|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  13  / 2 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

الحرس الوطني.. نتاج ازمة مستدامة

هبة نوري

في شهر اب من العام الماضي انبثقت حكومة "الوحدة الوطنية"- وهي في حقيقتها محاصصة الوحدة الوطنية- برئاسة حيدر العبادي لينتهي ما كان حينها جدلا طويلا اسدل الستار عليه بما سمي وثيقة الاتفاق السياسي بين الكتل البرلمانية والمشاركة في الحكومة وكان احد اهم بنود هذه الوثيقة يؤكد تشكيل منظومة حرس وطني من ابناء كل محافظة يكون قوة رديفة للجيش.

ويتجلى انها تعتمد في مواردها البشرية على امكانات اهالي المنطقة وعشائرها بشكل مطلق واما ادارة هذه القوة وتسليحها وطبيعتها وجهة ارتباطها تتضح وتحدد بقانون يعد مشروعه مجلس الوزراء ويصوت عليه مجلس النواب ليشرعن تاسيس"قوات الحرس الوطني" مثار الجدل الان.. ان الحرس الوطني وهو احدى الوصفات الامريكية الجاهزة في محاوله لوضع ستراتيج يعتمد على القوة العراقية على الارض في مواجهة تداعيات سقوط احدى اهم مدن العراق وهي الموصل على يد الارهاب الداعشي في حزيران العام الماضي لتكرر نموذجا سابقا وهو الصحوات كانت قد اعتمدته في تقويض القاعدة على الرغم من الاختلاف الكبير بين الظرف الراهن والوضع السابق، كما ان اوباما اراد ان يجنب ادارته الانتقاد بسبب ضبابية ادوات التحالف في مواجهة داعش وفي هذا السياق طرح قادة عسكريون وسياسيون امريكون ان التحالف مستمر في توفير الدعم الجوي بما يحد من امكانات داعش ويوفر الفرصة للعبادي للوصول الى الحل السياسي وهو امر اساسي في حل الازمة, والعبادي كان قد اكد وفي اكثر من مناسبة على ضرورة قيام ابناء المناطق المحتلة من قبل داعش بطرده وتحرير مناطقهم وهو بذلك يسعى الى كسب ثقة المكون السني الذي طالما تحدث عن مخاوفه من هيمنة جهات محددة على الجيش العراقي وكما قد رفض بعضهم هذا الجيش ونعتوه بنعوت عديدة وبالتاكيد "العراقي او الوطني" ليس احداها ولعل العبادي يسعى الى دور للعشائر السنية في المناطق الساخنة ويعول كثيرا عليها ويعتبرها صمام امان يحول دون توسع داعش ويضمن تفكيك الحاضنة الاجتماعية بعد تطهير هذه المناطق من الارهاب وانعدام فرص عودته بعد المعركة المرتقبة والحاسمة في الموصل!، وله في هذا المنطق مبررات.

ما ان تم الاعلان عن مسودة قانون الحرس الوطني وجاء معه المساءلة والعدالة وحضر البعث ساد الاجواء العامة تراشقات اعلامية واتهامات وتخمينات من جهة وتبريرات من جهة اخرى, ليس بجديد على الواقع العراقي انعدام الثقة والتي كانت ولاتزال المعول الهادم لاي تقدم سياسي في العراق وهي ذاتها الدافع اي انعدام الثقة وراء تشكيل حرس وطني او حشد شعبي وغيرها من التشكيلات والتي تجعل المتابع لايستبعد تحول الجيش العراقي الى حالة من الرمزية وهو محاط بعدد من الجيوش الطائفية الولاء والعقيدة فضلا عن ترهل هذا الجيش الذي اوجدت اسبابه السياسات الامريكية منذ احتلال العراق.


وهذا الجدل لم يقتصر على القوى السياسية لخطورة الموقف والمنزلق الذي يسير نحوه صانعوا القرار في هذا البلد وقد اثيرت مخاوف تسليح جماعات وعشائرعلى اسس مناطقية طائفية من توفير ادوات نزاع داخلي يزيد من تعقيد الوضع العراقي وبالطبع هكذا تشكيلات لابد من تاثير لرجال الدين السياسي عليها!. وتشير احدى مواد مسودة قانون الحرس الوطني والتي تم تداولها وعلى نحو واسع في مصادر عدة الى منح الاولوية في الحرس المزمع تشكيله لمنتسبي الجيش العراقي السابق من الضباط والمراتب استثناء من أي قوانين أو ضوابط أمنية، أو سياسية، كقانون المساءلة والعدالة ولغاية رتبة عقيد، ولعل حكومة العبادي ارادت ان تناى بنفسها عن هذا المازق بارسال مسودتي قانوني الحرس الوطني والمساءلة والعدالة للتصويت عليهما في مجلس النواب بما يعيد للاذهان سياسة السلة الواحدة, فما الضامن من عدم اندساس عناصر ذات ولاءات مريبة وارتباط بداعش وتكرار سيناريو الموصل مرة اخرى، وهناك من يذهب الى عدم دستورية الحرس الوطني من الاساس فالدستور يسمح فقط للاقاليم وليس للمحافظات بتشكيل قوة حماية, واذا كان حجة البعض بان متطلبات المرحلة تستدعي تشكيل الحرس الوطني او الحشد الشعبي فهي واهية وليست من الصواب في شيء, ان متطلبات المرحلة تعزيز قدرات الجيش العراقي الوطني وليس سواه.
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter