|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  22  / 6 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 


 

النزوح ليس جريمة

دعد دريد ثابت

لوغو المظاهرة التي خرجت أول أمس في برلين تضامناً مع اللاجئين في المانيا والذين يقدر عددهم ب 200 الف لاجئ موزعين بالمانيا كلها. وحسب أقوال الشرطة إن عدد المتظاهرين كان 10 آلاف متظاهر.

إن أوضاع اللاجئين بسبب سياسة المانيا هي أوضاع مزرية مقارنة بظروف المانيا المرفهة إقتصاديا وإجتماعياً. ليس في الوقت الراهن فقط، وإنما منذ وقت طويل وبالذات عندما بدأت أعداد اللاجئين بالتزايد بسبب الحروب والأوضاع الإقتصادية السيئة في الكثير من البلاد مثلاُ العراق ودول البلقان وأفريقيا والآن من سوريا. فتتأخر لسنين أحياناً إفاداتهم ومعاملات قبولهم كلاجئين ولا يُسمح لهم بالعمل أو الدراسة. عندها يضطر الكثير منهم للعيش بأموال المساعدات الضئيلة وبظروف سكن تعيسة وبأماكن نائية ومقطوعة. وهذا بدوره يؤدي الى إنعزالهم التام عن حركة المجتمع الطبيعية، بسبب تزمت سكان القرى بشكل عام وخوف هؤلاء السكان من تزايد أعداد الأجانب في قراهم بسبب الدعاية المشوهة الرسمية من الدولة بذكرها الدائم في وسائط الإعلام عن تزايد عدد الأجانب وبشكل غير رسمي من الأحزاب المحافظة والعنصرية والتي تشوه أفكار هؤلاء السكان لضحالة ثقافتهم وبساطتهم بتخويفهم من الأجانب، فيتكون لديهم كره وخوف في آن واحد تجاه هؤلاء المساكين الذين لا يستطيعون ترك محل سكناهم بسبب القوانين والتي تفرض عليهم البقاء حيث هم لحين البت بأمور لجوئهم. وهذا الإنعزال حتى عن أُناس يتكلمون لغتهم وعدم توفير الدولة لمترجمين يعوضون هذا النقص لحين تعلم هؤلاء الوافدين اللغة الألمانية، خلق ثغرة كبيرة أدت للإحباط التام، وبالذات تحطيم آمال معظمهم الذين يعتقدون، بعد أن خسروا كل ما يملكون من غال وعزيز، إنهم أخيراً سيكون بمستطاعهم بناء حياة جديدة لهم ولأبنائهم.

وإفتقار أو تأخر تقديم العناية النفسية المركزة للكثير منهم، بسبب ما مروا به من معاناة وآلام، من قتل وسجون وتعذيب وتهجير، سببت للكثير وخاصة الأطفال شروخاً نفسية مؤلمة. وحتى الكثير من حملة الشهادات والفنانين والأدباء وأصحاب الحرف كان بالإمكان، دمجهم بشكل أسرع بداخل المجتمع الألماني، لو تغييرت سياسة المانيا التي للأسف لا أستطيع الا القول إنها سياسة عنصرية رأسمالية بحتة. فهم لا يهمهم البتة ما يحصل بهذه الدول والشعوب التائهة الضائعة والتي بسبب تدخل أوربا وأمريكا ببيعهم الأسلحة ودعم الإرهاب بشكل غير مباشر أو لأقل غير علني السبب وراء كل هذا.

ففي خبر بسيط سمعته أول أمس، إن 700 مجاهدة كما سموهن، من حاملات الجنسية الألمانية سواء من أصول المانية أو لا، قد ذهبن للإلتحاق بأزواجهن من داعش في العراق وسوريا، أو للزواج بهم. وهذا كله يجري تحت سمع وأنظار المخابرات الألمانية وحكومتها. ولا يحركون ساكناً لمنعهم من السفر مثلاً، والتحقيق معهن، للإستفادة منهن للوصول الى معلومات أكثر. بعكس لو كان الأمر سيطول أمن المانيا. ولكن إن أمتد السرطان ووصلهم، فلن ينفع لا الإستئصال ولا العلاج الكيمياوي.

أمنيتي أن لا يقتصر الأمر على مظاهرة بسيطة برأيي ويُنسى الأمر أو يوضع بجدول ينتظر عقوداً قبل تحقيقه. وإنما أن تتحرك الحكومة الألمانية بسرعة وبدون بيوقراطية، كما تحركت بسرعة مذهلة وتم إلقاء القبض أول أمس في مطار برلين على أحمد منصور، بالرغم من إفتقار أجهزة الأمن لأمر إلقاء القبض عليه من الانتربول، هذا يعني إن إلقاء القبض عليه كان فقط وفق نظام الأمن الألماني، وهذا حسب القوانين القضائية أمر غير مشرع به لأن أحمد منصور ليس مواطناً المانياً وهذا يدعوني للتساؤل وفتح ملف جديد في تساؤلاتي اللامنتهية، الا وهو ما هو السر وراء كل هذه السرعة في أمر إلقاء القبض على أحمد منصور فجأة، ومجرمات ومجرمي داعش يحومون هنا كالذباب فوق القتيل؟ وحياة لاجئ لا تقيم ولا تعط إحتراما بل على العكس. وقبوله كلاجئ تستغرق شهورا على أحسن الأحوال إن لم أقل سنين. تساؤلات تفتح أبواباً لتساؤلات أكثر.

والى أن تنتهي هذه المآسي، وبالطبع هي لن تنتهي، أقول لا تنخدعوا بمظاهر الديمقراطية في أوربا وغيرها. فالزهرة إن وضعتها في مزهرية وطلبت من المتحلقين حولها برسمها، سيرسمها كل بطريقة مختلفة تماما، بالرغم من إنها نفس الزهرة !
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter