|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  2  / 3 / 2018                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

مفهوم الشرعية

عمران عباس كاظم
(موقع الناس)

أدت الثورة المصرية الثانية في 30 / 6 /2013 الى بروز مفهوم (الشرعية) على سطح الأحداث وتم رفع شعارات من قبل مؤيدي الرئيس المصري المعزول د. محمد مرسي العياط بأسم الدفاع عن شرعية الرئيس , فيما رفع معارضوا الأخوان المسلمين وعموم الشعب المصري شعار الدفاع عن شرعية الثورة . فما هو مفهوم الشرعية الذي بات يتمسك به أطراف متعارضة ؟

يرى الباحثون في علم السياسة والقانون الدستوري أن الشرعية والمشروعية يدخلان في علم السياسة بقدر تعلق الأمر بتعيين السلطة التشريعية .

ويرى الفرنسي (اندريه هوريو) أن المفهوم السياسي للشرعية هو أن تستمد السلطة وجودها من رضا المحكومين , ويذهب الباحث العراقي (اسماعيل مرزة) في هذا المعنى الى أن شرعية السلطة تستمد من رضا الشعب .

وفي مجال القانون يقصد بالشرعية الألتزام والتقيد بأحكام القانون .

وفي لسان العرب لأبن منظور (الجزء 8 ص 175) ورد أن الشرعية لغة تعني السنة والشريعة , والشرعة ماسن الله من الدين , والشرعي هو ما يطابق الشرع.

أما أصطلاحاَ فتعني خضوع التصرف أن كان خاصاَ أو عاماَ لقاعدة القانون أو بالأحرى هو الخضوع للقانون .

أن مفهوم الشرعية هو مقابل البيعة في التراث الأسلامي كما أشار اليه أبن خلدون , وأغلب الفرق الاسلامية ترى أن البيعة ليست أزلية وأنما هي من باب الأمانة أودعها العامة لدى أهل الحكم وبالتالي على أهل الحكم أداء الأمانات الى أهلها والحكم بالعدل ,فالمعتزلة مثلا بأستنادهم الى أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأعتباره أكثر أصول المعتزلة أختصاصا بالجانب السياسي في فكرهم العام ونظريتهم السياسية أستدلوا على جواز الخروج على الحاكم , بل والخروج المسلح بقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان)
المائدة / 52 وقوله (وقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله) الحجرات / 9 وقوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين) البقرة / 124 , ومع المعتزلة في قولهم هذا وقف الخوارج والزيدية وطوائف أخرى من أهل السنة حيث أجمع الخوارج على وجوب الخروج (الثورة) على أئمة الجور والضعف , وحتى بالنسبة للسلفية , وبالرغم من موقفهم المعادي للثورة فأن أعلامها في العصر الوسيط قد قرروا أن جماع السياسة أمران لابد للولاة من أدائهما وهما أداء الأمانات الى أهلها والحكم بالعدل بأعتبارهما (جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة) وقرروا أن ولاة الأمور ليسوا ملاكاَ لمافي أيديهم من أموال الأمة , بل هم نواب ووكلاء فليس لهم أن يتصرفوا فيها تصرف المالكين , ومثل هذا يرى الفيلسوف الفرنسي (جان جاك روسو) في كتابه (العقد الأجتماعي) حيث يرى أن نواب الشعب ليسوا الا وكلاء للشعب وهم لا يستطيعون أن يقرروا أي شيء نهائياَ فأي قانون لم يصادق عليه الشعب بشخصه باطل ولا يعتبر قانوناَ على الأطلاق , كما أن المادة الخامسة من الدستور المصري نصت على أن السيادة للشعب يمارسها ويحميها ومثل ذلك قال الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي بعد توليه مقاليد الحكم (أنتم الشرعية ... أنتم من تمنحوها وأنتم من تنزعوها) (لكنه طبعاَ بعد أن أستتب الأمر له أصبح يعتبر الشرعية هي ما يقرره هو).

وخلاصة الأمر أنه بعد أن كانت الشرعية تستمد من صناديق الأقتراع فقط أصبحت الآن ، بعد تطور الحياة وبالتالي تطور المفاهيم , أصبحت تلك الشرعية تستمد من الشعب حتى بعد الأنتخابات وهو ما يمكن تسميته ب (شرعية الأنجاز) بأعتبار أن تولي الحكم هو عقد بين المواطن والحاكم يتنازل به المواطن للحاكم عن جزء من حريته الطبيعية مقابل تنفيذ الحاكم ألتزامات للمواطن فأن أخل الحاكم بالعقد ولم يوف بألتزاماته أعتبر العقد باطلاَ واصبح من حق المواطن بل من واجبه أزالة الحاكم .

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter