|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  13  / 12 / 2019                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

مكاسب الانتفاضة سيبتلعها قانون الانتخابات المقترح

صبيح الزهيري
(موقع الناس)

انفجرت انتفاضة تشرين كرد فعل جماهيري طبيعي على ما وصل اليه الوضع في العراق من تدهور في جميع مناحي الحياة الى الحد الذي اطلقت المؤسسات الدولية على العراق لقب الدولة الفاشلة والذي ارجعت هذا الفشل الى عدة اسباب جوهرية على راسها الدستور العراقي الحالي الذي ضحى بالمواطنة و المدنية العراقية لصالح الاثنية و الطائفية و المناطقية و العشائرية وذلك باستعماله مصطلح المكونات و الكيانات و المعتقدات . ومن هنا ظهرت الاعراض المرضية لهذا الدستور الملغوم والتي تجلت في :

قانون الاحزاب وقانون المفوضية المستقلة للانتخابات و النظام الانتخابي .
وقد فصلت هذه القوانين الثلاثة على مقاسات الطائفية و المناطقية و الاثنية وعلى مقاسات مالكي المال الفاسد و الادارة الفاسدة و ثقافة الرشوة وشراء الذمم و المحاصصة الطائفية و الولاءات الخارجية لدول الجوار مستفيدين من حالة تدني الوعي الاجتماعي المريع الذي اصاب المجتمع العراقي خلال العقود الخمسة الماضية .

ومن اجل ازالة هذه الامراض القاتلة من جسم المجتمع العراقي و السعي لبناء دولة المواطنة و التحضر و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية قامت الانتفاضة .

وهي الان سائرة بكل همة و جدية لتحقيق اهدفها رغم التضحيات الهائلة و الجسيمة التي قدمها المنتفضون السلميون و التي قدرت حسب المصادر الرسمية بمئات الشهدا و الاف الجرحى و الاف المفقودين و المعوقيين وشملت اغلب مناطق العراق .

الا اننا فوجئنا بازلام سلطة الفساد تحاول الالتفاف على شعار المنتفضين الداعين الى (نريد وطنا) بعدما فشلت وسقطت سياسيا و اجتماعيا و فكريا بمحاولة تشريع قانون جديد للانتخابات الغرض منه نسف و ابتلاع كل نضال الجماهير المنتفضة و المتضررة من هذا النظام و ذلك عن طريق تشريع نظام للانتخابات يعتمد على تعدد الدوائر الانتخابية في عموم البلاد اي انشاء برلمان مبعثر جغرافيا , بدلا من برلمان وطني . هذا البرلمان المقترح تسيره الطائفية و المحاصصة و العشائرية و اصحاب المال الفاسد. كي بعودوا مرة اخرى الى سدة الحكم ,

ايها القارئ الكريم انت تعلم ان العراق مر بكوارث وحروب و دكتاتورية و فسادلاكثر من خمسين سنة انخفض فيه الوعي و تمزقت فيه الوحدة الوطنية وقمعت تطلعاته الديمقراطية و الحضارية و الحداثوية و ابتلي بمرض الطائفية و الاثنية و العشائرية ناهيك عن البؤس و الحرمان و انتشار الامية و اضطهاد المرأة و بطالة الشباب وهو بحاجة الى وصفة تشريعية جديدة تعالج هذه الامراض كلها و ليس الى تجذيرها و اعادة انتاجها بعدما تعفنت و تفسخت ونفثت رائحة كريهة تزكم الانوف.

ان تشريع هكذا قانون سوف لا يداوي جراح الشعب العراقي بل سيزيد من الامه و مصائبه لانه سينتج نفس الامراض السياسية و الاجتماعية و الفكرية السابقة , فهو يفسح المجال مرة اخرى للاقطاعيين و اصحاب العمائم و شيوخ العشائر و اصحاب المال الفاسد و المسروق من قوت الشعب بالمجيئ الى قاعة البرلمان مرة اخرى وينحي جانبا اصحاب الكفاءات و الوطنين الديمقراطيين و اصحاب الخبرة و و الحداثويين و الاساتذة و المبدعين من فنانين و شعراء و باحثين وانسانيي النظرة و الافق.

وبذلك تضيع سدى كل تضحيات و نضالات المنتفضين و الشعب العراقي وعند اذن نقول (عساك يا ابو زيد ما غزيت) كما يقول المثل .

لذلك فان قانون اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة و بطريقة التمثيل النسبي هو البسلم الذي يداوي كل جراح هذا الشعب في هذه المرحلة بالذات .ذلك انها مرحلة عصيبة حقا و تحتاج الى حل جذري ثوري نابع من منطلق علمي مجرب واي حل اخر لايعدو كونه حلا ترقيعيا لا فائدة منه  .

ان لنظام الدائرة الانتخابية الواحدة و النسبية لعموم العراق مزايا عديدة لعل ابرزها:
اولا - يركز ثقافة المواطنة و يرفع من شانها وقد (يلغي ) او يقلص الانتماءات الثانوية الى حد بعيد وهوما يختاجه الشعب في هذه المرحلة العصيبة .

ثانيا - يفسح المجال للاكفاء و المتخصصين و المتنوريين و الديمقراطيين من الوصول للبرلمان كي يضعوا امكانياتهم في خدمة بناء الوطن .

ثالثا - يفسح المجال للنساء و الشبيبة من الوصول الى البرلمان وهم الشريحة المعول عليها في بناء العراق الجديد .

رابعا - يلغي او يقلص تاثيرات المال الفاسد و الرشوة الاجتماعية و المتفشية في المجتمع العراقي الان

خامسا - يشحذ همم ووطنية الاقليات العريقة بالعراق و يجعلهم يشعرون بالمسؤولية اتجاه وطنهم باعتبارهم مواطنون من الدرجة الاولى و يتسابقون لخدمته عن طريق وجودهم بالبرلمان او في السلطة التنفيذية او القضائية او في القوات المسلحة , هنا يجب التاكيد على اعطاء حق الصويت لعراقي الخارج من المغتربين و المهاجرين و الذي اتبتت احداث الانتفاضة انهم مازالوا ملتصقين بوطنهم الام وغير مقصرين في دعم الانتفاضة ,

اما الرد على الاعتراض القائل ان نواب نظام الدائرة الواحدة قد لا يعرفون مشاكل و مطاليب المناطق التي لا يسكنوها فنقول لهم : هذا برلمان لكل الشعب العراقي و ليس دائرة بلدية . و ان هذا البرلمان سوف يعمل بموجب خطة عمل محكمة معتمدا على دراسات ميدانية لكل مناطق العراق و يعمل وفق مبدأ الاهم قبل المهم وبروح موضوعية و يكون باب الاتصال بهم مفتوحا على مصرعية لسماع و معاينة كل المطالب و المقترحات بدون حرج او خوف اوتردد, بسبب كونهم متحررين من المناطقية وتاثيراتها .

 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter