|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  8  / 6 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 


 

خاطرة امرأة إنسانة

دعد دريد ثابت

عندما يعتبر ويؤمن الرجل الشرقي في قرارة نفسه - وليس كلاماً فقط - كل إمرأة غريبة، وبإختلاف عقيدتها وملبسها وتفكيرها وحتى إن كانت مومسا، فالمجتمع الذكوري البغيض هو الذي يدفع القسم منهن، لإمتهان هذه المهنة والتي هي من أقدم المهن وقدمها بقدم الإضطهاد الذكوري.

أعود وأقول لو يعتبر الرجل الشرقي كل هذه النسوة مساويات له في الإنسانية والحقوق والإحترام المفروض، كما يقدس ويحترم والدته وإبنته وأخته، ولا أستطيع قول زوجته. فالكثير منهم لا يقدس أو يحترم هذه المسكينة، وإنما هي أداة للمتعة والتفريغ والتفريخ والطبخ والتنظيف لسي السيد.

عندها  سنكون مجتمعات متعادلة الكفتين، لا ظالم ولا مظلوم ولا رجل يدّعي الثقافة ويطنب في خطابته أمام الجمع، وهو في البيت ديكتاتور مصغر عن رئيس بلاده، لا امرأة مهانة حتى في حقوقها بإسم الدين والخرافات والشعوذات التي وضعها الرجال.

هل تعرفون لماذا ؟

لخوفه من هذه الإنسانة الرقيقة. فالمعروف فقط الحيوان، والإنسان هو حيوان ناطق، يهاجم في حالة الدفاع والخوف. فيا معشر الرجال، اطمأنوا لن نقضي عليكم ونفترسكم، فأنتم نصفنا الثاني ونحن بحاجة لكم كما أنتم بحاجة لنا، ولكننا في أمس الحاجة لرجال بعقول غير مشوهة ومريضة ومزدوجة التفكير.

دولنا وما أصابها من خراب ودمار وتفكك وتحلل أخلاقي وإنساني، تعود نتيجته  لعدم إحقاق العدل في المجتمع ما بين امرأة ورجل، صغير وكبير، فقير وغني. أي إن الإختلال الفظيع الذي وصلت له بلدان الشرق في كفتي الميزان، هو الذي أدى الى هذا التدهور والدمار والحروب. وكما يُفرض على المرأة لظروفها التعيسة ممارسة العهر، فرضتم على بلدانكم أن تتعهر، وأنتم لاهون تقذعونها بأبشع وأقبح الشتائم، لكنكم تزورونها في عتمة الليل وتدفعون ثمن بغيكم، لتعودوا الى فراش الزوجة وتنقلوا لها فيروس إزدواجيتكم. نسيتم وتناسيتم إنها قد تكون فتاة بريئة كما أختكم وإبنتكم. دعستم على بلادنا ، لوّثتم عفتها وطهارتها، بالرغم من إنها تأويكم وتطعمكم وتحتضنكم، كما تفعل كل امرأة لقريب وغريب، بالرغم من جحودكم وعدم إحترامكم لهذا الكائن الذي تعتبرونه ضعيفاً، وأنا أعتبره قويا، فلولا قوته لما صمد كل هذه القرون بوجه دياناتكم وتقاليدكم الذكورية، والتي هي فقط لخدمتكم.

المرأة إن مُنحت حريتها في القرار والتفكير والحياة، ستُبدع أيما إبداع وسينهض المجتمع من كبوته، ستربي أبناءها التربية الصحيحة، التي لا فرق بين فتاة وصبي، وليست التربية التي تفرض على الفتاة حين ولادتها إن عليها أن تتزوج وكل شئ ما عداه أو فقط بقدر ما يخدم أهلها ومن ثم بعلها. أن تحلق بعالم الإبداع والتطور كفراشة في سماء الحرية، أن تعرف ما تريد هي وليس ما يريده لها المجتمع. أن تركب الدراجة ، أن تصبح رائدة فضاء، أن ترقص الباليه، أن تكون عالمة فيزياء، وإن لم تتزوج، فليست هي عانس، وإن تتطلق فليست هي مصابة بالجذام، أن يُصرف لها راتبٌ وإن كانت ربة بيت، فهي تخدم وتربي النهار بليله. هذه هي شروط المجتمع السوي، مجتمع خالٍ من العهر الأخلاقي وإزداوجية الشخصية.

فيا أخي في الإنسانية، إعدل وإنصف لتُعدل وتُنصف !

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter