|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  12  / 11 / 2020                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

ولد الاسلام وولدت ازمته معه

عبد الفتاح علي رضا
(موقع الناس)

أي فكر بما فيه الفكر الديني عندما لا يستطيع مواكبة التطورات التي تحدث في الواقع ويعجز ايضا من تقديم الأجوبة والحلول التي تطرحها الحياة على الصعيد الأجتماعي والسياسي والأقتصادي فهذا يعني أن هذا الفكر في أزمة ، وهذه الأزمة تكون أشد عندما يحاول معتنقو هذا الفكر وبأصرار عجيب أن يثبتوا على أن فكرهم أو معتقدهم هو الأفضل وانه صالح لكل زمان ومكان .

إن هذا التوصيف ينطبق على معتنقي الدين الأسلامي.

إننا لو تتبعنا الدين الأسلامي منذ بداياته سنجد أنه فشل فشلا ذريعا في إقناع أهل قريش بالدين الجديد وأن محمدا نبي مرسل من ألله ، وهذا ما جعل محمد أن يشعر بأحباط شديد ويمر بأزمة نفسية عميقة لدرجة أنه فكر بالأقدام على الأنتحار حسب ما أوردته كتب التراث الأسلامي .

إن هذه الأزمة التي عصفت بمحمد جعلته يقرر مع نفسه على عدم تكرارها مستقبلا . بمعنى أنه يجب أن ينجح في تنفيذ مشروعه السياسي بشتى الطرق والأساليب بما في ذلك اللجوء الى إستعمال العنف وهذا ما حدث فعلا .عندما وجد محمد إن اسلوب الأقناع لم يعد يجدي نفعا لجأ الى استعمال السيف لأجبار الناس علي الدخول في دينه الجديد {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا}.ومن هنا بدأت ملامح أزمة الأسلام التي لازمته منذ ذلك الحين حتى وقتنا الحاضر.

ومن تجليات الأزمة التي يمر بها المسلمون أنهم على قناعة تامة من أنهم خير امة أخرجت للناس وأنهم هم الأعلون وعليه فأن دينهم هو الأفضل والأحسن ويجب أن يسود العالم لأنه رسالة الله الأخيرة الى البشرية .وهذه المسألة نراها واضحة أكثر عند الشيعة الأمامية الذين يعتقدون من أن الأمام المهدي عند ظهوره سيجعل الأسلام يعم العالم كله . إن خطورة هذه القناعة انها تجعل الأسلام والمسلمين في حالة صدام مباشر مع جميع باقي الأديان والمعتقدات .

إن اغلب التنظيمات الأسلامية إن لم يكن جميعها تروّج لمقولة أن الأسلام دين ودولة ، ولكن خلال مسيرة الأسلام منذ 1400 سنة ولحد الأن يمكن تلمس فشل هذه المقولة .على الصعيد الديني نرى إن الجانب الحسي يطغى على الجانب الروحي .ان طقوس العبادة في الأسلام روتينية بحته وبعيدة كل البعد عن الجانب الروحي .عندما ولى عمر بن الخطاب سلمان الفارسي على المدائن شكاه ناسها إلى عمر من أن سلمان الفارسي لا يؤمهم في صلاة الجماعة ، فأستدعاه عمر وسأله عن صحة ما يقوله الناس بحقه فأجاب نعم لأن صلاة الجماعة تفسد عليّ حالة التأمل التي اعيشها . إن الصوفية عند ظهورها ركزت كثيرا على الجانب الروحي في عبادتها لله لذلك ظن الكثير ومنهم السلطة إنهم لا يلتزمون بأركان الأسلام واعتبروهم مارقين ومارسوا بحقهم كل انواع العنف والتعذيب وقصة الحلاج معروفة للجميع عن كيفية صلبه وقتله .

لو ألقينا نظرة فاحصة على ما ينتظره المسلم المؤمن في يوم القيامة ودخوله الجنة لوجدنا أنها بعيدة كل البعد عن الأحساس الروحي ويغلب عليها الجانب الحسي من حيث التمتع بالملذات التي حرم المسلم نفسه منها في الحياة من شرب الخمرة والتمتع بالنساء ومنشغلين بفتح بكارة الحور العين {إن اصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون}.وهذا يمكن إعتباره من تجليات ازمة الأسلام .

اما عن كون الأسلام هو دولة فأن تاريخ الأسلام يثبت لنا بما لا يقبل أي شك فشله في تقديم نموذج للحكم والدولة يحتذى به قديما كان أو حديثا ، والمسلمون يعون ذلك جيدا وهذا ما يجعلهم في حالة يأس وأزمة .

إن فكرة الأسلام هو الأفضل والأحسن متجذرة في عقول المسلمين رغم الواقع المرير الذي يعيشونه ولا يستطيعون الخلاص منها ، لذلك نراهم لا يتقبلون أبدا مبدأ الأختلاف في الرأي والرأي ألأخر . وهذا يمكن تلمسه بشكل جلي في سلوك المسلمين الذين يعيشون في اوربا حيث يصعب عليهم تقبل الفكر العلماني الذي من أهم مبادءه حرية الراي والتعبير بأي وسيلة كانت . ولهذا السبب بالذات نرى بعض المسلمين يقدمون على إرتكاب ابشع الجرائم بحق كل من ينتقد الأسلام ورموزه وخاصة المس بشخصية النبي محمد . وهذا دليل ساطع على الأزمة التي يمر بها الأسلام والمسلمين.

إن الخروج من هذه الأزمة التي تعصف بالأسلام والمسلمين ليس بالأمر السهل ، والسبب الرئيسي هو تحالف السلطة الدينية مع السلطة المستبدة وإصرارهم على عدم اصلاح الفكر الديني.

نعم إن الأسلام في أزمة ولدت معه




 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter