|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  11  / 8 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

حيدر العبادي .. خطوة للأصلاح أم الغاء التوافق

عبدالله كوفلي  *
kuvileabdelah@yahoo.co.uk

نتيجة للسياسات الخاطئة التي كانت تنتهجها الانظمة التي حكمت دولة العراق منذ تأسيسها الى عام (2003) و التي باتت نقطة تحول في النظام السياسي العراقي من دكتاتورية بكل ما تعنيه الكلمة من مدلولات الى ديمقراطية منشودة التي كانت حلماً لمن يريد الخير لها و لكن ديمقراطية العراق اختلفت عن الديمقراطيات الاخرى لكونها ديمقراطية توافقية بحيث لا يكون للأغلبية الانتخابية حق حصر كل السلطات بيدها و إنما يشاركها المكونات الأخرى , و هذا النظام التوافقي كانت خطوة جريئة في حينها لبناء عراق ديمقراطي تعددي اتحادي إلا أنها حملت معها الكثير من السلبيات و أبرزها الترشيح على أساس قومي او مذهبي لتولي المناصب دون الاهتمام بالكفاءة و الخبرة فأفرزت مشاكل واحدة تلو الأخرى حتى اصبحت المناصب السيادية مسجلة و منحصرة لمذهب او قومية معينة و ارضاءً للبقية فأصبح لكل منصب مجموعة من النواب دون عمل و باختصار ان التوافق السياسي كانت الركيزة الاساسية لبناء الحكومات السابقة من جانب و لكنها في الوقت نفسه السبب الرئيسي لما آلت اليه العراق من دمار و قتل و انعدام الخدمات و أثقلت كاهل المواطن المغلوب على أمره ...

و في خطوة جريئة لم يسبق لها مثيل استقدم (حيدر العبادي) الى الغاء مناصب نوابه و نواب رئيس الجمهورية و تقليل عدد الحراس و قرارات أخرى يشم رائحة و ضع حد للفساد المستشري و لمعاناة المواطن العراقي و أنها بداية الاصلاح على الرغم من صعوبته فأنه بالاتجاه الصحيح و أعلنت أكثرية الكتل النيابية و السلطات دعمها له و لكن هذا الموقف يحمل بين طياته الكثير من التساؤلات منها :

- ان خطوة رئيس الوزراء جاءت بعد استلام الضوء الاخضر من المرجعية الشيعية و بدعم منها و على اثره جاء دعم اغلبية الكتل النيابية الشيعية و هذا خير دليل على ان المرجعية هي التي تحكم العراق من وراء الستار .

- ان الغاء هذه المناصب هي بداية لأنتهاء ما بني العراق عليه خلال العقد المنصرم من التوافق السياسي بين مكونات الشعب العراقي و ان أثبتت فشلها في قيادة العراق الى بر الأمان ...

- ان لم يكن هذه القرارات بالتوافق مع المكونات الاخرى فسيدخل العراق في نفق مظلم يكاد لا ترى نهايته ان لم تكن نهاية دولة العراق لأن عدم مشاركة أي مكون في القرار السياسي للبلد سيكون لها موقف لأنها اصبحت على يقين بأن من يتمسك بالسلطة سيتفرد بالقرارات و هذا ما نرى عواقبها من تمدد الجماعات الارهابية في المناطق السنية التي كانت مشاركتها في ادارة دفة الحكم شبه معدومة .

- ان مباركة و دعم أقليم كوردستان لمثل هذه القرارات لا تعني عدم وجود تحفظات عليه و ان جل اهتمامها يصب في تحسين ظروفه الامنية و السياسية و الخدمية و اعادة ترتيب البيت الكوردستانى و مواجهة داعش و ان هذه القرارات لا تعني لها الشيء الكثير لأن هذه القرارات جاءت بهدف الترشيق و عدم هدر المال العام في الوقت الذي قرر العبادي نفسه قطع قوت المواطن الكوردستاني بقطع الميزانية و الرواتب بمبررات و حجج واهية لفترة طويلة .

- ان كانت هذه القرارات تصب في صالح المواطن العراقي و محاربة الفساد و من أجل تقديم الأفضل فانها ستزيد الطين بلة لأن العبادي كان صاحب الاقتراح الى المالكي عندما كان رئيساً للوزراء بقطع ميزانية الأقليم و رواتب الموظفين عندما كان رئيساً للجنة المالية النيابية و استمر على نهجه لحد الآن و هذا دليل ان قراراته لا تصب في صالح المواطن اكثر مما يكون أستجابة لطلب المرجعية و جهات اخرى .

- ان هذه الحزمة من الأصلاحات جاءت لإرضاء الشارع العراقي (الشيعي) الملتهب و سكب الماء على حماسه و إلا ان العراق السني قد تظاهر لفترات طويلة دون ان تلقى حكومة العبادي بالاً لمطالبها .

- ان قراراته تعني تفرد المكون الشيعي للسلطة في العراق باسلوب لا يختلف عن حكم سابقيه فان وجود كوردي كرئيس جمهورية لا يخرج من اطار صلاحياته التشريفاتية و رئيس مجلس النواب السني لا يغير من المعادلة بشيء .

 

* ماجستير قانون دولي

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter