|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  15  / 2 / 2016                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

ساسون دلال .. من يتذكره ؟

حسين الحلي
(موقع الناس)

في مثل هذه الايام من عام 1949 كانت قيادة الحزب الشيوعي العراقي قد اعتقلت من قبل السلطات في العهد الملكي وجرى تعذيب افرادها بشدة وصدرت بحقهم احكاما بالاعدام وهم (يوسف سلمان يوسف - فهد - ويهودا صديق ومالك سيف وحسين الشبيبي) وغيرهم .

في مثل تلك الايام نشط شاب ثوري من كوادر تنظيم بغداد للحزب الشيوعي يبلغ من العمر 20 عاما بتشكيل لجنة مركزية اصبح هو سكرتيرها ونشط بالاتصال بالمحافظات واثارة المظاهرات ضد السلطة الحاكمة محاولا انقاذ رفاقة المحكومين بالاعدام وكان كما يقال عنه واحد من اجرأ واكثر الشيوعيين اثارة للسلطات والمتاعب وهو الشهيد (ساسون شلمو دلال) الذي نادرا ما يشار اليه او يتطرق اليه حتى في ادبيات الحزب الشيوعي نفسه .

ساسون شلمو دلال علمت عنه منذ عام 1998 واعجبت بسيرته وشجاعته ونظرا لقله المصادر عنه توجهت الى اخواننا يهود العراق ليسعفونني فارسل لي المرحوم (نعيم دنكور) مجلدا نادرا من مجموعة اعداد مجله "سكرايب" الخاصة بيهود العراق وبعد بحث كثيف حصلت على عدد فيه رساله كتبها دلال الى شقيقه قبل ساعات من اعدامه كما ارسل لي الاديب الصديق الراحل (اسحق بار موشيه) كتابة الرائع "الخروج من العراق" وفيه تفاصيل كثيرة عاشها الكاتب نفسه مع دلال ودوّنها في كتابه ..

سيرة دلال تصلح لان تكون فلما سيننمائيا يستحق الانتاج لانه عاصر فترة مهمة من تاريخ العراق ومن نضال الحزب الشيوعي العراقي لشجاعته وصغر سنه وعناده ومواجهته للحكام في المحكمة وسخريته منهم ولا اريد هنا ان اتحدث عن حكايته الطويلة فسوف اتركها لذكرى اعدامه التي ستصادف في نيسان المقبل لكنني وجدت رسالته باللغة الانكليزية وصورة نادرة له منشورة في عدد "السكرايب" وترجمت الرسالة الى العربية وفيها مواقف وعبر وشجاعة لانسان مبدئي لا يخاف إن استشهد مؤمنا على مبادئه.

اود ان اشكر ادارة السكرايب والصديقة ايلين خلاصجي على المصادر التي تحدثت عنه والرسالة مصدرها السكرايب... واشكر الصديق الاستاذ نامق ناظم ال خريفا لتذكيري بالموضوع نص الرسالة :

"أخي العزيز
أنها أمسية ساحرة. الريح تهب باطراد طوال اليوم لكنها هدأت بحلول الظلام فلا ضجة في الهواء. يبدو أن العالم نام بسرعة. انا لا استطيع النوم ومن الصعب النوم مع معرفة انني سأموت فجر الغد . منذ أن تم اعتقالي من وقت طويل ، وأنا أريد أن أكتب إليكم. لم أكن متأكدا مما سأقوله. كنت مرتبكا وخائفا. لم أكن متأكدا ان كنت ستتعاطف مع نشاطاتي وافكاري ، الأفكار التي يمكن فقط ان تثبت انها صالحة عندما تكون حياتنا في أمس الحاجة إليها. لم أكن متأكدا أن الحياة الأكاديمية التي عشتها انت في أمريكا من شأنها أن تجعلك ترى بموضوعية عدالة وصحة قضيتنا. الليلة مع علمي أن غدا سيكون الفجرالمقبل هو ليلتي الابدية قررت ان أكتب إليكم عن الأفكار والآراء التي تعج في ذهني الآن لقد اخذت موجة من الرعب البلاد والالاف من الناس يجري اعتقالهم ويتعرضون للتعذيب ويتم واعدامهم ،. أنا لست الوحيد الذي سأموت غدا هناك عشرة آخرين معي .

الشعب بشكل عام مضطهد لقد اصبحت الحياة في وطننا تذكرني يتلك الايام التي قامت فيها قوات الفاشية بالمسير قدما في قتل الالاف من الابرياء. أنا لم أعش فترة كافية للاستمتاع ومعرفة ما هي الحياة. لقد فتحت عيناي اقاتل من أجل حياة حرة وغدا عند الفجر سأموت لحياة لم اعرفها. أدعو الله أن كفاحي من أجلها لم يكن عبثا ان قوى الرجعية لا يمكن تحكم الى الابد لقد هزموا من قبل بإرادة الشعب وسوف يهزموا في المستقبل القريب بنفس الارادة . أنا سأموت غدا ولدي ايمان في الجنس البشرى بان يكونوا اسياد مصائرهم، وهو من اجل الديمقراطية والسلام، وحياة مثالية.

أن قوى الرجعية التي لا تزال تقتل في الناس لإطالة وقت حكمها الإجرامي خائفة من المستقبل. لانهم يرون في المستقبل ظل نهايتهم .. هذا الظل هو الذي يدمرعقولهم. ويصيبهم بالجنون لقد استنفدت أفكارهم. هم مفلسون في سياسة الاكاذيب واساليب الدعاية والوعود لانهم يخافون غضب الناس انهم خائفون بشكل رهيب. انهم يستطيعون سلبي حياتي ، لكنهم لا يستطيعون تغيير افكاري، لانها لأجل البشرية جمعاء ، انا حر لانني اعرف الحقيقة ، ولا السجن ولا الإعدام يمكن يسلبا هذه الحرية مني. غدا عند الفجر سأموت. نعم يستطيعون إنهاء حياتي ومنعي من فضحهم و قتالهم، ولكن مع موتي، هناك آلاف غيري سوف يقفون بوجههم . نحن الاكثرية، وهم الاقلية .

لا تحزن بالنسبة لي أخي الحبيب، بدلا من ذلك احمل ذاكرتي معك وواصل الكفاح فهو فقط سوف يمجد مستقبل الإنسانية. وتذكر دائما أنني لست آسف للموت. في الواقع، اذا منحت لي فرصة الحياة مرة اخرى فانني سوف اتبع نفس المسار وداعا للجميع، وحبي لك.
"
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter