|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  8  / 3 / 2017                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

النصيرات تحديات الواقع الاجتماعي والتقاليد المتخلفة

منال المالح
(موقع الناس)

كنت احدى النصيرات في الوجبة الثانية من النصيرات اللواتي وصلن الى كلي كوماتة في عام 1980 . الوجبة الاولى كانت من ثلاثة نصيرات . فاصبحنا عشر نصيرات في فصيل خاص بنا. عشر نساء نختلف في الطول والعرض في الشكل والمزاج ولكننا كنا جميعا نتفق على ان نناضل جنبا الى جنب مع رفاقنا الانصار لعلنا نضعف النظام الدكتاتوري ونساهم باسقاطه. كنا نأمل ان يسقط ذلك النظام قريبا لنعود الى بيوتنا في بغداد او المحافظات الاخرى. نعود منتصرين ونساهم في بناء الوطن الحر الديمقراطي.

في خلال السنوات التالية قدِمَت العديد من الرفيقات الى كل مناطق كردستان وعملن في المواقع المختلفة . قدِمن من جهات مختلفة من الداخل او من دول المهجر. كان هذا اختيارهن والذي حدد دور المرأة النصيرة في الوجود العسكري للحزب. الاختيار المميزهوعدا عن كون الواحدة منهن عضوة في الحزب الشيوعي العراقي فانها ايضا امرأة. وكيف تستطيع النساء المشاركة في حركة مسلحة؟ كان هذا هو التحدي الذي واجههن منذ اليوم الاول في العبور الى الاراضي التركية ومن ثم عبور الخابور الى الارض العراقية والى مقرات الحزب.

التحدي الاول كان بين رفاقنا الانصار ،اذ منهم من يعبر عن تقديره واحترامه للاختيار ومنهم من يستهزئ وينتظر الفرص لاثبات عدم صلاحية المرأة للدور العسكري. وكان هناك ايضا من يحاول "حماية" النصيرات اكثر من اللازم بعزلهن عن المهام العسكرية حتى لو كانت بسيطة.

النصيرات كن يختلفن بعضهن عن البعض. منهن من عبّرت عن رغبتها وأثبتت قدرتها في المساهمة النشيطة بالمهام اليومية من ادارة وحراسات وحتى في المهمات التي استوجبت بنية عضلية قوية مثل البناء وتحضير الحطب. واغلب النصيرات طالبن بالتوجه الى المفارز والمساهمة بالعمليات العسكرية، وفعلا ساهمت العديدات في المفارز القتالية وفي العمليات العسكرية.

ذات التحدي وعلى مستوى آخر واجهته النصيرات امام اهالي القرى حيث كانت هنا ايضا مواقف مختلفة من التقدير والاحترام الى التشكيك والاستنكار وربما الاعتراض والاستهجان. أما نساء القرى الكردستانية بشكل خاص فكن يعبّرن عن إبتهاجهن في استقبال النصيرات و المفارز الشيوعية.

اذا اردنا الكلام عن تجربة النصيرات فلن نقول سوى انها كانت تجربة تحدي للواقع الاجتماعي وخرقا للتقاليد الرجعية التي تحد من مساهمة المرأة الكاملة في المجتمع وفي كل اشكال النضال من ضمنها العمل العسكري وما تجربة المقاتلات الكرديات في كوباني وسنجار إلا دليل على ضرورة ذلك ونجاحها.

النصيرة كانت الادارية، الطباخة، البناءة، الخبازة، الحارسة الليلية ، النصيرة المقاتلة في المفارز، النصيرة المستشارة السياسية، النصيرة الداعية بين نساء القرى ورجالها ، النصيرة الطبيبة والممرضة والنصيرة الاعلامية والفنية في اللاسلكي.
كما كانت العديد من النصيرات يتواجدن في كردستان كمحطة تواصل مع العمل التنظيمي في الداخل.

كل واحدة منهن ورغم اختلاف نوع ومستوى المشاركة كانت تعرض نفسها وربما في بعض الحالات اطفالها للموت. وفعلا استشهدت العديد من النصيرات وفقدناهن نساء مناضلات.

خلال سنوات طويلة من اجمل سنوات الشباب بعيدا عن المدنية وفي ظروف قاسية ليس عسكريا فقط وانما اجتماعيا وشخصيا ايضا أثبتت النصيرات وجودهن على قدم المساواة مع الانصار. ولم يبخلن بطاقاتهن من اجل النضال ضد الدكتاتورية.

في الثامن من آذار، اليوم العالمي للنضال من اجل حق المرأة في المساواة تحية لكل النساء، لكل المناضلات والناشطات النسويات، لكل النصيرات ووقفة اجلال للنصيرات الشهيدات.




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter