|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  13  / 2 / 2015                                                                                                                         أرشيف المقالات

 
 


 

تويتر ودار ابو سفيان

ادم مردوك

ما ان اصدرت شركة ابل برنامجها التشغيلي
IOS 8 لأجهزة الايفون حتى تعرضت للاتهامات من قبل شركة تويتر على اعتبار ان ابل تسببت بتحديث برنامجها التشغيلي لأجهزة الايفون الى خسارة موقع تويتر للتواصل الاجتماعي اربعة ملايين مشترك لان متصفح الايفون والمعروف باسم سفاري لا يدعم الوصول الى تويتر وهو ما افقد الاخيرة ثلاثة ملايين مشترك فيما كانت خسارة المليون الاخر بسبب استبدال اجهزتهم ونسيانهم كلمات المرور لحساباتهم ،ولعله يكون امر بسيط لكنه تسبب بكل هذه الخسائر، وليس ببعيد أيضا عن هذا الموضوع فقد سمعنا قبل فترة قليلة عن دعوات لمقاطعة متصفح غوغل لأنه أساء للإسلام بسماحهِ رفعَ فيلمٍ ٍ مسيءٍ للنبي محمد وهو ما كان قد يكلف غوغل لو تم الامر ملايين الدولارات، هذه الخسائر المالية سببها اشخاص فضلوا حرية الرأي والتعبير التي تجيز لمتصفحي العالم الافتراضي نشر ما يرغبون به من افكار وفق السياسات التي يتم وضعها من قبل الموقع فلا يحق لك الانتساب الى الموقع الا بعد الموافقة على تلك الشروط وهو ما يسمح لك باختيار نمط حياتك وطريق طرحك لآرائك.

وفي العراق فقد يكون موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" على موعد مع تسجيل انخفاض في اعداد مشتركيه داخل العراق فالقضاء العراقي الذي انجز كل ما عليه من قوانين وحل جميع المشاكل القانونية وخصوصاً القوانين الخلافية أبى ان يجلس من دون العمل ليُقدم على اعتبار الفيسبوك احدى وسائل الاعلام التي تخضع لقوانين حرية النشر المفروضة على الوسائل الاعلامية كالصحف والمجلات وكذلك الاذاعات والمحطات التلفزيونية وجعل من السب والشتم و القذف والتشهير ظرفاً مشدداً يحاسب عليها القانون في حال اقدم من تضرر من هذا الفعل وهم في الغالب السياسيين واصحاب القرار الى تقديم شكوى مع اخذ الدليل الذي يكون عبارة عن صورة "هوم سكرين" للموقع مع الدليل او صورة تلتقط لشتيمتك عن طريق الموبايل وطابعتها حتى يصبح من اقدم على ابداء رأيه تحت طائلة القانون، كل تلك الامور وان كانت غير منطقية في بلد نجد فيه السخط وعدم الرضى في كل مرفق من مرافق الحياة وحتى في منازل المواطنين كذلك تسمع اصوات الشتيمة تعلو بسبب عدم وجود الكهرباء او بسبب قلة الوظائف او لأسباب عديدة اكتفى المواطن البسيط من تجرع مرارتها حتى اصبح لا يتحمل كبت الامور في داخله وكما يقول المثل الأمريكي الغضب ريح قوية تطفى مصباح العقل ليصبح الانترنت متنفسه الاول والاخير في عيش حياة افتراضية يحاول ربطها بالواقع، ولعل بعض الاشخاص الذين جعلوا من الفيسبوك مرآة لواقعهم فهم ينشرون صوراً او يذكرون كل شيء يفعلونه في يومهم من الصباح الى المساء وحتى البعض منهم يشارك أصدقاءه مشاكله وهمومه، اما الفئة الثانية من المشتركين في الفيسبوك فنجدهم منشغلين بما يدور في البلاد من امور سياسية وامنية وحتى اجتماعية فقد عمل الفيسبوك على احتواء اراء الناس ومشاعرهم ومواقفهم اتجاه القضايا بل وان اشخاص كثر كان الفيسبوك محطة لايصال اصواتهم لعرض الحيف الذي تعرضوا له وامور كثيرة يطول شرحها لما يمثله الفيسبوك للعراقيين تحديداً، فاغلب المشتركين في هذا الموقع يكون سبب اشتراكهم التواصل مع الاخرين غير ان الفرد العراقي فاشتراكه جاء للهروب من المواقع الاليم الذي يعيشه من وضع امني غير مستقر وضعف في الخدمات وقلة في الحقوق الاساسية التي من المفترض ان تكون متوفرة له ليلجئ الى الفيسبوك كي ينسى واقعه ويعيش تجربة من الحرية المفقودة في الواقع، فبمجرد ما يدخل حتى يشارك في منشور ينتقد فيه احد المسؤولين عن ضعفه في تقديم الخدمات او مشاركة منشور لصديقه يكشف فيه حالة فساد لاحد المتنفذين، او يقوم من باب الدعابة بالحديث عن موضوع سياسي، هذه الاشياء من الان وصاعداً ستكون غير موجودة ايضاً فالقضاء سيعاقب على السب والشتم والتهجم والتشهير حتى وان كان ضمنياً وليس بصورة مباشرة، قرارٌ اقل ما يقال فيه انه جاء لرعاية مشاعر السياسيين واصحاب القرار فلا يحق لاي فرد ان يتهم مسؤول بالفساد بعد الان، ولا يحق لاي شخص ان يتهجم على احد المسؤولين لانه تكاسل في عمله، ولا ولا ولا.... فـــ الاـــ هي وحدها ما ستجيبك عن طلبك النشر وستذكرنا بالعهود السابقة التي مر بها العراقييون عندما كانوا يتخوفون من ذكر اسم الرئيس خوفاً من الاعدام،اذا هو تقييد اولي لحرية التعبير سيتبع فيما بعد بقيود اكبر واكثر، لكن يبقى ما هو غامض في الموضوع كيف سيتعامل القضاء مع أمن صفحات الاشخاص في الفيسبوك فالجميع يعلم امكانية سرقة الصفحة ونشر ما ترغب به من قضايا،ومن سيحاسب في حال تهجم سارق الصفحة على احد وهل سيتم اعتماد صاحب الصفحة هو المسؤول عن ما ينشر فيها حتى ما اذا كانت مسروقة؟، وهل من مسؤولية كل فرد تأمين صفحته، بالاضافة الى كيفية التعامل مع الصفحات التي تحمل اسماء مستعارة (وردة البياض، سونيرتا.....) (كرستيانو، مجنون ميسي....) والكثير الكثير من الصفحات التي تحمل اسماءاً مستعارة، ثم ان ذلك الامر يجعل من مسؤولية هيئة الاعلام والاتصالات متابعة موقع الفيسبوك ولعل الامر قد يصل الى منعه من العمل اذا لم يدفع تكالف رخصة فتح في العراق، ولكن اكبر المستفيدين من هذا الاجراء هم اصحاب المولدات فكثرة الشاتمين لهم في الفيسبوك لاسيما مع قرب فصل الصيف سيجعل منهم محاميين اكثر مما هم اصحاب مولدات، لكن ما تناساه القانون هو انه شمل الفيسبوك فقط بوضعه تحت طائلة القانون ولم يذكر موقع تويتر فيحق لكل فرد ان ينهال شتماً على اي احد في موقع تويتر من دون تسجيل ذلك عليه فهو امن، وقد يعيد هذا الامر بعضاً من مشتركي تويتر الذين فقدهم بسبب الايفون، فيبقى تويتر كدار ابي سفيان.


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter