوان خارجي او دخولها الحرب . ومثال ذلك الحكومة التي كان يقودها المستر تشرتشل ايام الحرب العالمية الثانية والتي كان فيها المستر اتلي زعيم حزب العمال المعارض نائباً لرئيس الوزراء."

قد يتبادر الى ذهن القارىء ان هذا الكلام مكتوب اليوم . والواقع انه بداية مقال نشرته في الايام الغراء بتاريخ 9/10/2011 وقعت عليه عيني بمحض الصدفة وانا استعد لكتابة مقالي هذا الاسبوع . وكان المقال بعنوان "المطلوب حل الازمة وليس ادارتها فقط !" اي قبل ثمانية اشهر وعشرين يوماً بالتمام والكمال. اي ان مئتين وستين يوما ً انقضت والكتل النيابية التي تتشكل منها الحكومة الحالية تشغل الرأي العام العراقي بصراعاتها ومماحكاتها وعجزها عن حل الازمة بسبب من اصرارها على التمسك بمصالحها الانانية الضيقة وانعدام الثقة في ما بينها وفقدان الشعور بالمسؤولية الوطنية التي تتطلب منها الاقدام على حل الازمة وليس ادارتها فقط.

ومنذ كتابة المقال المذكور، وحتى قبله بأشهر عديدة، شخصت القوى الديمقراطية المخلصة الاسباب التي ولدت الازمة بالقول" ان سبب الحالة الفريدة للحكومة الحالية هو ان جميع الكتل (المشاركة فيها) تريد ان تستفيد من كعكة الحكم نفوذاً وامتيازات ومغانم. وان تكون لهم حصة في مغانمها وبراءة من مغانمها." واشارت الى " ان الحالة التي تعيشها البلاد في ظل هذه الاوضاع المكربة تقلق الرأي العام وتنغص حياة الغالبية الساحقة من ابناء الشعب الذين يريدون العيش في ظل الامن والاستقرار والعمل الذي يؤمن لهم لقمة العيش الكريمة في بلدهم المليء بالخيرات والثروات الطبيعية.هذه الحالة التي حملت حتى المرجعية الدينية ،التي كانت تلوذ بهابعض الكتل المتحكمة بالوضع لكسب تأييدهاومباركتها لها،على النأي بنفسها عما كانت تقوم به سابقاً والاعلان عن عدم استعدادها لإستقبال المسؤولين الذين خيبوا ظنها بسلوكهم وتمسكهم بمصالحهم الضيقة واهمالهم المصالح الوطنية العليا للشعب والوطن". الامر الذي كررته المرجعية في بداية هذا الاسبوع وبتوجيه النقد للحكومة بكل اطرافها لإصرارها على انتهاج طريق الابتعاد عن مراعاة مصالح الشعب وخرقها المتعمد والمتكرر للدستور .

وكان آخر ماسعت بعض الكتل النيابية اشغال الشعب به هو الحديث عن "الاصلاح"، اصلاح العملية السياسية التي كانوا السبب في فشلها وفسادها . فمنذ شهر اويزيد لا حديث للكتل السياسية سوى الحديث عن ورقة الاصلاح ، التي يفترض ان يقدمها التحالف الوطني للاطراف الاخرى لحل الازمة . هذه الورقة التي ظلت محجوبة عن الرأي العام ، وتضاربت بشأنها تصريحات الاطراف، والتي قيل انها تحوي سبعين بنداً، ربما يحتاج تنفيذها الى سنوات. وقيل انها لم تأخذ صيغتها النهائية حتى داخل اطراف التحالف الوطني المكلف بإعدادها.

وترى غالبية المراقبين السياسيين ان الكتل المتنفذة لا تستطيع حل الازمة لأنها لا تريد التخلي عن مواقفها المعرقلة لأي حل ينسجم مع مصالح الشعب ، ولتمسكها بالمحاصصة الطائفية والاثنية ، التي هي اُس البلاءالذي اوصل البلاد الى ما وصلت اليه. الامر الذي حملنا على القول " لا جديد تحت الشمس في العراق!". ولكن بقاء الحال من المحال كما يقولون . وما جرى في البلدان العربية وما يجري خير دليل على ما نقول .فهل يدرك السادرون بغيّهم عواقب تجاهل ارادة الشعب؟

 

لندن 26/7/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter