| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 12/10/ 2011

 

            المطلوب حل الازمة وليس إدارتها فقط !

عبد الرزاق الصافي

يجمع المراقبون السياسيون للوضع في العراق على وجود ازمة مستعصية تتطلب الحل ، وليس اجراءات ترقيعية لا تؤمـّن الحل المطلوب . فقد شهدت الاسابيع الاخيرة تفاقماً في الصراعات بين الكتل التي تتشكل منها الحكومة العراقية الى درجة ان قال رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ان تسعين بالمئة من القوى المشاركة في الحكومة يمكن ان تُحسب على المعارضة . وهو امر غريب لا مثيل له بين الحكومات المنبثقة عن النظام البرلماني . ذلك ان المعتاد ان تكون هناك حكومة يتولاها حزب نال الاكثرية في البرلمان او إئتلاف سياسي من عدة احزاب عندما لا يوجد مثل هذا الحزب . ومن الممكن ان تتشكل حكومة وحدة وطنية لظرف معين كتعرض البلاد الى كارثة طبيعية او عدوان خارجي او دخولها الحرب . ومثال ذلك الحكومة التي كان يقودها المستر تشرتشل ايام الحرب العالمية الثانية والتي كان فيها زعيم حزب العمال المعارض المستر اتلي نائباً لرئيس الوزراء .

وعندما تشكلت حكومة السيد المالكي قبل نحو عشرة اشهر وضمت كل الكتل البرلمانية وسـُمـّيت بحكومة الشراكة الوطنية استناداً الى حجة ضرورة مساهمة الجميع في الحكم بسبب الحالة الانتقالية التي يعيشها العراق ، لم يكن يدور ببال احد ان تكون الحكومة حكومة شراكة اسماً وميدان صراعات حادة فعلاً . فالمفروض في اية كتلة سياسية لا ترتضي سياسة الحكومة او نهج رئيسها ان تترك المشاركة في الحكومة وتنتقل الى صفوف المعارضة لتقوم بواجب مراقبة الحكومة وتصويب مسارها إن كانت ترى  فيه خطأ ما .

ومن الواضح ان سبب الحالة الفريدة للحكومة الحالية هو ان جميع الكتل تريد ان تستفيد من كعكة الحكم نفوذاً وامتيازات ومغانم . وان تكون لهم حصة في مغانمها  وبراءة من مغارمها .

وتتمثل الازمة في استمرار الخلافات حول جملة اموريقف في مقدمتها إشغال  الوزارات الامنية وعدم الاتفاق على قانون النفط والغاز وتطبيق المادة 140 من الدستور لحل معضلة كركوك والمناطق المتنازع عليها والمجلس الوطني للسياسات الستراتيجية وكيفية تشكيله وصلاحياته وغير ذلك من الامور التي تتعلق بالفساد المستشري وتطبيق احكام القضاء بحق مرتكبي جرائم الارهاب والتخريب والجرائم الهادفة الى إثارة الفتنة الطائفية مجدداً والسعي لإثارة الحرب الاهلية وقضية الالوف من مزوري الشهادات الذين يحتلون مواقع وظيفية لا يستحقونها ، بدل تقديمهم للمحاكم لينالوا عقابهم العادل على ما إرتكبوه من جرم مشهود بتزوير الشهادات .

ان الحالة التي تعيشها البلاد في ظل هذه الاوضاع المكربة تقلق الرأي العام وتنغص حياة الغالبية الساحقة من ابناء الشعب الذين يريدون العيش في ظل الامن والاستقرار والعمل الذي يؤمن لهم لقمة العيش الكريمة في بلدهم المليء بالخيرات والثروات الطبيعية .هذه الحالة التي حملت حتى المرجعية الدينية التي كانت تلوذ بها بعض الكتل المتحكمة بالوضع لكسب تأييدها ومباركتها لهاالى النأى بنفسها عما كانت تقوم به سابقاً والاعلان عن عدم استعدادها لإستقبال المسؤولين الذين خيبوا ظنها بسلوكهم وتمسكهم بمصالحهم الضيقة واهمالهم المصالح الوطنية العليا للشعب والوطن .

ان المنطق السليم يقول اذا كان لابد من مساهمة كل مكونات الشعب في الحكومة وإدارة دفة البلاد ، فلتكن هذه المساهمة على اساس الكفاءة والاخلاص للوطن بجميع ابنائه وليس على اساس الولاء الفئوي الضيق طائفياً كان او قوميا ، كما هو حاصل في غالب الاحيان حتى الآن مع الأسف.

ولذا تتسع الاوساط التي تطالب بحل الازمة التي تعصف بالبلاد بالرجوع الى الشعب واستفتائه بشأنها بعد تطبيق ما قضى به القضاء العراقي من ازالة الخرق الدستوري الذي ارتكبه البرلمان السابق بشأن قانون الانتخابات واصدار قانون ديمقراطي للأحزاب واجراء تعداد سكاني ، وخصوصاً بعد اكتشاف تزوير مليوني بطاقة تموينية جرى اعتمادها في الإنتخابات السابقة. فمتى سيرتفع المتحكمون بالعملية السياسية الى مستوى المسؤولية الوطنية ويستجيبون لهذا المطلب العادل وتجنيب الوطن والشعب مما لا تحمد عقباه من مخاطر؟           

 

لندن 9/10/2011    
 

 

free web counter