| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 14/12/ 2012

 


لقد دأب الكثير من المناضلين الذين عايشوا فترة انقلاب 8 شباط 1963 , على تجسيد الطبيعة الأجرامية المتوحشة لأنقلابيي 8 شباط القتلة , لكي تبقى هذة الجريمة النكراء وصمة عار في جبين مرتكبيها على مر العصور .
بيد ان هناك جوانب اخرى لهذة المرحلة المظلمة من تاريخ شعبنا وحركته الوطنية , واعني بها الصمود الأسطوري لقادة الحزب ورفاقه الأبطال الذين واجهوا صنوف التعذيب حتى الموت , وهم يذودون ببسالة عن مبادئهم  واسرار حزبهم . والى جانب شعلة الشهداء الوهاجة هذه , كان هناك مناضلون ومناضلات , لم يقعوا في قبضة العدو , واصلوا العمل والنضال في تلك الظروف الدموية الصعبة , لأعادة بناء منظمات الحزب. وشاءت الظروف ان اكون واحداً من هؤلاء المناضلين في تلك الفترة , وشاهداً عليها .

ايام لا تُنسى
(3)

همام عبد الغني

الأرتباط بمركز الحزب
كان التوتر والصراعات والأنقسامات تعصف بحزب البعث المجرم, كما ان الأحتقان والتذمر كانا يسودان صفوف الجيش العراقي , بضباطه وجنوده بسبب سلوكيات البعثيين وحرسهم المجرم تجاه الجيش والشعب , وكانت تصلنا الأخبار من بعض العناصر المرتبطة بنا , كما كان ذلك واضحاً في الشارع البغدادي , وفعلاً انتهى هذا الصراع والتوتر والأحتقان , بانقلاب 18/ تشرين الثاني 1963 , بقيادة شريكهم المقبور عبد السلام عارف . وكانت حركة 18 تشرين امتداداً لجريمة 8 شباط السوداء , إلا انها اوقفت نسبياً حمام الدم الذي مارسه مجرمو شباط الدمويون , وخففت من موجة القتل المجاني اللامسؤول الذي تسَّيد الشارع العراقي طوال الأشهر التسعة المشؤومة .

وبالنسبة لنا , كان الأنقلاب الجديد يفرض علينا تحديد موقف سياسي منه , وقد شخصنا ان هذا الأنقلاب هو امتداد لأنقلاب شباط , وامتصاص لنقمة الجيش والشعب التي كانت تعتمل وتتأجج في صدور الجميع. وقررنا ان نصدر بياناً بهذا المعنى , وفعلاً كتبنا بياناً شديد اللهجة , بعنوان " لنجعل عام 1964 عام وحدة القوى الديمقراطية وانتصارها " , كما قررنا ان لا ننتحل اسم قيادة الحزب او اية منظمة من منظماته, فذيلناه بتوقيع " لجنة تنظيم بغداد - الحزب الشيوعي العراقي " . وقبل ان نصدر البيان حصلنا على جريدة طريق الشعب , وكانت ورقة واحدة من الورق الخفيف , ومطبوعة بآلة طابعة , واذكر ان الطباعة كانت باللون الأحمر , وكان تقدير قيادة الحزب , هو نفس تقديرنا , باعتبار انقلاب 18 تشرين هو امتداد لأنقلاب شباط . ومن اجل ان نؤكد اننا لسنا منظمة منشقة او قيادة مستقلة , اقتبسنا فقرة من بيان مركز الحزب , وضمنّاها في بياننا . طبعاً كان بياننا بخط اليد , وطلبنا من العناصر المرتبطة بنا استنساخ البيان وتوزيعه على نطاق واسع .

كان هدفنا الرئيس هو الوصول الى مركز الحزب , وتوحيد التنظيم واعادة بناء قلعة الحزب , وفعلاً بعد اقل من اسبوع , ابلغنا احد الرفاق , بأنه بعد ان وزع البيان , جاءه من يقول , بأنكم لستم مركز الحزب , وانكم منظمة مقطوعة . وبالطبع " رفضنا شكلياً " هذا الرأي لكي لا ينفرط عقد التنظيم , وطلبنا منه ان يرتب لنا لقاء مع تلك الجهة , وفعلاً وصلنا موعد بعد يومين فقط .

قبل الموعد بفترة مناسبة , كان عبد الله وامين , وبعض عناصرهما , يراقبون المنطقة خوفاً من ان يكون هناك كمين. وذهبت في الموعد المحدد مع علامة تعريف , لألتقي مع شاب أسمر نحيف البنية , وحين التقينا بادرني بالسؤال "هل انتم الحزب ؟ قلت لا اننا منظمة شيوعية نظيفة ومقطوعة " ونبحث عن مركز الحزب . قال : هل انت مسؤولها ؟ قلت نعم . قال نحن مركز الحزب , وان الرفاق اطلعوا على بيانكم واطمأنوا له , ويريدون اسمك الصريح " . بعد تردد قصير , كتبت اسمي بورقة وطويتها وسلمتها له . كانت مجازفة , ولكن لا مفر منها . اضاف سنلتقي بعد يومين لآتيك بجواب الحزب لتطمئن بانكم في الطريق السليم . بالمناسبة , ان هذا الشاب هو ابراهيم الياس عباس , الذي انتُخِبَ عضواً في اللجنة المركزية في الأجتماع الموسع في تشرين الثاني عام 1965 , . وقد اعتقلنا سوية في 6/6/1966 في شارع الشيخ عمر . وسأعود الى هذا الموضوع حين اعود لتثبيت احداث هذه المرحلة .

قبل الموعد المحدد , تحرك الرفاق للتأكد من سلامة المكان . وفي الوقت المحدد حضر نفس الشاب , وصافحني بحرارة قائلاً " لقد تعرف الرفاق على شخصيتك , وحملني الرفيق ابو شاكر سلاماً خاصاً لك " . والرفيق ابو شاكر هو المناضل باقر ابراهيم الموسوي عضو اللجنة المركزية , والذي كان مسؤولاً للجنة المنطقة الجنوبية قبل الأنقلاب وكنا نعرفه بهذا الأسم . في هذه الفترة وصلت الرفيقة الشهيدة عايدة ياسين , من البصرة مبعوثةً من لجنة المنطقة الجنوبية , لتأمين الأرتباط بمركز الحزب , وقد اتصلت بنا من خلال الرفيقة ام بشرى و التي كانت مسؤولة التنظيم النسوي في البصرة قبل الأنقلاب المشؤوم . وقد اوصلناها الى المركز الحزبي آنذاك و وتم تأمين ارتباط المنطقة الجنوبية بمركز الحزب .

بعد هذا التأكد من سلامة تحركنا , بدأنا بترتيب ترحيل عناصر تنظيمنا , كل الى مجال عمله او سكنه او اختصاصه , لأعادة بناء قلعة الحزب , ومن يدري , فربما كان بعض هؤلاء المناضلين الأبطال , هم نواة بعض تنظيمات الحزب التي اعيد بناؤها بعد سقوط نظام الجريمة الفاشي .



ايام لا تُنسى (2)
ايام لا تُنسى (1)
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات