|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  28  / 10 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

كردستان العراق، توتر وأزمة جديدة خطيرة

فرّخ نعمت پور *
كردستان ايران

بعد انتهاء الفترة القانونية لرئاسة مسعود البارزاني على اقليم كردستان في آب الماضي، وبعد أن ترأس دورتين من أربع سنوات وتمديد لمدة سنتين أضافيتين، وبعد أن رفضت الأحزاب الكردية في البرلمان على تمديد آخر لولايته لمدة أربع سنوات، دخل اقليم كردستان العراق في مرحلة أخرى من الأزمة إضافة إلى حربه ضد داعش والأزمة الاقتصادية التي تعصف بالاقليم. وفي الفترة التي سبقت وتلت انتهاء المدة القانونية، جرت محاولات كثيرة للخروج من الأزمة، وخاصة من جانب اربعة أحزاب تعارض تمديد رئاسة البارزاني دون الوصول للأسف إلى أي حل جراء الشروط التي وضعت لتجاوز الأزمة.

وتبعاً لهذه التطورات، تدهورت الأوضاع في الاقليم بعد تعمق الأزمة المالية، وخاصة بعد أن امتنعت بغداد عن دفع حصة الاقليم من الميزانية الاتحادية وتعويق دفع أجور الموظفين والعاملين مما دفع هؤلاء إلى القيام بحملة احتجاجات واعتصامات خاصة من قبل المعلمين، بحيث بلغ الأمر إلى وقوع ضحايا بين قتيل وجريح في مدينة قلعة ديزه اثر اطلاق الرصاص من قبل قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني. ووجه الحزب الديمقراطي الكردستاني أصابع الاتهام صوب الأحزاب المعارضة، وخاصة حركة ڱوران (التغيير) بذريعة مسؤوليتها عن اثارة الجماهير. وقام الحزب الديمقراطي الكردستاني بإغلاق مكاتب هذه الحركة في المناطق الواقعة تحت سيطرته ومنع وصول رئيس البرلمان (من التغيير) إلى مقر عمله في البرلمان بأربيل . إن هذه الخطوة تشكل عملياً وضع نهاية لعمل البرلمان والحكومة في الاقليم والذي كان متعثراً حتى قبل الأحداث بسبب امتناع نواب ووزراء هذه الحركة عن الحضور إلى مقر عملهم. إن الإقليم يعيش حالياً في ظروف أشبه بانعدام الحكومة، فلا توجد سلطة مركزية اقليمية، وفي ظل ظروف يقوم الحزب الديمقراطي الكردستاني بإدارة الأمور في المناطق الواقعة تحت سيطرته، في حين تسيطر الأحزاب الأخرى على المناطق الواقعة تحت سيطرتها. علماُ أن الاتحاد الوطني الكردستاني يحافظ على مقراته في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني. لقد أصبح الإقليم من الناحية العملية منقسماً إلى منطقتين تحت نفوذ القوى المتصارعة.

لقد اشترطت حركة التغيير وثلاثة أحزاب مؤتلفه معها على تحديد صلاحيات الرئيس البارزاني في حالة تمديد رئاسته، وهو شرط قد رفض من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني في حين أنه لم يقدم أية حلول أو آراء أخرى للخروج من الأزمة سوى تمديد ولاية البارزاني، بدعوى أن الظروف التي تمر بكردستان والحرب الشاملة ضد داعش غير مناسبة للتغيير.

إن حركة التغيير وأحزاب ثلاثة أخرى ترى أن السبب الأصلي للأزمة المالية في الاقليم يتحملها الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويعود السبب إلى أن الحزب اختار في علاقته تركيا بدلاً من بغداد، مما شاب العلاقة ببغداد التوتر والمواجهة الجدية. وإن امتناع بغداد عن ارسال ميزانية 17% إلى الاقليم جعله يواجه مشاكل جدية. هذا في الوقت الذي يسيطر فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل كامل على منابع النفط والمال في الاقليم، ولا يمارس الشفافية اللازمة في موضوع عوائد النفط. فعلى الرغم من حصوله على مبالغ كبيرة من بيع كميات كبيرة من النفط، إلاّ أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يدفع رواتب الموظفين وأجور العاملين في الاقليم. ويعتقد الحزب أن سلاح النفط والمال هما وسيلة لإركاع منافسيه، إلى حد أصبح الاقليم ودور البرلمان بدون هوية.

ولهذا السبب يصر الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل متعمد على بقاء ولاية البارزاني أو الرجوع إلى خيار الرأي العام في انتخاب الرئيس دون الرجوع إلى البرلمان. ويعتقد الكثير من المراقبين أن الأزمة الأخيرة هي نتيجة الاختلاف بين ستراتيجيتين للأحزاب والتيارات السياسية في الاقليم. فمن جهة هناك ميل للتوجه صوب تركيا ويمثل هذا التيار بشكل أساسي الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى جانب تيار يميل صوب بغداد ويمثله حركة التغيير وثلاثة أحزاب أخرى. ويعتقد هؤلاء المراقبون أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قلقاً من فقدان نفوذه وسلطته في ميدان النفط والمال، ويسعى عن هذا الطريق بقاء البارزاني من جديد في منصبه والتخلي عن النظام البرلماني كي يحقق الاحتفاظ بسلطته باعتباره القوة الأولى في الاقليم.

وفي الواقع فإن الاقليم يدخل في مرحلة خطيرة من التوتر والأزمة، مما يتطلب من الأحزاب التحلي بالمسؤولية والسير على طريق التوصل إلى حل جدي للخروج من هذا المأزق.



موقع جهان امروز ، 24 تشرين الأول 2015
 

* ولد فرخ نعمت بور في مدينة بانه الحدودية في كردستان ايران عام 1965. وظل يعيش في المدينة حتى بلوغه سن السابعة والعشرين ربيعاً. وقد أصدر مجموعة من القصص القصيرة وأربعة روايات باللغة الكردية. وقام الكاتب بترجمة عدد من القصص الإيرانية والأجنبية إلى اللغة الكردية، إضافة إلى كتابة مجموعة من المقالات باللغة الكرية حول فن كتابة القصة ومقالات نقدية في المجلات الأدبية.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter