|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  28  / 12 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

فاتحة حزبية

علي فاهم
(موقع الناس)

حضرت قبل فترة مجلس فاتحة لوفاة والد أحد الاصدقاء القدامى الذي أنتمى لأحد التيارات الدينية وفي ختام المجلس أرتقى المنبر أحد الخطباء المنتمين لهذه الجهة فكانت الخطبة عبارة عن تمجيد بالجهة السياسية الممثلة لهم وكأننا نعيش في خيرهم الوارف فجعل لنا الهور مرك والزور خواشيك ونزّه ممثليهم حتى جعلهم بمصاف الانبياء وفي نهاية المطاف طلب من الجالسين أن يقرأوا سورة الفاتحة لفصيلهم العسكري بأسمهم دون باقي الفصائل المشاركة في قتال الدواعش ضمن فصائل الحشد الشعبي فشعرنا أننا في أجتماع حزبي رغم ان المتوفي لا علاقة له بهذه الجهة لا من قريب ولا من بعيد ، ولم يكن الامر مستغرباً أبداً فالتحزب هو السمة البارزة التي أصطبغت بها حياتنا اليوم فأن لم يجد حزباً أو مرجعاً أو صنماً أو تياراً يفترق عليه سيجد فريقاً لكرة القدم أو حتى ديكاً يتحارب عليه حيث أستشرى مرض التحزب في كل مفاصل وزوايا ومطويات هذا الشعب فالعراقيين الذين كان محظوراً عليهم الانتماء لأي حزب عدا حزب البعث الحاكم سواءاً بأختيارهم أم رغماً عن أنوفهم الكبيرة (فكلهم بعثيون وان لم ينتموا) كما رأهم صدام أو كلهم بعثيون وان كانوا معارضين وناقمين ما داموا لم يتركوا العراق ويرحلوا عنه كما يراهم ساسة المعارضة الحاكمين اليوم فنحن بعثيون بين (حكمين) وان كنا تلقينا سياط البعث على ظهورنا من قبل ، وحمل الفاسدين على ظهورنا من بعد ، و اليوم نعيش التحزب والتفرق والاحتراب حد النخاع وأصبح الولاء للحزب والجهة والتيار والعنوان يطغي على اي ولاء أخر ، فشتان بين الهرب من الانتماء لحزب واحد والارتماء في أحضان عشرات الاحزاب والتوجهات والتيارات والاسماء والتجذر في الانتماء حد التعصب والقتال من اجل العنوان والذوبان في حب قائدها الضرورة وتكفير ونصب العداء لكل من لا يرى أن الانتماء لهذه الجهة هو أفضل شيء في الحياة شعارهم أن لم تكن معي فأنت ضدي , حتى لو كان الفرقاء من عائلة واحدة , والارض الخصبة لأنتشار هذا المرض هو الجهل وقلة الوعي وان سقي بماء العاطفة ستنمو أعشاب التعصب وتتجذر بقوة ومن اهم اعراضه هو الحول والعور عن رؤية الخير فيما عدا هذه الجهة والعمى عن رؤية اي شر أو فساد فيها فكلها خير مطلق وهنا مكمن الخطر عندما يتحول المعيار في تقييم الحق والباطل لا معرفتهما وانما هو الانتماء للرجال كما يصفها المنطق العلوي :

(أعرف الحق تعرف أهله .. لا يعرف الحق بالرجال وأنما يعرف الرجال بالحق) .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter