|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  20  / 8 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

العبادي .. إصلاحات أم تكريس للحزب الواحد؟

سامي سلطان

يقول المثل الشائع "اجا يكحلها عماها"، على ما يبدو أن رئيس الوزراء السيد العبادي هدفه تعزيز مواقع حزبه (حزب الدعوة)...! الذي فشل فشلا ذريعا، مع حلفائه من أحزاب الإسلام السياسي، في قيادة الدولة التي مُنحت لهم مجانا، بعد احتلال العراق عام 2003، رغم ما توفرت لديهم من إمكانيات موضوعية وذاتية، لإثبات مدى حسن نيتهم، خصوصا وانهم كانوا كحزب لم يشترك في مؤتمرات لندن واربيل التي اعدت الارضية للاحتلال، وهذه كلمة حق لابد من ان تقال، لكن جريان المال بايدي القادة المتنفذين جعلهم يتنكرون حتى لاقرب المقربين منهم، بما فيهم رفاقهم، مما ادى الى حالة من التشظي داخل صفوفهم، حيث تشكلت تيارات عديدة وجدت في توجه قيادتها ما يعيب من تصرفات وافعال حولت حزبهم الى مجموعة من المنتفعين، وقد أغرتهم السلطة معتقدين انها غنيمة، وهذا ما عبر عنه المالكي المخلوع بقوله "احنه شوكت اخذناها حتى ننطيها"، إشارة إلى تمسكه بالسلطة، و أصراره على الولاية الثالثة، الا ان ذلك لم يتحقق له. حيث كان أول المعترضين على بقائه هم أقرب المقربين اليه من حزبه وحلفائه في التحالف الوطني الذي تلحف بعباءة الدين، حتى وصل الامر إلى تنحيته عن السلطة مرغما مجلجلا بالفشل الذريع الذي رافق حكمه لمدة  ثمانية اعوام، ونتيجة للعقلية المهووسة بداء العظمة عمل المستحيل في سبيل إفشال رفيقه الذي يقف معه في الصف الأول في سلم قيادة حزبه ''العبادي'' .

أشار الكثيرون من أبناء شعبنا العراقي بالبنان، إلى أن المالكي هو من يقف وراء أغلب الجرائم التي ارتكبت بحق الابرياء، نتيجة التفجيرات والاختراقات الأمنية التي راح ضحيتها العديد من بنات وأبناء العراق الابرياء، والكل يوعز ذلك ما قام به من تخبط وسوء إدارة، خلال وجوده في اعلى هرم السلطة، والتي أدت إلى احتلال ثلث الأراضي العراقيه من قبل إرهابيي داعش وذلك باعتماده مبدأ فرق تسد وفق أسلوب الشحن الطائفي الذي ادى الى تمزيق الوحدة الوطنية وأشعال صراعات مدمرة كان هدفه الأساسي منها هو البقاء في السلطة عبر بناء دكتاتورية الحزب الواحد من خلال تحزيبه للمؤسسة العسكرية والأمنية وكل مؤسسات الدولة، أنه نجح في بناء دولة فاشلة بامتياز وبشهادة الجميع واوصل البلاد إلى أعلى مستوى للفقر والفساد في العالم.

المواطن العراقي وصل الى حالة من اليأس والاحباط، وعدم الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة المهيمنة، على خيرات الوطن وثرواته. ان هذه الزمرة الفاسدة غير قادرة على إصلاح الأوضاع المزرية، حيث طفح الكيل فهب الشعب منتفضا وبعنفوان لم يكن مسبوقا وصاح بصوت عال، كفى أيها الفاسدون لقد ضقنا ذرعا بكم، كفاكم سرقتنا باسم الدين، كفاكم ضحكاً على الذقون تنعمون بالمليارات ونحن نتضور جوعا، ونتجرع السم وننزف دماً يوميا خلال أثنا عشر عاما.

اصرار أبناء الشعب وتحديهم لمؤامرات المتنفذين في السلطة، وضع الجميع على طاولة الحساب، مما اضطر الحكومة الهزيلة ممثلة بالعبادي أن تتقدم بما سمته بحزمة إصلاحات اعتبرها استجابة لمطالب الجماهير المنتفضة، ورغم الترحيب المشوب بالحذر المبني على شعور الناس بعدم الثقة بمن قدمها لأنه لازال تحت عباءة حزبه وكتلته رغم التفويض الذي منحه اياه ابناء الشعب المنتفضين مدعوما بموقف مرجعية السيد على السيستاني، الذي انحاز لموقف الجماهير المنتفضة, هذه المرجعية التي عملت احزاب الاسلام السياسي على أضعاف موقفها وتشويه سمعتها من خلال الالتفاف على توجهاتها و التي دعت إلى إقامة دولة مدنية في آخر تصريح لها.

أثبت الحس الشعبي أن هناك عدم جدية في الاصلاحات التي قُدمت، لانها تأتي من نفس المؤسسة الفاسدة اصلا، وقد بدا ذلك واضحا من خلال أول إجراء عملي تتخذه الحكومة التي دعت الى ترشيق الوزارات، فبدلا من أستهداف الفاسدين أخذت تستهدف البعيدين عن الشبهات فتقيلهم، بشكل عشوائي في نفس الوقت الذي تعزز فيه مواقع من طالب الشعب العراقي بعزلهم وتقديمهم للمحاكمة.

أقولها لك يا رئيس الوزراء ، "لا تخوط بصف الماعون" كما نقول نحن العراقيين، الشعب لن يرحم خاذليه، حيث لا ينفعك حزبك ولا غيره.. الشعب هو القادر على حمايتك اذا تمالكت الشجاعة وأعلنت وقوفك معه، فتيار التغيير سائر للامام ولك في التاريخ البعيد والقريب عبرة ، والعبرة لمن اعتبر.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter