|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  4  / 12 / 2014                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

الدور التركي تجاه القضية الكردية

سلمان بارودو

إن المسؤولين الأتراك والأحزاب التركية التي توالت على الحكم في تركيا جميعها أبدت مخاوفها من التطورات التي تجري على الساحة والمناطق الكردية إن كان في كردستان الشمالية أو روج آفا، ولقد أغدقت الحكومة التركية الكثير من الوعود بخصوص عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني ومع زعيمه عبدالله أوجلان المعتقل في سجن إمرالي، ولكنها لم تترجم في خطة عملية وتطبيقية، حيث كانت تركيا دائماً تضع في حساباتها أن ظهور أي كيان كردي سوف يكون سبباً للحرب، أي أن تركيا ومنذ زمن بعيد مصابة برهاب اسمه فوبيا الكردية، لذلك كان تعاملها مع الفدرالية التي أقرت في كردستان العراق محل امتعاض ورفض .

وهكذا كان تعاملها مع حزب العمال الكردستاني على أنه تنظيم إرهابي انفصالي لا يمكن التعاطي معه إلا بالقمع والعنف، متجاهلة أنه يمثل أكبر شريحة في كردستان الشمالية، وهذا ما أثبتته نتائج الانتخابات البلدية والنيابية التي جرت في المناطق الكردية، والآن تركيا تدفع ثمن الفوبيا الكردية نتيجة عدم مشاركتها في التحالف الدولي ضد الارهاب وتقديمها تسهيلات لتنظيم داعش الارهابي التكفيري، ومراهنتها على سقوط كوباني، لأن أهداف تركيا الاستراتيجية تتقاطع مع أهداف داعش في المناطق الكردية والمنطقة، وهذا ما أكده الكثير من المسؤولين الامريكيين لتركيا بخصوص مساعدتها لتنظيم داعش الإرهابي، لكن تركيا هاجسها وتخوفها الوحيد من نشوء كيان كردي في شمال سوريا بعدما سيطر مقاتلو حزب الاتحاد الديمقراطي في جميع المناطق الكردية، مما أدى إلى إعلان تركيا وإلحاحها بالتدخل العسكري في سوريا، ليس من أجل سواد عيون السوريين بل من أجل منع نشوء أي واقع أو كيان كردي في سوريا، وإذا شاركت تركيا في الحرب على داعش ضمن التحالف الدولي فهذا يعني انها تخوض الحرب جنباً إلى جنب مع حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، وهذا في منتهى الخطورة بالنسبة للقوميين الاتراك، يجب على تركيا أن تعيد النظر في سياستها التي تتجه نحو العزلة والعداء لأي تطور في الوضع الكردي، جميعنا نتذكر ما أدلى به رئيس الحكومة التركية داوود أوغلو لـ بي بي سي البريطانية عندما قال هناك ثلاثة أعداء لتركيا هم تنظيم داعش والنظام السوري وحزب العمال الكردستاني، وأيضاً سبقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما اعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي بأنه ارهابي مثله مثل حزب العمال الكردستاني، وقد تحدى الرئيس الأميركي باراك أوباما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومته أحمد داود أوغلو عندما أعلن أنه يجب دعم المدافعين الأكراد عن كوباني بالسلاح وإنهم ليسوا إرهابيين هذا ما قاله باراك اوباما بعد يوم واحد من وصف رجب طيب أردوغان للحزب الاتحاد الديمقراطي بالإرهابيين، بل ذهب باراك اوباما أكثر من ذلك عندما أمر بفتح ممر لنجدة كوباني بالمقاتلين من البيشمركة تحديداً، وبهذا أكد أوباما انه لا يمكن لتركيا أن تعترض لقرارات الإدارة الامريكية وهذه ضربة للطروحات التركية بخصوص المسألة الكردية، كما أن القوة التي سوف تعتمدها أمريكا مستقبلاً في الحرب ضد داعش هي القوات الكردية تحديداً،لأن هذه القوات أثبتت بأنها القوة الوحيدة التي استطاعت أن تهزم أكبر قوة إرهابية على وجه الأرض.

غير أن الحكومة التركية وجدت نفسها في وضع غاية الارتباك والحرج سواء في تعاملها مع ملف كوباني او علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكان مشهد القوات الكردية أي البيشمركة التي عبرت الأراضي التركية لتساعد أعداء تركيا ، مشهداً سوريالياً بكل المعايير، غير أن نتائج هذه الساسة العنصرية والشوفينية تجاه الكرد انقلبت وبالاً على تركيا فعجزت عن تحقيق أهدافها العدوانية تجاه شعبنا الكردي المسالم.

ولا شك أن مسار العلاقة بين تركيا والكرد ترك حفراً عميقاً في الجسد الكردي ليس من السهل إزالتها وخاصة بسبب أحداث كوباني، وما الشروط التي طرحها المسؤولون الاتراك على الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم التخلي عن فكرة الإدارة الذاتية للمناطق الكردية في سوريا ، وبالطبع رفض مسلم الشرط التركي ، الا محاولة اخرى ضد الجسد الكردي .

غير أن الرياح لم تجر كما تشتهي سفينة الحكومة التركية، ومن الصعب توقع ما سيؤول إليه مسار المرحلة والتطورات الجارية في المنطقة، لكن أي تطور يحصل مستقبلاً سواء كان عسكرياً أو غيره سوف لن يخسر الكرد شيئاً لأن جعبتهم بالأساس خالية الوفاض، إنما هي عبارة عن بعض الضحايا الإضافيين وهذا لن يؤثر في واقعهم العدمي.

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter