|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  13  / 10  / 2022                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

غادرني صديق العمر

سركون سمسون
(موقع الناس)



العزيز الغالي لطيف في أحدى جولاته الرياضيه في بارك أزادي

تعارفنا
عام 1968 وفي الصف الأول متوسي في متوسطة السعدون الكائنه في شارع النضال قرب ساحة الأندلس ,في اول يوم الدراسه جلست على الرحله بجانب فتى أسمر اللون , وبعد وقت خجل قصير تم التعارف بيننا كان أسمه لطيف وهو كردي فيلي ..وكان لطيف لطيفا بكل معنى الكلمه , كان ذو أخلاق عاليه ومهذب الى أبعد الحدود , وكان هذا التعارف سبب أستمرار علاقتنا الى يوم رحيله الى مثواه الاخير , أي 54 عام ونحن اصدقاء بل أخوه ..في أول ايامي المدرسيه وفي احدى الحصص الدراسيه سقط مني قلم الرصاص , قلت للمدرس أستاذ (طاح) قلمي وكانت اللهجه هي لهجة أهل الجنوب في العراق , فما كان من لطيف ألا أن ضحك كثيرا لكلمة (طاح) وبقى يذكرني بها كلما أراد الضحك علي ومنها أطلق علي لقب (الشروكي) وهم الأناس الذين يسكنون جنوب العراق وبقي هذا اللقب ملاصقا بي ويتذكره دائما , أستمر لطيف معي في المتوسطه الى الصف الثالث المتوسط , وبعد ثلاث سنوات الدراسه المتوسطه أتجه لطيف الى الدراسه في أعدادية الصناعه وأتجهت أنا الى الأعداديه العامه.

كرة القدم
خلال هذه السنوات الثلاث في متوسطة السعدون, بالأضافة الى مشاركتنا سنوات الدراسه , كذلك كان لنا مشاركه في لعبة كرة القدم سوية لقد لعبنا لمتوسطة السعدون ومعنا كان الكثير من الأصدقاء والذين بقومعنا أصدقاء الى يومنا هذا لأن كان يسكن الأكثريه منهم في منطقة كراج الأمانه (بغداد), ولكن الزمن اليوم فرقنا وشتتنا الى بلدان مختلفه في العالم.رغم ذلك أستمرت علقتنالأنها لم تكن المدرسه وحدها تجمعنا , وانما كلرة القدم كانت سببا لل ستمرار علاقتنا, في عام 1970 كنت ألعب لفريق أشبال البتاويين في منطقة البتاويين(بغداد , أخذت وقتها لطيف للعب معي هناك أيضا ..وكان موفقا جدا في تلك المباراة الأولى له وقد أبلى فيها أي بلاء , وكان أعجاب المدرب كبيرا به ..وعليه أستمر لطيف معي بالفريق ولعبت مع لطيف ايضا في نادي النهضه لمدة عام واحد الى أن أنتقلنا سوية الى فريق أراكس في منطقة كمب ساره وبقينا فيه الى أخر أيام لعبنا الكره.ومع فريق أراكس فزنا بعدة بطولات التي كانت تقيمها الفرق الشعبيه فيما بينها ومنها دورة الوائلي في الكراده الشرقيه , وبطولة أتحاد فاروق في البلديات ودورة أراكس التي أقامها فريق أراكس في كمب ساره وفي جميع هذه الدورات حصلنا فيها على المركز الأول .. ولعب لطيف أيضا في منطقة سكنه مع فرقها كفريق السباق القديم والنادي الأثوري وغيرها من الفرق . وكانت ميولنا في الأشياء التي نعشقها متشابه .

عائلة لطيف
كان لطيف أنسان متواضع جدا, وعاش في عائله بسيطه في معيشتها وكبيره في عددها حيث كانوا سبعة أخوه وثلاث أخوات وكان ترتيب لطيف السابع بينهم وجميعهم كانوا يسكنون في شارع واحد وفي ثلاث منازل في منظقة كراج الأمانه , كراج الأمانه كانت منطقة سكنيه جميله يقطنها الأثوريين بنسبة 90% وعليه كان لطيف يجيد اللغه الأثوريه بطلاقه وكنا نتحدث بها معه دائما وكذلك أثنان من أشقائه وأولاد أشقائه وشقيقاته يتكلمون الأثوريه بطلاقة..وكان أكثر أصدقاء لطيف من الأثوريين ... وأنه شاركهم فرقهم الكرويه حيث لعب كما ذكرت سابقا للنادي الأثوري وكذلك لفريق السباق القديم , وشاركهم ايضا أفراحهم وأتراحهم في جميع المناسبات كالأعياد والأعراس والأحزان ... ولم يكون لطيف غريب عنهم , لقد كان واحد منهم , وكان الجميع يحبونه كثيرا ويدعونه في جميع المناسبات التي يقيموها .

وخلال سنين صداقتي مع لطيف وتطورها ودخولنا في بيت بعضنا وتعارفنا على أفرادعائلة كل منا للأخر كان العامل المساعد أن يكون هناك تعارف بين عائلتينا وفعلا تمكنا من أيجاد وسيلة لبدأ زيارة العائلتين لبعضهما خلال المناسبات المختلفه من الأفراح والأتراح .. كمناسبة الأعياد والأعراس والأحزان , وأستمرت هذه العلاقة وشملت عائلات أصدقائنا الأخرين ايضا , وكان الأرتياح والكلام الجميل والراحه النفسيه بين العائلات حاضرا بكل مناسبه تواجدوا فيها.

شخصية لطيف
كان لطيف خلوقا جدا وذا طبع هادئ , وفي نفس الوقت كان خجولا, غير متكبر , يعامل الصغير والكبير بكل حب وأحترام ويده ممدودة دائما لمساعدة المحتاج أذا كان بأمكانه , كان ذو أحساس رقيق تراه يبكي لأي موقف حزين يمر به ..كان رقيق القلب ونقي وصفاء الروح والعقل, لذلك كان الجميع الذين عرفه عن قرب يكنون له كل الحب والأحترام والتقدير , ويرغبون أن يشاركهم مناسباتهم وفعالياتهم, الكل كان يرحب ويتمنى صداقته , كان لطيف أبي النفس , لم تغره مظاهر الحياة بل عاش بقدر ما تسمح له حياته البسيطه ,رغم ذلك كان جميل الشكل وكانت ملابسه دائما مصدر أعجاب من قبل الأخرين ..كان يهتم بمظهره كثيرا ,لقد شاركت لطيف سنوات عمر طويل , و كان لكل منا أسراره الخاصه والتي لم نبوح بها للأخرين فقط كانت بيننا وكتمنا عليها الى يومنا هذا.

السليمانيه
بعد أن أنهى لطيف دراسته الجامعيه وحصل على شهادة الهندسه بصفة مدرس صناعي من الجامعه التكنولوجيا في بغداد , وجد له عملا في السليمانيه وبالفعل أنتقل الى هناك حيث كون نفسه وتزوج من الفتاة التي أحبها وعاش معها في السليمانيه ورزقوا أربعة أولاد أثنان من الذكور وأثنان من الأناث والكل تخرجوا من الكليات وتزوجوا ..وللطيف وزوجته الأن 5 أحفاد .وبقى لطيف يسكن السليمانيه مع عائلته وأولاده وأحفاده لأخر أيام عمره في السليمانيه .

لطيف سكن السليمانيه لسببين مختلفين في مضمونهما ..ألاول لزواجه من فتاة من السليمانيه.. والثاني لمطاردته من قبل السلطات الحكوميه ... لأن عائلة لطيف كانت ميولهم شيوعيه ..ورغم أن لطيف لم ينتمي للحزب الشيوعي ألآ أنه كان صديقا للحزب ومؤمن بأفكار الحزب وكانت المطلرده له هو السبب الرئيسي والأقوى للسكن في السليمانيه .

الصدفه الجميله
عند أنتقال لطيف الى السليمانيه تواصلت معه عبر رساله أرسلتها له وبعدها خبرني بأن لا أرسل له أي رسالة أخرى لأسباب أحترازيه وبعدها أنقطعت أخباره عني لفترة طويله وأنا هاجرت الى الخارج .. وعندما كنت أسأل أخي ليون عنه لم يكن لديه أي علم عنه وليس له أي خبر منه وأين هو أو رقم تلفونه ..ألى أن كانت الصدفه الجميله والتي لعبت دورها الكبير في أرجاع العلاقه والأتصال بيننا وهي أن أبن أخ لطيف وأسمه (علي) كان يصبغ في دار أخي وأن أخي عرف أنه من سكنه كراج الأمانه وأنه كردي ..سأله أخي هل تعرف لطيف ؟ فأجابه أنه عمي ..فما كان من أخي ألا أن أخذ رقم هاتف لطيف وأرسله لي..وكم كانت فرحتي كبيره بذلك ..ولم أتوان لحظة بل رفعت السماعه مباشرة وأتصلت به لأسمع صوته العزيز على قلبي ..وكانت مفأاجأة له أن أكلمه بعد كل هذه السنين ومنها أستمرت علاقتنا وأتصالنا ببعض الى أخر يوم من حياته .

كنت على أتصال دائم به وتقريبا كل يوم نتحدث في مواضيع مختلفه وخاصة كرة القدم ..حيث كان لطيف من عشاق فريق ليفربول الأنكليزي وريال مدريد الأسباني ولكن كفة ليفربول كانت الأقوى لديه , وكنت أنا أعشق ريال مدريد أيضا ولكن أختلف مع لطيف من الفرق الأنكليزيه فأنا أعشق مانجستير يونايتد , عندما يلتقي مانجستير مع ليفربول نمزح مع بعضنا ونقول أننا اليوم خصمين الى أن تنتهي المباراة , وعند فوز أحدنا يداعب الأخر ويستهزء منه ولكن من غير زعل أو خصام حقيقي , وعندما يتعادل الفريقان نقول أننا لازلنا حبايب , وهكذا كنا نتحدث ..ومن المواضيع الأخرى التي نتحدث فيها أمور العائله والأوضاع في العراق وأخبار الأصدقاء الباقي منهم في العراق والمهاجر والمتوفين , وكان لطيف رائعا في علاقاته بالأصدقاء ما أن تقع عيناه على أسم وصورة صديق من منطقة كراج الأمانه في صفحات التواصل الأجتماعي ألاأن يضيفه الى قائمته الكبيره , بحيث يبادر الى أرسال دعوه صداقه معه وأذا حصل ذلك يتصل به هاتفيا وهكذا ,لذلك كنت أعرف أخبار الكثير منهم عن طريق لطيف , بالأضافة لمواضيع أخرى نتحدث بها كالعائله والأحفاد والحاله المعيشيه في البلد الذي نسكن فيه والفرق بينهما .

الموسيقى
كان لطيف رقيق الأحساس لذلك كان يعشق الموسيقى ومن أجل ذلك أخذ يأخذ دروسا على آلت الكيتار وأتقنها بعد فتره وأخذ يعزف عليها ويترنم بأغاني متنوعه من العربيه والأثوريه وكان يعزف لي عبر الماسنجر ونقوم أنا وهو بترديد الأغاني على أيقاع عزفه و نستذكر الماضي الجميل الذي عشناه مع بعضنا والذي لا يمكن نسيانه لأنه جزء من حياتنا , ويعد فترة أنتقل لطيف الى العزف على العود ووجد فيه أكثر مساحة للأبداع من الكيتار وعليه دخل معهد للموسيقى وتتلمذ على يد عديل أبنه روند , وكعادته أتقن العزف بوقت قصير وتمكن من قرأت النوته وأخذ يعزف لي بأغاني وموسيقى أغاني أم كلثوم وقد أبدع فيها حتى أني لم أصدق أن لطيف هو الذي يعزف , ولكن كانت الحقيقه وبدوري شجعته كثيرا وكنت أثني على عزفه وهكذا أستمر لطيف بهوايته هذه وبشوق كبير وحب أكبر الى أخر أيامه وسيبقى كيتاره وعوده يسأل عن أنامل لطيف ليداعب أوتارهما وسيشتاقون له كثيرا , ولكن للأسف الشديد سيطول أنتظارهم ومن غير أمل لأن صاحبهم قد رحل في رحلته الأخيره .

زيارتي
زياتي الأولى والثانيه الى السلمانيه... زرت لطيف في السليمانيه مرتين الأولى كانت عام 2009 وعندما أستقبلني لطيف في كراج السيارات أحتضنني بقوه وأخذ يذرف الدموع الغزيره فرحا بلقائي الغير المتوقع ... وبقيت في بيته 4 أيام وكانت من أروع الأيام حيث عادت بنا الذكريات الى ايام مراهقتنا وشبابنا بين الضحك والحسره على أنها لن تعود ثانية لنعيشها على طريقة هذا العصر الذي تقدم بها العالم بخطوات واسعه وكبيره في جميع نواحي الحياة ... ورغم ذلك كنا مقتنعين بما عشناه وخاصة ونحن الأن متزوجان ولنا عائلاتنا وأولادنا .. لم نسرح بأحلامنا كثيرا بل عشنا هذه الأيام الأربعه بكل لحظاتها ... كنت دائما أفتخر بلطيف وزوجته للتربيه التي أنشأوا بها أولادهم ..وعند زيارتي لهم وجدت أفتخاري بمحله حيث وجدت شباب بأخلاق عاليه جدا ..ولهم جميعا شهاداتهم العليا وأحترامهم للوالدين لا حدود له وكذلك أحترام أصدقاء والديهم وتقديرهم والجلوس اليهم والحديث معهم والجلوس مع الضيوف على مائدة واحده من غير أرتباك أو خجل كأنهم يعرفون الضيوف من مدة طويله وهذا طبعا نتاج حديث والديهم عن أصدقائهم لهم.. وعند عودتي من أجازتي كنت أتحدث دائما عن عائلة لطيف بكل فخر وأعتزاز وكأنهم عائلتي وأني حقا أعتبرها عائلتي وأفتخر بها وسأبقى على هذا العهد دائما .

كذلك في زيارتي الأولى تجولنا كثيرا في السليمانيه بين شوارعها وأسواقها ومقاهيها وكانت السليمانيه قد بدأت بها النهضه العمرانيه حديثا من حيث البناء والشوارع والأسواق وكانت تبدو جميله

كنا نبدأ يومنا بالفطور الصباحي الذي كان يعده لطيف , حيث أعتاد أن ينهض مبكرا ويهيئ الشاي والمائده ومن كل أنواع الفطور من الجبن الأبيض والأصفر الكرافت والقيمر والبيض ,كذلك تهيئة الخبز الحار والذي يكون قد أشتراه مسبقا من المخبز , نجلس مع بعضنا ونتناول الفطور بشهية , وبعد الفطور نتهيأ للخروج وكل يوم كان لنا برنامج لزيارة أحد الأماكن في السليمانيه , كان لطيف سخيا وغير بخيل لا يهتم بقيمة الأشياء التي يريد شرائها .. في أحد الأيام خرجنا معا للسوق وأذا به يشتري (تي شيرتات) لأولادي وزجاجة عطر لزوجتي من غير أن أعرف أنها لي وعند رجوعنا للبيت قدمها لي كهدية لعائلتي وأصر أن أخذها معي بعد أن أمتنعت من أخذها لأن مبلغها كان كبير..ولكن ألحاهه الشديد أجبرني على حملها معي ..وشكرته كثيرا عليها .

أحيانا كنا نسير في الشوارع والأزقه القريبه من بيته وكنا نتحدث كثيرا عن أصدقائنا القدامي والذين مارسنا الكرة معهم ومقاعد الدراسه . ونتذكر كيف كنا مجموعة متجانسه بكل أشكالها من الأخلاق والأداب والثقافه والهوايات.. هذه كانت زياتي الأولى له.

أما زيارتي الثانيه فكانت في عام 2019 وكانت معي زوجتي وبقينا هناك في بيت لطيف أيضا 5 أيام وأستمتعنا كثيرا بهذه الرحله القصيره وتمنيت أن تكون أطول ..وكان هناك تغير كبير في العائله حيث أن أولاد لطيف كلهم كانوا قد تزوجوا وأصبحت لهم عوائلهم , وأصبح للطيف وزوجته أحفاد يجلسون اليهم ويداعبوهم ويتسلون معهم ويشترون لهم كل ما يشتهون ويقضون أوقات جميله وطيبه معهم,

في كل صباح كنت أنا ولطيف نخرج الى ممارسة رياضتنا الصباحيه من الهروله والتمارين السويديه في بارك آزادي القريب من بيت لطيف , ونحن نمارس الرياضه كنا نقوم بتنظيف حدائق المتنزه من جمع القناني البلاستيكيه المرميه على عشب الحديقه ورميها في الأماكن المخصصه لها .. لقد كان لطيف نظيفا بكل شيئ .. وكان يحب أن يرى السليمانيه نظيفة , لأنه كان يشعر بأن السليمانيه هي بيته الكبير ونظافتها من واجبه وواجب كل أنسان يعيش فيها, وكان ينتقد الأشخاص الذين يذهبون في سفره عائليه الى الحدائق ويتركون مخلفاتهم على العشب الجميل ويغادرون رغم وجود أماكن جمع النفايات قربهم . في أحد المرات , حكى لي موقف حصل معه في السوق الكبير .. حيث كان يتسوق فأذا بأمرأة مع زوجها ترمي قطعة ورقة في الشارع فما كان من لطيف ألا أن نبهها بأن بقربها صندوق قمامة يمكنها رمي الورقة فيها بدلا من رميها بالشارع ..وبالفعل قام زوج المرأه بألتقاط الورقه من الأرض ووضعها في القمامه ... لقد كان لطيف نظيفا بكل شيئ بأخلاقه , بتصرفه, بأدبه , بحديثه, بجلوسه , وقيامه, بملبسه , بصداقته ..وبكل ما يخطر ببال السائل .

كان لطيف كما عرفته في زيارتي الأولى ينهض مبكرا ليهيئ مائدة الفطور ويكون قبلها قد أعدد الشاي المهيل ..وبعدها نخرج انا وهو الى مخبر (الصمون) القريب من بيته لشراء صمون المصنوع من الشوفان لأنه صحي ولايؤثر على الذي يعاني من مرض السكر وأنه في نفس الوقت أطيب من الصمون العادي ..ثم نرجع ونجلس الى المائده ومعنا زوجاتنا ونتناول الفطور بين الحديث الممتع والضحك النابع من القلب . ثم نخرج للتجول .



أنا ولطيف في سفرة لبحيرة سد دوكان

تجولنا أنا ولطيف ومعنا زوجاتنا في الكثير من الأماكن في السليمانيه في أسواقها ومطاعمها وسفوح جبالها ومدينة ألعابها حتى أننا قمنا بسفره الى منطقة الدوكان الجميله وأستمتعنا بجمالية المكان والمناظر الخلابه المحيطه بالسد وقضينا وقتا ممتعا هناك .

... نعم لقد كانت زيارتي الثانيه جميله أيضا كسابقتها رغم قصرها . وفي كل مرة عند رجوعنا من تجوالنا اليومي في المدينه , نجلس أنا ولطيف في شرفة البيت لنكمل سهرتنا المسائيه بأن يشرب هو قدح من العرق وأنا كنت اشرب البيره .. ونحن نشرب والحديث عن ايام زمان يكون حاضرا بذكرياته الجميله , كيف كنا نسير مجموعات ومجموعات بين أزقة منطقة كراج الأمانه النظيفه والأحاديث المختلفه والنقاشات الهادئه وخاصة عن كرة القدم التي تكون حاضره دائما . كان الحديث عن كرة القدم له حصة الأسد في احديثنا لأنها كانت الوسيله الوحيده والمسليه التي كنا نملكها وقتها .

في زيارتي الثانيه كانت السليمانيه أجمل وأجمل حيث أوجدت فيها الشوارع الجديده بتبليطها وسعتها , والعمارات السكنيه الحديث ذو الطوابق المتعدده منتشره فيها وهي مزوده بنظام ألكتروني لفتح بوابتها وكذلك وجود سيطرة عند مدخل كل مجمع سكني للتأكد من القادم هل هو من سكنة المجمع أم زائر... أستمتعت أنا وزوجتي بهذه الرحله الجميله كثيرا, وتعرفنا على عوائل أبناء لطيف وبناته وأخوات زوجته أثناء الزيارات التي كنا نقوم بها وكانت جميعا لطيفة ومرحبه بقدومنا والجلوس معنا والتحدث ثم تناول العشاء معهم , وعن نفسي أنا قررت في زيارت السلمانيه مرة ثانية .

كان لطيف في رحلتي هذه قد أرسى نظام جميل في عائلته بعد أن تزوجوا كل أولده وبناته وأصبح لديهم أطفال , وهذا النظام أن يكون كل يوم أربعاء من الأسبوع تجمع لكل العائله في بيت أحد أعضاء العائله , وسار هذا النظام بأنتظام جميل وكانت العائله بكل أفرادها تجتمع مع بعضهم وتكون سهرة جميله تتخلها الأحادث الجميله والأكل الجماعي والتسامر بين الضحك والتسليه ومداعبة الأحفاد, وتمتد الجلسه الى أخر الليل وبعدها يذهب كل عائله الى بيتها وهم سعداء ..هذا ما نقله لي لطيف في أحاديثه ..وأنا كنت دائما أسأله اين السهر هذا الأسبوع ؟ وعندما يكون الدور على عائلته كان يجهز كل شيئ مسبقا وكان يساعد زوجته في التحضري من شراء الحاجات وتنظيف البيت وترتيب اماكن الجلوس وأماكن لعب الأحفاد , وفي اليوم الثاني يقوم بسرد الأحداث لي , وكنت أفرح كثيرا للهذا اللقاء العائلي .



بنكي هذا هو لقبها ...حفيدة لطيف الجميله

منيتي قبل عائلتي
في أحدى ايام أحاديثنا , كنا نتكلم عن أحد اصدقائنا الأعزاء (يرجان) والملقب (أبو ليلى) والذي يسكن الأن في لوس أنجلوس في أمريكا وكان قد فقد أبنه الشاب بعمر 27 سنه أثر حادث مؤسف, ومدى الآلم الذي ألم به والمعانات التي عاناها وخاصة وأنه أصيب بجلطة مما سبب له شلل نصفي جعلته يمشي بعكازة لمدة طويله, والحمد لله قد تعافى الأن منها وعادت صحته كما في السابق رغم أن ألم فراق أبنه لازال ساكنا قلبه... ونحن نتحدث عن ذلك وبلسان واحد قلنا (الله لا يشوفنا موت أولادنا , ويا رب تكون منيتنا قبلهم) قلناها في وقت واحد كأنما كل منا قراء أفكار الأخر وقد تحقق للطيف مطلبه ورحل .

في أحدى أحاديثنا اليوميه , داعبني لطيف مداعبة غير جميله وقال سوف يأتي يوم ويكتبون على قبري هنا يرقد حجي عبد اللطيف رضا , انتفضت بقوه وقلت بغضب لا تقول هذا الكلام أبدا وصرخت به أزعل منك أذا كررتها ..ونزلت الدموع من عيني لا أراديا .. وقلت له هذه ليست مزحه جميله ابدا أرجوك لا تقولها ثانية وعاتبته كثيرا عليها , لأني لم أتصور أن يحدث هذا الشيئ ابدا.

وفاة لطيف
اليوم كان الثلاثاء 27/أيلول/2022 كانت هناك عدة مباريات كرة القدم للبطوله الأوربية وكعادتي كنت أطلب من لطيف كل مرة أن يتوقع الفائز من المبارايات , وكنت قد قررت أن أتصل به كالعادة كل يوم وأستطلع رايه عن المباراة , ولكن قبل الأتصال في ذلك اليوم فتحت صفحة (الفيس بوك) لأتصفحهها وأقرأ ما موجود فيها ...وأذا أتفأجأ بخبر وفاة لطيف ...لم أفهم أول الأمر الخبر ولم أميز ما كتب فيه ..أعدت قرأته .. ومرة أخرى ..وأخرى من غير تصديق ... كيف ذلك وأنا البارحه قد أتصلت به عدة مرات وفي أوقات مختلفه ولم يكن هناك أي شيئ يقلق ولم يشكو لطيف من أي شيئ ..ماذا حدث أذا ؟ وكيف حدث ؟

بين مصدق ومكذب والدموع تملئ عيني أخذت الهاتف وأتصلت برقمه ولم أحصل على الجواب ..نزلت الى المطبخ حيث كانت زوجتي تعد الفطور , قلت لها لطيف مات ..تفاجأت وصرخت ماذا ..ما الذي تقوله ..قلت أنه مكتوب في صفحة (الفيس بوك) ..وطلبت منها الأتصال بزوجة لطيف باسمه , وبعد عدة محاولات تمكنا من الأتصال وكانت أبنة أخت زوجة لطيف وأخبرتنا بان زوجة لطيف لا تستطيع بالتحدث وطلبت منها أي كان من أبنائه , وجائني صوت أبنه روند وبالحرف الواحد قال ( أبويه راح كاكه سركون) قلت كيف؟ قال جلطه قلبيه , ولم أستطيع الأستفسار كيف ولماذا لأن الوضع لم يكن يسمح بذلك والعائله منهاره جميعها.الشيئ الذي عرفته أنه دفن في نفس اليوم , وبعد مرور ثلاثة أيام عاودت الأتصال وتحدثت مع زوجته العزيزة باسمه وحكت لي التفاصيل ... أنه نهض كعادته في الصباح مبكرا وهيئ الفطور والشاي لكي يفطر مع زوجته واذا به يشعر بأن وريدا في ظهره تشنج , فطلب من باسمه أن تدلك ظهره قليلا ..فقالت له أذا لم تشعر بأرتياح دعني أأخذك الى المستشفى ولكنه قال أنه تشنج بسيط وسوف يزول ... وبعد لحظه قصيرة جدا سمعته فقط يقول (آخ....آخ) وسقط على الأرض من غير حراك , قمت بالأتصال بابني وأخبرته بأن والده سقط ولم يتحرك فما كان من أبنه ألا الأتصال فورا بالأسعاف ونقله الى المستشفى وهناك قد فارق الحياة .هذا ما نقلته زوجته لي .

ثم أتصلت بأبنه لمعرفة ما حصل بالمستشفى : قال عند وصولنا للمستشفى كان قلب والدي متوقف أعطوه أبرة أدرنالين ومن ثم صدمه كهربائيه وعلى اثرها رجع قلبه للخفقان , ولكن لمده قصيره وتوقف وأعيد تكرار الصدمه الكهربائيه وفعلا عاد القلب ثانية وقال الطبيب علينا الأنتظار لمدة 15 دقيقه لمعرفة أن القلب مستمر بالخفقان وبعدها نستطيع عمل عملية فتح القلب وأثناء فحص شرايين القلب كانت سليمه ماعدا الشريان الكبير كان منفجرا وأحدث نزيفا , وعندها طلب الدكتور منا أن نحضر 12 قنينة دم للعمليه.. وبعد ان جهزنا الدم , وأذا بالطبيب يخرج الينا بملابس والدي ويقول الله يرحمه لأن قلبه توقف قبل مضي 15 دقيقه .. وكانت هذه هي نهاية والدي ِ

 

الجمعه 30/9/2022
 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter