نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

فنون

 

 

 

الأثنين 22/1/ 2007

 

 

المكان: مسرح مونتي في مدينة انتفيربين البلجيكية
المسرحية : الراقص / او مدينة السلام /السلاح
الكاتب : صلاح حسن
المخرج : حازم كمال الدين
الممثلون : ازل يحيى /مخلد الجميلي /باسم الطيب
الدراماتورج : علي كاظم

نعمة السوداني /هولندا

بدأ العرض المسرحي بصمت مطبق لمدة عشرة دقائق و فيه قصدية واضحة للمخرج واشارة للمتفرجين بأن علينا ان نتعلم الصمت اولا ثم نبدأ الحركة...
اعتبر انطوان ارتو جسد الممثل هو عماد العمل المسرحي وان لياقة الممثل الجسدية هي التي تؤثر على احاسيس المتفرج وتخلق له حالة من النشوة,من ذلك انطلق المخرج حازم كمال الدين من نص الكاتب صلاح حسن متوجها لوعي الجمهور ثم لمناقشة وعيه (الآني) لتلك اللحظات التي يلعب فيها جسد الممثل لعبته تاركا حالة اللاوعي له, وهو بذلك يقود النص بشكل نرى فيه قد تحولت الكلمات/النص/الحوار/ الى مايشبه تمتمه غيرمفهومه حتى كاد ان يكون حوارا مشفرا ربما يصعب فك تلك الشفرات للبعض.
عمل المخرج حازم كمال الدين على التقليل من اهمية الكلمة وقام بتكثيفها واعتبرها رمزا او فكرة وليجعل من نص صلاح حسن نقطة الانطلاق.تحول النص المكتوب الى حركة وهذا مااراده المخرج والكاتب .
اعتمد المخرج تفكيك النص ثم اعاد بنائه من جديد ليطلق فيه باعث الحركة لمجرى الاحداث التي تتصاعد شيئا فشيئا وهنا ايضا لايقلل من اهمية الكلمة بالمسرح لكونها تتحول الى فكرة او رمزا وهذا ايضا يرضي الكاتب من جانب اخر,ولانهما يريدان الانطلاق من النص متوجهيين لوعي الجمهورومناقشته على اعتبار ان العمل المسرحي هو ممارسة اجتماعية لها علاقة بحاجات الانسان الفطرية (اللعب) وان هذا شيئا يكون غير عادي .
لقد عمل المخرج وبقصد ان يكون نص (الراقص) مجموعة حركات جميلة ومذهلة مليئة بالنشوة ,والتي هي بالاساس الهدف المهم للمخرج حينما يدخلها في المتفرج لكي يجعل منه متوترا على طول فترة العرض المسرحي حتى لايستند على شئ واعتقد بهذه النقطة قد توفق تماما..
عالج المخرج حازم كمال الدين النص على مااعتقد وباتفاق مع الكاتب صلاح حسن بالمنظور المسرحي (بناءا مسرحيا) من خلال ادواته المميزة فمن نص مكتوب سماعي الى افعال ثم الى صورة ثم للمشاهدة معتمدا على الممثلين / والحوار / والمكان / والعرض المسرحي ...
اعتبر جسد الممثل هو الاساس بالعمل الذي يقدم للمتفرج بسبب تلك اللياقة العاليه التي يتمتع فيها الممثل وكيف له التاثير والسطوة على المتلقي في خلق حالات من التوتر في نفس المتلقي.كان واضحا ان هناك اهتماما في التكنيك العالي للغة الجسد للممثلين مما اضاف نكهة وحلاوة للعمل,كأن الممثل راقص باليه متساميا بشغله لأعلى حالات التسامي بجسده وانه يمتد حركته هذه من طاقته الداخلية اللامرئية من هذا كله حاول المخرج ان يجعل الجسد منتج للدلالات والاشارات التي شكلت نسقا رائعا جعلت من المتفرج ان يقراء الافعال والحركات كمنظومة لغوية تظهر الانفعالات الداخلية بالرغم من صعوبتها على المتلقي الاوربي.
ان لغة الجسد تعني للمخرج ان يحد تماما من التدفق الخطابي للنص المكتوب واللجوء الى التعبير والايماءة على اساس ان الممثل ليس فقط لسان بل هو جسد ايضا وهناك هامشا واسعا وكبير لم يستخدم فخلق استجابة مسرحية بين طرفين هما الممثل والمتفرج قد تجسدت من خلال لقاء الممثل بالمتفرج وجها لوجه مما اضافت معطيات جديدة من افعال تشاهد هنا وهناك في العرض المسرحي والذي اعتمد فيه المخرج اكياس نايلون كبيرة جعلها اشبه ببيوت واسكن فيها ممثليه لمدة عشرة دقائق مهلكة تماما وهي تعني له طقوسا خاصه به حدث هذا بين ووسط الجمهور الذي امتلكه الملل والضجر والخوف مع قليل من الاضاءة داخل الفضاء علما لم تكن هناك خشبة !!!
ان انعكاس هذا التشكيل الحركي ( الميزانسين ) كتعبير عن موقف المخرج لتوزيع الكتل وتحريكها جاء من قصدية لكل حركة من خلال الخطة المرسومة للمشهد وللممثلين نابعة من تجسيد لافكاره وافكار الكاتب صلاح حسن في الوقت نفسه وبشكل مرسوم فقد تحولت الافتراضات النصيه الى رموز تعبير وواقع فعلي.
حازم كمال الدين صنع جوا مسرحيا يعتمد الصمت من ناحية والحركة والضوضاء من ناحية اخرى وظفها بالشكل التالي صمت / ضوضاء /صراخ / رقص / صراعات /
تساؤلات / تضحيات / مثبتا بذلك علاقة الممثل الانسان بالانسان المتفرج وهي محاولة لتوكيد الجو من خلال تحليل العناصر التي يكّون منها ايقاع النص /ايقاع الممثلين /ايقاع المتفرجين مهتما في حالاتهم النفسيه وايضا ايقاع الاشياء كان هناك ارتباط البعض بالبعض بشطل متقن ولم يخلو من مشاكسة للمتفرج كما هو الصمت هناك التمرد على الحياة وبحوار مكثف ومقتضب وبالجانب الاخر عبر عن تلك الانهيارات للانسان وانهيارات الجلاد عندما يقول : كش ملك كش مات .
ان العمل يحمل في طياته الصور البصرية الجديدة وقوة التحمل للجمهور كتجربة حديثة فيها الصبر والتاني وفهم خاص للصمت الذي لم نتعود عليه نحن الشرقيين, فكانت هناك اوامر يبثها النص اي الكاتب من خلال رؤيا المخرج مجسدة في الممثلين فتبدو هذه الاوامر واضحة منطلقة من الضحك ثم الضحك ثم الانتقال للحزن والقسوة .
ان شفرات النص جسدت من بين ثنايا الحركة المتصاعدة للعمل بشكل جيد وموفق, اخيرا بذل العاملون جهدا كبيرا يستحق الثناء جهدا اسثنائيا وبالذات الممثلون قلما يتحمله اخرون من عنف وقسوة وقدسية للعمل ..
لقد ذاب الممثلون بسحرهم الذي قدموه باجسادهم الرائعة ....
شكرا لكاتب النص
شكرا للمخرج الذي اعتمد النص البصري وتناوله حسب رؤياه هذا هو التجلي للوظيفة الفنية...شكرا للمثلين ومن معهم...

كانون الثاني /2007