| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

 

الأربعاء 4 / 7 / 2007

 



الظهير

الحلقة الثالثة عشر


علي عرمش شوكت

 وعندما تحركت السيارة توجهت الى اقرب محطة وقود ، وهناك اكد السائق على الركاب بان الطريق الى مدينة الحسكة تتخللها نقاط تفتيش كثيرة وبالفعل مرت السيارة على عدد منها ، ولكن وكما يبدو ان السائق على معرفة بافراد تلك النقاط ولذلك سمحوا له بعبورها من دون تفتيش ، وكان حميد لا يحمل سوى جواز سفر قديم وبطاقة الاحوال المدنية ، وهو لايعرف كيف سيواجه السلطات السورية اذاما اكتشفت امر تسلله عبرالحدود ، علما ان العلاقات بين النظامين العراقي والسوري كانت متوترة جدا ، ولكنه كان مطمئنا لأن الرئيس حافظ الاسد قد سمح للمعارضة العراقية بالاقامة في سوريا ، استغرقت الطريق وقتا لحين الوصول الى مدينة الحسكة ، وهناك بحث عن السيارات التي تذهب الى دمشق فوجدها ، استقل سيارة صغيرة هذه المرة ، وعندما تحركت لمسافة قصيرة اعلن السائق بان مدينة حلب فيها اضطرابات وعلى الركاب ان يعلموا بان اي شخص لايحمل هوية سوف يعتقل في نقاط التفتيش ، فتنبه حميد الى الامر ، مما دعاه الى الطلب من السائق ان يعيده الى الكراج بحجة انه قد نسى هويته في البيت ، احتج بعض الركاب على التأخير ولكن السائق اشترط على حميد مقابل ارجاعه الى الكراج ان لايرجع له سوى نصف الاجرة فقط ، تم ذلك وارجع الى حميد نصف الاجرة مع ان السائق اخذ راكبا اخرا مكانه وباجرة كاملة .
كانت تلك العقبة بالنسبة الى حميد بداية غير مريحة، لاسيما وانه ذاهب الى هدفه من دون دليل ، صار الوقت بعد منتصف النهار وقد اضناه التعب والجوع ، فتوجه الى اقرب مطعم لتناول الطعام ،طلب الطعام دون تركيز بالاختيار وتناوله دون ان يحس بطعمه ، وبعد الطعام جلس في مقهى لتناول الشاي ، وآنذاك خطرت بباله فكرة الذهاب الى مدينة القامشلي، لان هناك موقعا للحزب الشيوعي السوري قد مر عليه في السابق، وهذا ما سيمكنه من الوصول الى غايته حتما ، راح يسأل صاحب المقهى عن السيارات التي تذهب الى القامشلي فقال له ان السيارات لاتذهب مباشرة الى القامشلي ، بل عليك الذهاب الى مدينة ( دير الزور) اولا ، ومن هناك يمكنك الذهاب الى مدينة القامشلي ، اخذت السيارة وقتا طويلا لحين الوصول الى مدينة ( دير الزور ) ، ومن هناك اهتدى الى كراج السيارات التي تذهب الى ( مدينة القامشلي ) واستقل حافلة ركاب كبيرة الحجم ، وفي منتصف الطريق توقفت الحافلة وصعد اليها راكب جديد ، ولم يوجد مكان فارغ غير الذي بجانب حميد فجلس الراكب ، كان رجل طيب ودمث الخلق وحينما عرف بان حميدا عراقي رحب به وابدى استعداده لضيافته ، شكره وجامله باحاديث مختلفة طيلة الطريق ، لم تتوقف السيارة الا في مدخل مدينة القامشلي عند نقطة تفتيش ، غدت تلك اللحظات بالنسبة الى حميد كأنها لحظات الاقتراب من حافة الهاوية ، لان رجال انضباط الجيش السوري قد صعدوا الى داخل الحافلة ليدققوا بالهويات ، وحينذاك قرر حميد الافصاح عن وجهته وحقيقة دخوله الى سوريا اي هربا من ظلم النظام العراقي ، وعندما وصل التفتيش الى الشخص الذي بجانبه والذي صعد اثناء الطريق وطلبوا منه الهوية ، قدمها واذا به عريف في الجيش السوري ، فطلبوا منه اجازة النزول الى المدينة ولماذا هو في لباس مدني ، وعندما امتنع طلبوا منه النزول من السيارة لانه غير مزود باجازة من وحدته العسكرية ، فنشبت مشادة كلامية بينه وبين الانضباط مما ادى الى تدخل الضابط لينزله من السيارة بالقوة ويطلب من سائقها التحرك ، وبذلك كانت تلك الحادثة لحميد مصائب قوم عند قوم فوائد حيث تخلص من اخر العقبات . دخلت السيارة المدينة بعد ان سارت بضع دقائق تنفس حميد خلالها الصعداء ، توقفت في الكراج ومن هناك و دون عناء استدل على بيت الرفيق السوري ، حيث انه شخصية معروفة في القامشلي، وقبل ان يطرق الباب كانت صدفة جميلة ان خرج الرفيق وتلاقى مع حميد وجها لوجه ، وفي الوهلة الاولى لم يتعرف عليه رغم المبادرة بالسلام من قبله ، فأخذ حميد بتعريف نفسه وتذكيره في لقائهما الاخير قبل سبع سنوات عند عودته من الاتحاد السوفيتي مع بعض الرفاق ، وكانت تلك الكلمات حافزا لمزيد من العناق والترحاب ، ادخله البيت واحضر له الشاي وجلس معه بضع دقائق تخللها حديث عن اوضاع الرفاق في العراق ، بعدها استأذنه في سبيل اخبار ممثل الحزب الشيوعي العراقي في مدينة القامشلي ، غاب الرفيق مايقارب من نصف ساعة ثم عاد ومعه الرفيق ( جلال ) تعرف عليه وكان لقاءا رفاقيا حميما ولم يتأخر في الطلب من حميد ان يكتب رسالة الى قيادة الحزب الموجودة في دمشق للاشعار بالوصول .
في الليلة الاولى ظل حميد ضيفا على الرفيق السوري وقضى الوقت في احاديث عن الوضع في العراق وتحديدا في بغداد وكيف يواجه الرفاق هناك الحملة الفاشية التي تشن عليهم من قبل النظام ، ومن ثم جرى الحديث حول اسرته وذلك عندما وجهت له بعض الاسئلة من قبل اسرة الرفيق السوري ، وفي ضحى اليوم الثاني جاء الرفيق جلال واصطحبه الى بيت اخر في المدينة، كانت فيه اسرة لرفيق سوري اخر مكونة من رجل وزوجته وابنته ، واول طلب له هو فرصة للاستحمام ، خصصت له غرفة في البيت وفيها جهاز راديو صغير وكذلك تصله الصحف اليومية ، طلب من الرفيق صاحب البيت تزويده ببعض القصص فجلب له قصة ( نهاية رجل شجاع ) للكاتب التقدمي السوري ( حنا مينا ) ، قضى مع تلك الاسرة الكريمة ما يقارب الاسبوع كان خلاله قد حصل مزيد من التعارف بينه وبين الاسرة وذلك من خلال ابنتهم المتزوجة من صديقه الرفيق جمعة وقد استضافه عندما زار دمشق سابقا ، وكان بقاؤه بقرار من الحزب لأن الطريق من القامشلي الى دمشق تستغرق اكثر من عشر ساعات بواسطة السيارة، وقد قطعت له تذكرة سفر في الطائرة التي تأخذ رحلتها ساعة واحدة من الزمن، غير انها تذهب مرة واحدة في الاسبوع ، وقد غادرت في نفس يوم وصوله الى القامشلي ، وفي يوم السفر التقى بالرفيق ( كريم احمد ) عضو المكب السياسي للحزب الذي وصل بالطائرة فهناه على سلامة الوصل وكان لقاءا رفاقيا حميما ، وطلب منه الرفيق ابو سليم ايصال بعض الامور الحزبية الى الرفاق في دمشق ، كما اعطاه عنوانا في دمشق للوصول الى الرفاق .
وصلت الطائرة الى مطار دمشق ظهرا وما زال لدى حميد هاجس التدقيق بالهويات ، فكان لايمتلك اي عذر يقدمه في المطار اذاما سئل عن جواز او اي شيئ من هذا القبيل ، وكان يتوقع في اي لحظة في المطار سيوقفونه ويطلبون منه ابراز اية وثيقة مرور ، ولكنه سار مع الاخرين حتى ان خرج من المطار ولم يسأله احد لان السفرة كانت داخلية ، استقل من خارج المطار باصا متوجهة الى دمشق وبعد اكثر من نصف ساعة وصلت الى وسط المدينة، ذهب مباشرة الى اقرب المطاعم ليأخذ وجبة طعام قبل التوجه الى العنوان المقصود ، بعدها قصد العنوان فوجد المكان مغلقا سأل عن سبب الاغلاق قالوا له سيفتح مساءا ، فما كان امامه الا ان يقضي وقتا مع صديقه ( جمعة ) ذهب اليه فوجده استقبله الرفيق وفرح به ، ظل هناك حتى المساء وثم عاد الى العنوان فوجد الرفيق عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري ، قدم نفسه حسب توصية الرفيق كريم احمد ،استقبله الرفيق واعطاه موعدا بعد ان اخذ منه اسمه الحركي المعروف به من قبل الرفاق في الحزب السيوعي العراقي ، في الموعد المحدد جاءه رفيقه جميل الياس ( ابو نغم ) سلمه ما ارسله معه الرفيق ابوسليم ، اهتم به الرفيق ابو نغم ايما اهتمام وزوده ببعض النقود السورية كما أمن له مكانا مناسبا للسكن ، بقى في دمشق ما يقارب اسبوعا .

يتبع

¤ الحلقة الثانية عشر

¤ الحلقة الحادية عشر

¤ الحلقة العاشرة

¤ الحلقة التاسعة

¤ الحلقة الثامنة

¤ الحلقة السابعة

¤ الحلقة السادسة

¤ الحلقة الخامسة

¤ الحلقة الرابعة

¤ الحلقة الثالثة

¤ الحلقة الثانية

¤ الحلقة الأولى